صنع في أميركا!

نشر في 12-08-2014
آخر تحديث 12-08-2014 | 00:01
 د. حسن عبدالله جوهر  لماذا بدأ الجيش الأميركي بضرب «داعش» في العراق موخراً إذا كان هذا التنظيم ربيبها وصنيعها؟ الجواب عن ذلك يتمثل بالغباء الأميركي في تقدير الحاضنة الاجتماعية والمذهبية لـ«داعش» الذي استقطب الكثير من الشباب حول العالم العربي، والتأييد الشعبي في العديد من الحواضر العربية له، وسرعة امتداد هذا التيار المدجج بالسلاح، الأمر الذي بدأ يقلق الأميركيين.

هل نبالغ عندما نقول إن التنظيمات الدينية المسلحة الجديدة ذات التوجه التكفيري صنيعة صهيو-أميركية؟ وهل نتجنى على هذه الجماعات المتطرفة عندما نصفها بالإرهابية؟ وهل نتهم بالسطحية والاستسلام لتبريرات نظرية المؤامرة عندما نربط أنشطة هذه القوات المرتزقة وأهدافها بالاستكبار العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة؟

هذه جملة من التحليلات والارتباطات السببية التي ذكرناها بخصوص تنظيم "داعش" وإخوته في مقالات سابقة، وكان البعض يشطاط غضباً وينتصر لهؤلاء الإرهابيين انطلاقاً من الفزعة المذهبية أو تقديساً للمظهر الخارجي للعناصر التكفيرية كاللحى الكثيفة والملابس الرثة والكنى القديمة.

وقد بدأت بعض خيوط المؤامرة الأميركية ودورها الرسمي والمباشر في إنشاء "داعش" والتنسيق مع زعاماته سياسياً واستخبارتياً تنكشف يوماً بعد يوم، حيث أعلن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وهو أحد العقول المدبرة للسياسة الأميركية، في مؤتمر صحافي معلن عام 2006 قاصداً الشعوب العربية: "سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا ثم نجعلهم يقومون بالثورات فيتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية"، ويختم كبير الجاسوسية الأميركية جيمس وولسي بالقول: "ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر".

الأسلحة الأميركية والإسرائيلية الحديثة في ترسانة "داعش" والتمويل الأميركي عبر شراء النفط المسروق ونقاط انطلاق جيوش "داعش" المتمركزة في الدول الحليفة للولايات المتحدة مثل تركيا والأردن والخليج علامات بارزة على الداعشية الأميركية، وتشويه سمعة الإسلام من خلال القتل والتشريد وسبي النساء وهدم المساجد مقابل الفتوى بحرمة الجهاد في فلسطين أكبر خدمة للأميركيين والصهاينة.

سؤال مشروع يطرحه أنصار "داعش" وأنصار السياسة الأميركية: لماذا بدأ الجيش الأميركي بضرب "داعش" في العراق موخراً إذا كان هذا التنظيم ربيبها وصنيعها؟ الجواب عن ذلك يتمثل بالغباء الأميركي في تقدير الحاضنة الاجتماعية والمذهبية لـ"داعش" الذي استقطب الكثير من الشباب حول العالم العربي، والتأييد الشعبي في العديد من الحواضر العربية له، وسرعة امتداد هذا التيار المدجج بالسلاح، الأمر الذي بدأ يقلق الأميركيين خصوصاً بعد توجيه البوصلة "الداعشية" إلى مناطق ذات أهمية قصوى لواشنطن مثل كردستان العراق والأردن ولبنان والسعودية.

ما البأس إذاً، في ضرب الولايات المتحدة "داعش" الآن مثلما فعلت مع "طالبان" في أفغانستان و"القاعدة" في اليمن للدخول عبر بوابة الإنسانية كالمنقذ للعرب وسط تهليل وترحيب الشعوب المغلوب على أمرها؟!

back to top