رغم مرور أكثر من 60 عاماً على إنتاجها وإذاعتها للمرة الأولى في بداية الخمسينيات،  تبقى {رمضان جانا} لعبد المطلب أحد معالم الشهر الكريم، وفشلت أي أغنية أخرى في أن يكون لها التأثير نفسه أو الارتباط ذاته برمضان، وهي من كلمات حسين طنطاوي، ألحان محمود الشريف، وقد تقاضى عبد المطلب عنها مبلغ ستة جنيهات. في الأساس رشح المطرب أحمد عبد القادر لغنائها قبل أن تذهب إلى عبدالمطلب.

Ad

رغم تطور الآلات الموسيقية وأدوات تصوير الكليب في الأغاني الحديثة التي أنتجت في السنوات الأخيرة، مثل {تيجوا نصوم} لتامر حسني و{وحوي يا وحوي مرحب رمضان} لمحمد منير، و{هلال رمضان} و{رمضان رمضان ظهر هل هلاله وبان} لإيهاب توفيق،  فإنها لم تفرض سيطرتها على الأعمال القديمة التي ما زالت في الصدارة.

اللافت أن المحطات الفضائية والإذاعات، على اختلافها، تعرض الأغاني الرمضانية القديمة أكثر من الأغاني الحديثة، وتصمم كليبات مختلفة لها للعرض على الشاشة.

ارتباط بالقديم

إيمان البحر درويش الذي قدم أغاني دينية ورمضانية، يعزو  تفوق الأغاني القديمة إلى ارتباط الجمهور بالألحان والكلمات التي استمع إليها في طفولته، مشيراً إلى أنها تحرك مشاعر الطفولة والصبا وترتبط بذكريات جميلة، ويزداد الحنين إليها في ظل التطور التكنولوجي والانشغال بالعمل الذي أصبح يسيطر على نواحي الحياة.

يضيف أن الظروف في الماضي  كانت جيدة وتساعد على الإبداع من خلال توافر مناخ جيد للعمل والبحث عن الجديد باستمرار لتقديمه، مؤكداً ضرورة  تقديم مزيد من الأغاني التي تناسب الشهر الكريم بعيداً عن الاستعجال والاستسهال، والتركيز في مضمون العمل المقدم أو الطرق التي تؤدي إلى تطور مثل هذه الأغاني.

الموسيقار محمد سلطان، رئيس جمعية المؤلفين والملحنين، يرى أن استمرار الأغاني الرمضانية القديمة في الأذهان، يعود إلى اهتمام صناعها بجودة الكلمات والألحان، فيما يقدم صناع الأغاني في الفترة الحالية أعمالا هدفها تحقيق مكاسب مالية وشهرة.

يضيف أن التقصير  ليس في الأغاني الرمضانية فحسب، إنما في الأغاني الدينية لعدم وجود جهة محددة مسؤولة عن تلك الأعمال، على غرار تلك التي كانت موجودة داخل اتحاد الإذاعة والتلفزيون الذي كان ينتج أغاني رمضانية قديمة وأغاني مناسبات، سواء وطنية أو دينية، لافتاً إلى أن التلفزيون المصري، في الماضي، أنتج أغاني المناسبات التي ما زالت تذاع  حتى الآن.

ضمير وفكر

يرى الملحن حلمي بكر أن «رمضان جانا» و{وحوي يا وحوي» لا يمكن تكرارهما بسهولة، لأن صناعهما كانوا يعملون، فضلاً عن تمتعهم بالموهبة، بضمير وفكر كبيرين، وحب واقتناع، بعيداً عن الطمع والتركيز على المقابل المادي.

يضيف أن القيمين على الأغاني اليوم  يهتمون بتقديم أغانٍ في ألبوم تجاري قبل بداية شهر رمضان، لرفع الأجر والغناء في داخل الخيم الرمضانية التي يتعاقد القيمون عليها مع مطربين أصحاب أغانٍ رمضانية حديثة، لذا يركز المطربون الشباب في تسويق الأغاني قبل تسجيلها، وفي العائد المادي من دون التفكير في طريقة الأداء أو اختيار لحن مميز بعيداً عن المألوف.

بدوره يشير الناقد الفني كمال القاضي إلى أن الأعمال الفنية المرتبطة بمناسبة دينية لها مكانة خاصة لدى العرب، لافتاً إلى أن أغاني عبدالمطلب وأحمد عبدالقادر وعبدالعزيز محمود تعيد إليهم الذكريات القديمة والحنين إلى الماضي حتى وإن لم يكن هذا الماضي جميلاً.

يضيف: «ثمة فقر في أغاني المناسبات، عموماً، واقتصار المتميز منها على الأغاني القديمة، لا شك في أن محاولات المطربين المعاصرين المستمرة لتقليد الأعمال القديمة، تعتبر أحد  أهم الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الأغاني الرمضانية الحديثة  وتخرجها ممسوخة».