بعد الاجتماع التنسيقي الذي عُقِد مساء أمس الأول بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» لبحث موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بدا أن التيار الذي يتزعمه ميشال عون بات الرقم الصعب في موضوع التشكيل، وأنه الوحيد القادر على عرقلة ولادة الحكومة، في حين تؤكد أوساط الرئيس ميشال سليمان أن الأخير مستعد تماماً لإعلان حكومة حياديين إذا اقتضت الحاجة، أو إعلان حكومة أمر واقع من الأحزاب الموافقة على التشكيل.

Ad

في هذا السياق، أكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» (التيار الوطني) نبيل نقولا أمس أن «التيار يرفض أن يُفرَض عليه حقائب ووزراء دون أن يكون له حق الاعتراض»، مضيفاً: «هناك عملية إقصاء للشريحة الكبرى من المسيحيين، وإن أرادوا تأليف حكومة من دوننا فليفعلوا، ولكننا لا نقبل أن يأخذونا على عجالة».

وقال نقولا: «الرئيس المكلف تمام سلام لم يتشاور مع الجنرال عون مدة 10 أشهر»، مضيفاً: «الحكومة ستبقى 3 أشهر، ولذلك لا أفهم ما هو المطلوب من المداورة سوى تأخير مشاريع التيار الوطني الحر في الوزارات التي بحوزته، إلا إذا كان هناك نية أن تحل هذه الحكومة مكان رئيس الجمهورية»، مشدداً على «ضرورة أن يكون التيار الوطني الحر فاعلا داخل الحكومة». في المقابل، أشار نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل إلى أنه «إذا لم تتألف الحكومة حسب الاتفاقات من الآن خلال 3 أيام فرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالتعاون مع رئيس الحكومة المكلف تمام سلام سيصدران مراسيم الحكومة بالطريقة التي تناسب البلد»، مشددا على «أننا لا نستطيع إبقاء ملف الحكومة معلقا من أجل شخص او حقيبة ما». واعتبر منسق عام تيار «المستقبل» في الجنوب ناصر حمود أن «آمال تشكيل حكومة 8-8-8 تراجعت، وأن الأمور تتجه اكثر لحكومة مستقلين غير حزبية «، معتبراً أن «هناك توزيع أدوار بين حزب الله وعون»، أما مصادر «المستقبل» فقد رمت «كرة التشكيل» في «ملعب قوى 8 آذار» معتبرة أن عون هو من يعرقل الحكومة.

في سياق آخر، حذّر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري زعيم تيار «المستقبل» اللبنانيين عموما والسُّنة خصوصا من «الدعوات المشبوهة التي تطلب زج لبنان في حروب مرفوضة ومدانة»، لافتا إلى أن «اللبنانيين وأبناء الطائفة السنية منهم يرفضون أن يكونوا جزءا من اي حرب في لبنان او المنطقة بين حزب الله والقاعدة».

وفي تصريح له، لفت الحريري إلى أن «اللبنانيين وأبناء الطائفة السنية منهم يرفضون ان يصبح المدنيون هدفا لهذه الحرب المجنونة وتداعياتها على الوحدة الوطنية والإسلامية»، مشيرا إلى أن «الدعوات المشبوهة التي تطلقها قوى متطرفة بات مثبتا ارتباطها بالنظام القاتل بدمشق لا تهدف الا لنقل الحريق الى لبنان خدمة لهذا النظام». وأضاف أن «كل لبناني عاقل ووطني من أي طائفة كان سيرفض الانجرار خلف الدعوات الساقطة بمقدار ما يرفض حرب حزب الله في سورية».

في سياق آخر، أعلنت «جبهة النصرة في لبنان» أمس أنها و»كتائب عبدالله عزام»، قصفتا بلدة الهرمل شرق لبنان بسبعة صواريخ.

وقالت الجبهة، في حسابها على «تويتر»، إن «سرايا مروان حديد التابعة لكتائب عبدالله عزام، وجبهة النصرة في لبنان، تعلن عن غزوة قصف الهرمل بسبعة صواريخ غراد حققت هدفها ولله الحمد».

وأضافت أن «عملياتنا مستمرة بإذن الله في استهداف المشروع الصفوي وذراعه في سورية ولبنان حزب إيران (في إشارة إلى حزب الله) ليتحقق مطلبان، وهما، خروج عناصر (حزب الله) من سورية، وإطلاق سراح أسرى أهل السنة من السجون اللبنانية الظالمة وخاصة سجن رومية».

في غضون ذلك، أعلن المدعو أبوسياف الأنصاري من مدينة طرابلس في تسجيل صوتي مبايعته لأبي بكر البغدادي أمير تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). وبعد أن وصف الجيش اللبناني بـ»الجيش الصليبي»، دعا أبناء المؤسسة العسكرية من الطائفة السنية إلى أن «يتوبوا إلى الله». كما دعا إلى انتظار ما سيصدر عن الناطق باسم التنظيم في لبنان أبوعمر المهاجر.

هل تعب بري؟

في عام 2004، أطلق الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط زعيم الحزب «التقدمي الاشتراكي» في مقابلة تلفزيونية مقولته الشهيرة: «زبال في نيويورك ولا زعيم وطني في لبنان»، معبراً عن ضيق صدره من السياسة اللبنانية ومتاعبها. بعد هذا التصريح بـ10 سنوات، لا يزال وليد جنبلاط في موقعه السياسي كمرجعية لحزبه ومناصريه الذين يشكلون أغلبية داخل الطائفة الدرزية وكلاعب أساسي في المشهد السياسي اللبناني.  

ويبدو أن اليأس والملل والتعب من اللعبة السياسية اللبنانية المكلفة، بدأ يتسلل إلى مهندس التسويات، السياسي المحنك نبيه بري، رئيس مجلس النواب منذ 22 عاماً، والذي يعتبر على نطاق واسع خبيراً في «تدوير الزوايا» وفي تذليل المستحيلات والتوصل الى صيغ ترضي جميع الأطراف، فقد قال بري في تصريحات صحافية نشرت أمس: «ما أحسن الحياة من دون سياسة»، مضيفاً في تعليق على الجهود الأخيرة التي يقوم بها من أجل تأليف حكومة جديدة: «قدمت كل ما في استطاعتي أن أفعل، وأديت عسكريتي».

وبالرغم من أن تصريحات بري مرهونة بموضوع الحكومة الجديدة، فإنها قد تعبر عما يختلج في صدر زعيم حركة «أمل»، وذلك قبل شهور من انتخابات تشريعية يبدو مجرد إجرائها ضرباً من المستحيل في ظل الأوضاع المتشابكة التي تعيشها البلاد، ولكن يبقى السؤال: هل يجرؤ أحد على تصور مجلس نيابي لبناني من دون بري رئيساً له؟