تقدم المسلحون الذين ينتمون إلى «داعش» وفصائل إسلامية وقومية وبعثية متحالفة معه أمس باتجاه بغداد، حيث خاضوا معارك عنيفة في بعقوبة التي تبعد 60 كيلومتراً عن العاصمة، كما سيطر المسلحون على معبر القائم مع سورية، وسط معارك اندلعت على طول الشريط الحدودي الذي يفصل بين العراق وسورية.  

Ad

شهدت مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى (شمال شرق) أمس معارك طاحنة، أظهرت تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) المدعوم من تنظيمات سنية جهادية ومسلحين ينتمون إلى العشائر وآخرين قوميين وبعثيين من العاصمة بغداد، في إطار التهديد الذي وجهه «داعش» باقتحام العاصمة لـ«تصفية الحساب» مع حكومة نوري المالكي.  

وسيطر مسلحون عدة ساعات على ثلاثة أحياء بينها المفرق، في مدينة بعقوبة التي لا تبعد سوى 60 كلم عن شمال شرق بغداد. وقتل المسلحون 44 شخصا بالرصاص، معظمهم من رجال الأمن داخل مقر للشرطة وسط بعقوبة خلال تعرضها لاقتحام استمر عدة ساعات من قبل المسلحين.

مصفاة بيجي

في السياق، قال مسؤولون في مصفاة بيجي أكبر مصافي النفط العراقية أمس، إن المصفاة التي تقع في محافظة صلاح الدين (وسط) التي يسيطر المسلحون على أجزاء واسعة منها، أغلقت وتم إجلاء العمال الأجانب منها، مضيفين أن العمال المحليين باقون في مواقعهم، وأن الجيش مازال يسيطر على المنشأة.

وقال كبير مهندسي المصفاة مشترطا عدم نشر اسمه «بسبب هجمات بالمورتر في الفترة الأخيرة قررت إدارة المصفاة إجلاء العمال الأجانب من أجل سلامتهم، وأيضا غلق وحدات الإنتاج بالكامل لتفادي الأضرار واسعة النطاق التي قد تنجم».

المعابر تتساقط

وبعد سيطرتهم على أجزاء واسعة من قضاء تلعفر المحاذي للحدود السورية في محافظة نينوى أمس الأول، اندلعت أمس معارك عنيفة على طول الشريط الحدودي في المناطق الحدودية مع سورية، حيث تمكن المسلحون من السيطرة على معبر القائم الحدودي الرسمي مع سورية، والواقع في محافظة الأنبار (غرب) بعد انسحاب الجيش والشرطة منه، علماً أن عناصر «الجيش السوري الحر» المعارض لنظام الرئيس السوري بشار الأسد يسيطرون منذ أشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال.

يذكر أن معبر ربيعة الرسمي الحدودي بين العراق وسورية والواقع في محافظة نينوى شمال البلاد يخضع حاليا لسيطرة قوات البيشمركة الكردية بعد انسحاب القوات الحكومية العراقية منه.

ولم تعد الحكومة المركزية في بغداد تسيطر إلا على معبر واحد مع سورية التي تشترك مع العراق في حدود تمتد نحو 600 كلم، هو معبر الوليد والواقع أيضا في محافظة الأنبار قرب الحدود مع الأردن.

بغداد تحمّل الرياض

وفي تطور خطير، حمّلت الحكومة العراقية السعودية أمس مسؤولية الأحداث الأخيرة والدعم المادي الذي تحصل عليه «الجماعات الإرهابية» وجرائمها التي رأت أنها تصل الى حد «الإبادة الجماعية» في العراق.

وقال مجلس الوزراء العراقي في بيان، إنه لاحظ «موقفا وحيدا مستغربا يصدر من مجلس الوزراء السعودي، وإننا ندين بشدة هذا الموقف الذي نعتبره ليس فقط تدخلا في الشأن الداخلي، وإنما يدل على نوع من المهادنة للإرهاب».

ورأت أنه «على الحكومة السعودية أن تتحمل مسؤولية ما يحصل من جرائم خطيرة من قبل هذه الجماعات الإرهابية، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في هذا المجال، وستتابع الحكومة العراقية ذلك بما يتوافق مع قواعد القانون الدولي»، معتبرة أن «محاولة إضفاء صفة الثوار على هذه الجماعات من قبل وسائل إعلام تابعة للحكومة السعودية، تعد إساءة بالغة لكل ما هو ثوري ومحاولة لشرعنة الجرائم التي تقوم بها هذه المجموعات والتي هي ليست خافية على أحد في كل مكان حلت به».

كما دعت بغداد الحكومة السعودية الى «ضرورة التركيز على وضعها الداخلي ومراعاة عدم التهميش والإقصاء في بلدها، فهي أحرى بهذه النصيحة من العراق الذي تدور فيه عملية ديمقراطية وانتخابات حرة شهد العالم بنزاهتها».

وكانت السعودية اتهمت أمس الأول، في أول تعليق رسمي على الأحداث الأمنية الأخيرة في العراق، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بدفع بلده نحو الهاوية بسبب اعتماده سياسة «إقصاء» العرب السُّنة، مطالبة بـ»الإسراع» في تشكيل حكومة وفاق وطني.

المالكي والشهرستاني

في السياق، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس، إن الزحف على مقاتلي «داعش» قد بدأ، متوعداً خصومه من التنظيم وأيضاً خصومه السياسيين بـ»بحر الرجال».

ونقل تلفزيون العراقية الرسمي عن المالكي قوله: «إن الإرهابيين الدواعش ليس لهم مفر أمام زحف هذه الحشود التي لبّت نداء المرجعية الدينية العليا في الجهاد الكفائي»، لافتا إلى أن «هذه الجموع المؤمنة بوحدة العراق بزحفها الجهادي سوف تسد عليهم منافذ الهزيمة، إلى أين يفرون».

وأضاف أن «هذه المؤامرة السوداء التي حيكت في الموصل يجب أن نصبغها بدماء الخونة، وأن الانتكاسة حصلت في نينوى لكنها لم تستمر، وهناك بحر من الرجال سيزحف لإنهاء هذا الموقف».

وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى أنه «تمت معرفة المؤامرة في أي دولة تمت، وعرفنا الخونة من السياسيين والضباط، وسنكشفها وسنعمل على تطهير العراق من هؤلاء... بعض السياسيين يشمتون إذا قتل جندي وإذا حصل تفجير».

إلى ذلك، أشار نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني إلى أن عدد المتطوعين لحمل السلاح ضد تنظيم «داعش» تجاوز المليونين، مضيفا أن «المعركة لا أحد يعرف متى ستنتهي لكننا سننتصر، وعلينا عدم الانتباه للدعايات المضادة والتقنين في استخدام المحروقات والكهرباء والمواد الغذائية، كما أن القوات العراقية في أحسن أحوالها، وهي قادرة على الانتصار».

متطوعون إيرانيون

تطوع نحو 5 آلاف إيراني للدفاع عن الأماكن المقدسة الشيعية في العراق أمام زحف الجهاديين.

وأفاد موقع تبناكنيوز أن النداء وجهته منظمة «المقر العام الشعبي للمدافعين عن المقامات الشيعية»، ويمكن للمتطوعين تسجيل أنفسهم على موقع حريمشيعة دوت أورغ.

وكتب الموقع الأخير «يتم تنظيم المسجلين في وحدات، وفي حال أعطى المرشد الأعلى علي خامنئي الأمر، فسيتجهون الى العراق للدفاع عن الأماكن المقدسة». ويضم العراق الكثير من الأماكن المقدسة لدى الشيعة في النجف وكربلاء جنوبي بغداد وسامراء الى شمالها.

واشنطن

إلى ذلك، أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء أمس الأول أعضاء الكونغرس أن 275 جندياً أميركياً هم الآن بصدد الانتشار في العراق، لحماية سفارة الولايات المتحدة في بغداد والمواطنين الأميركيين الموجودين فيها. يأتي ذلك في الوقت الذي اجتمع فيه أوباما وفريق الأمن القومي، لبحث خيارات التدخل في العراق.

وقال أوباما في رسالته إلى المشرعين: «سترسل هذه القوة بغرض حماية المواطنين الأميركيين والممتلكات الأميركية إذا اقتضت الضرورة وهي مجهزة للقتال»، مضيفا «ستبقى هذه القوة في العراق حتى يتحسن الوضع الأمني ولا تكون هناك حاجة إليها»، وقال الرئيس إنه يخطر الكونغرس بذلك بموجب قرار سلطات الحرب. يأتي ذلك في حين قال البيت الأبيض إن الرئيس أوباما اجتمع مع فريقه لشؤون الأمن القومي لمناقشة الخطر على العراق من المسلحين.

وذكرت مصادر مسؤولة عدة لشبكة «سي إن إن» الإخبارية أن من بين خيارات أوباما المطروحة طلعات تجسس جوية بطائرات من دون طيار، والتركيز على جمع معلومات استخباراتية، بجانب توجيه ضربة جوية.

الحكومة على الرف

على المستوى السياسي قالت صحيفة «المدى» العراقية، نقلا عن مصدر في التحالف الوطني إنه لم يعد منشغلا بتشكيل الحكومة، لأنه منهمك بدراسة تشكيل «قيادة جماعية» لإدارة الأزمة الأمنية الحالية، بينما تمسك التيار الصدري بضرورة الإسراع في عقد الجلسة الأولى للبرلمان.

ويلزم الدستور رئيس الجمهورية بدعوة البرلمان الجديد إلى الانعقاد بعد 15 يوما من المصادقة على نتائج الانتخابات مع إمكانية تمديد هذه الدعوة مرة واحدة. وكانت المحكمة الدستورية العليا أعلنت أمس الأول المصادقة على النتائج باستثناء 4 نواب.

(بغداد - أ ف ب،

د ب أ، رويترز)

بريمر يدعو أوباما إلى إرسال قوات للعراق

دعا المبعوث الأميركي السابق للعراق بول بريمر امس الى إرسال قوات أميركية خاصة لدحر مليشيات «داعش» المسلحة في العراق، ووصف الانسحاب الأميركي من العراق في عام 2011 بـ»الخطأ الخطير».

ووجه بريمر الحاكم الأميركي الذي ترأس سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق عقب العملية العسكرية التي اسقطت نظام صدام حسين عام 2003، انتقادات لاذعة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما لسحبه كافة القوات الأميركية من العراق دون إبقاء وحدات هناك للحفاظ على استقرار المنطقة، مضيفاً أن غياب التواجد الأميركي وضع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في «موقف مستحيل» للسيطرة على المليشيات المسلحة. وشدد بريمر في حوار على شبكة «سي أن أن» الاخبارية الأميركية على ضرورة إرسال قوات أميركية للعراق للتعامل مع مستجدات الوضع هناك قائلا: «نحن بحاجة للابتعاد عن فكرة عدم إرسال قوات على الأرض، علينا وضع قوات خاصة ومراقبين استخباراتيين، وضباط لتحديد الهجمات، وأشخاص لتحديد الأهداف داخل تلك المدن لتقصفها الطائرات بدون طيار»، وتابع: «لا يمكن السيطرة على مدينة بواسطة طائرات مقاتلة». ولدى سؤاله: «بعد خسارة 4490 شخصا في الحرب العراقية وتكلفة قدرها 1.7 مليار دولار، كيف يمكن الدعوة لتعريض المزيد من الأرواح لخطر محتمل في ذلك البلد؟»، رد بريمر: «لأنها مصالحنا»، وأضاف: «لا يمكننا السماح لأسوأ جماعة إرهابية باتخاذ قاعدة دعم في دولة فاشلة»، محذرا من «توسع رقعة اضطرابات العراق لتمتد إلى حلفائنا بالمنطقة».