النفاق عادة ذميمة وقديمة، فمنذ بداية الإسلام والمنافقون هم أشد من الأعداء، لأنهم يعيشون بيننا، ويبرر البعض من الناس بأنها تصنع البهجة لدى الناس، خصوصاً ضعاف النفوس الذين يحبون التملق، كما أن هذه الظاهرة لا توجد إلا في المجتمعات التي غابت فيها القيم، وتقهقرت فيها مقاييس العمل الجاد، لتحل محلها "قيم" التزلف والتقرب، وعلى وجه الدقة قيم النفاق والتلون، وغياب الموضوعية، وتحكم المحسوبية في العمل العام، وشيوع الغش والتضليل وفساد الذمم.

Ad

يقول أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور محمد أبوشامة: النفاق من أشد عوامل الهدم لأي مجتمع إذا تفشت فيه، فالنفاق هو أن يعلن المرء عكس ما يبطنه قال تعالى: "وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ" (البقرة: 14)، والنفاق من أمراض القلوب، لأن القلوب ينتابها نوعان من المرض، مرض الشبهات، ومرض الشهوات، كما أن الإسلام يركز في تعاليمه على بناء الإنسان ليكون مؤهلاً لبناء حضارة، ومن أهم هذه التعاليم الصدق قولاً وعملاً، لأن الصدق من الصفات الحميدة ونبذ النفاق والمنافقين، وقال الله تعالى في كتابه الكريم "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا" (النساء: 145)، والقرآن حذر من النفاق، وبين أن عاقبته سيئة وهو مهلكة له، ولمن يتعامل معه، ذلك أن أثره السيئ يعود عليهم جميعاً، فهو موصل إلى الفجور، والموبقات والتصرفات المرذولة في الحياة الدنيا ثم بعد ذلك طريق يقود صاحبه إلى النار في الآخرة.

ويشير الدكتور شامة إلى أن النفاق في الشرع ينقسم إلى قسمين، النفاق الأصغر، والنفاق الأكبر، أما الأكبر فهو الذي يظهر فيه الإنسان إيمانه بالله ورسله وملائكته، لأغراض شخصية، وهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة، وهذه الفئة من المنافقين التي ظهرت في عهد الرسول، أما النفاق الأصغر مثل الكذب والرياء الذي أبتليت به الأمة، حتى أصبح النفاق ذكاء اجتماعياً، والتزلف والتقرب إلى أصحاب السلطة والسلطان كياسة، والكذب وسيلة مشروعة لوصول المرء إلى ما يبتغيه، وقد اشترط الله على أصحاب النفاق الأصغر التوبة وإصلاح ما أفسدوه، وأن يخلصوا دينهم لله.