أكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق زعيم ائتلاف الوطنية العراقية أياد علاوي أمس في حوار مع «الجريدة» أن الكتل السياسية العراقية متفقة على عدم منح رئيس الحكومة نوري المالكي ولاية ثالثة، منتقداً التدخل الإيراني في العراق ومعتبراً أن طهران لا تقدر الخصوصيات العراقية.

Ad

 واعتبر علاوي أن الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها آخر الشهر الجاري ستكون مفصلية للعراق والمنطقة، مضيفاً أنه تم استبعاد 39 مرشحاً بينهم وزير ورئيس مجلس محافظة من ائتلاف الوطنية العراقية الذي يتزعمه بـ«حجج واهية»، ورد على الاتهامات الموجهة إليه بأنه رجل السعودية في العراق، بالقول إنه يفتخر بعلاقاته مع السعودية وكل الدول العربية.

وفيما يلي نص الحوار:

• كيف ترى خريطة انتخابات العراق 2014؟

- بشكل عام، هناك جوانب ايجابية وأخرى سلبية وثالثة خطيرة على العملية الانتخابية هذه المرة، فايجابيا أجدها أفضل من المرات السابقة، فالكيانات التي بنيت على أسس طائفية في السابق بدأت الآن تتغير بشكل واضح، فعلى سبيل المثال التحالف الوطني اليوم نرى تيارا كبيرا منه أصبح خارج التشكيل الطائفي عمليا، كذلك في قائمة العراقية هناك من اتجه إلى محور طائفي آخر، ونحن نرى انه لا يتناسب مع المرحلة الحالية التي هي بأمس الحاجة إلى تجميع العراقيين تحت مظلة وطنية واحدة بغض النظر عن انتماءاتهم وعقائدهم، أيضا هناك متغيرات تطرأ على الوضع الكردي الآن.

وفي ما يخص الجوانب السلبية لخريطة الانتخابات فهي تتركز في فوضى الترشح، في حين أن الترشح يعني أن للمرشح قاعدة جماهيرية ورؤية ثاقبة وبرنامجا واضحا يخاطب به ناخبيه، بينما أصبح الترشح اليوم من أجل تحقيق مصالح ذاتية، مثلما رأينا تغييرا سريعا للولاءات في المجلس الحالي لقسم ضئيل من البرلمانيين بناء على مصالح شخصية ضيقة.

أما الخطورة على خريطة الانتخابات العراقية اليوم فتكمن في بقايا قوانين مسيسة نافذة للأسف، مع وجود إجراءات قضائية، وهي جزء من قضاء مسيس سيطرت عليه السلطة التنفيذية، ولهذا نرى أنه تم استبعاد 39 مرشحا من ائتلاف الوطنية العراقية بحجج واهية لا وجود لها، والجزء الأكبر منهم استبعد بحجة ان عليهم شكوى من شخص ما، فهم يكلفون أحدا ما ليشتكي على احد المرشحين فيتم استبعاده، فقد استبعدوا عناصر مهمة جدا من قائمتي بينهم وزير وآخر كان رئيس مجلس محافظة، ونجح بـ65 ألف صوت في الانتخابات السابقة في الناصرية، وهو موظف مهم في وزارة العدل، ولم يجتثوه من الوزارة لكنهم اجتثوه من قائمتي، وهذا اعتبره خطرا كبيرا جدا على مستقبل العملية السياسية، لأن عملية اجتثاث البعث ستستمر للأجيال القادمة، لكني متفائل وأؤكد ان الكتل السياسية متفقة على عدم الفوز بولاية ثالثة لرئيس الحكومة نوري المالكي، وأؤكد ايضا ان هذه الانتخابات مفصلية لأنها ستحدد الرؤية المستقبلية ليس للعراق فقط بل للمنطقة.

• كيف ندفع المواطن العراقي للإقدام على التصويت، في وقت نجده يسخر من النخب السياسية؟

- للأسف، المواطن العراقي لم ير من الديمقراطية إلا التزييف والتزوير والقتل والدمار، والضحك على الذقون، وكان ذلك واضحا في انتخابات 2010، حيث لا يؤخذ برأي الشعب العراقي الذي انتخب قائمة العراقية، التي منعت من ممارسة حقها الدستوري المتمثل في تشكيل الحكومة خلال شهر ونصف، وإن لم تستطع يكلف رئيس الجمهورية جهة أخرى بتشكيل الحكومة.

ومن جانب آخر تشهد بعض محافظات العراق قمعا وصراعا مريرا ومعارك عسكرية وحملات مداهمة واسعة في الأنبار وديالى، والمحافظات الأخرى تعاني نقصا حادا في الخدمات، وبالتالي هذا يؤثر على ذهاب المواطن العراقي لصناديق الاقتراع، والشيء الوحيد الذي نراه هو حث المرجعية الدينية في النجف المواطنين على الاقتراع، لأن العراق بحاجة ماسة إلى التغيير.

• هناك اتهامات بأنك رجل السعودية في العراق، وأنك بعثي الهوى فما قولك؟

- أعتقد ان الإنسان المفلس هو الذي يكيل الاتهامات الباطلة للآخرين، وما نراه الآن هو إفلاس خُلقي قبل كل شيء، وإفلاس سياسي وديني لمن يدعون الإسلام والدين، فالاتهامات تطلق لمجرد الاختلاف في الرأي، ولتقليص فرص الآخر، فهم مثلا يتهمونني بأنني بعثي ويتناسون أن البعث حاول اغتيالي، والحادثة مشهورة ومعروفة لدى الجميع.

أما الاتهام الثاني بأنني رجل السعودية فأنا أؤكد أن لي علاقات طيبة أفتخر بها مع السعودية ومع كل دول الوطن العربي، والجهتان اللتان لا أملك أي علاقات معهما هما إسرائيل وإيران، والغريب في الامر ان جماعة رئيس الوزراء نوري المالكي الذين يتهمونني بعلاقتي الطيبة مع العرب وبأنني رجل السعودية هم أنفسهم يطلبون من أميركا ودول عربية أخرى التوسط مع السعودية لتكوين علاقات جيدة معها، لذا هم لا يمتلكون الخلق السياسي ولا الخلق العام ولا خلق الإسلام فهم يصلون إلى حد الابتذال بذلك.

وأنا الآن أمتلك وثيقة تنص على أن هناك شخصا عراقيا يعيش في الخارج تم استدعاؤه من قبل مسؤولين عراقيين للعراق لتدبير عملية اغتيالي، وهو الآن قدم هذه الوثيقة للمحاكم العراقية، متهما بها المسؤولين لتدبير عملية الاغتيال خلال زيارتي لمحافظة معينة، لذا فهم ليسوا جادين في بناء ديمقراطية حقيقية، أو اتخاذ إجراءات تهدف للاستقرار في البلاد، أو ضمان نزاهة وسلامة الانتخابات.

• ماذا عن التدخل الخارجي في العراق؟

- إيران مستمرة في مسلسل تدخلها بالعراق دون أدنى تقدير لخصوصية العراق أو الانتخابات وسلامتها، وقد أبلغت السفير الإيراني بذلك في العراق، وطلبت منه أن يوجه حكامه في طهران النصح لأصدقاء إيران وحلفائها من حكام العراق بأن يعملوا على تعبئة الجماهير ومصالحتها لكي تقف مع الحكومة وهي تقود العمل ضد الإرهابيين، وأن تضع قواعد واضحة للاشتباك، وهي تشبه التدخل الجراحي الطبي الذي يذهب مباشرة على مكان العلة بعينها، والموجود هو استفزاز للجماهير بسبب النهج الطائفي السياسي في البلاد بدلا من التدخلات السافرة على كل المستويات وكل المراحل، وبعد ذلك سمعت وعرفت أن التدخلات زادت أكثر من ذلك، واتحفظ عن الافصاح أكثر بتفاصيل تلك التدخلات.

• ماذا عن المجتمع الدولي ودوره في ما يجري بالعراق؟

- للأسف، نرى أن هناك ازدواجية في المواقف والمعايير بالنسبة لأميركا، فمثلا عندما حدثت تظاهرات في مصر في 25 يناير، والتي طالبت بإسقاط الرئيس مبارك، وجدنا ذلك السيل من البيانات والتصريحات الأميركية تبارك وتدعم تلك التظاهرات، وبالتبعية بقية دول أوروبا.

أما في فبراير 2011 فخرجت كل محافظات العراق في تظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة ومحاربة الفساد والطائفية، لكن أميركا وأوروبا لم تحرك ساكنا، ولم تتحدث عن ذلك مطلقا، الأمر الذي يثير تساؤلات كثيرة.

وأنا هنا أثمن دور مصر البطولي والرائد في محاربة الإسلام السياسي خلال سنة واحدة، أما في العراق فلا أحد يتحدث عما يجري هناك، لا المجتمع الإقليمي ولا المجتمع الدولي الذي لهم الفضل في مجيء حكومة المالكي.