اختتم المؤتمر العربي– الإفريقي الأربعاء الماضي أعماله بنجاح، وبإطلاق "إعلان الكويت" للتعاون بين العرب والأفارقة، ذلك التعاون الذي لم يجد طريقه بعد لإنجازات كبيرة منذ انطلاقه عام 1977، وإن كانت لبعض دول الخليج العربي إسهامات إنسانية لافتة في مجال دعم الشعوب الإفريقية منذ تفجر الثروة النفطية وتزايد عائداتها، خاصة دولة الكويت عبر صندوق التنمية الكويتي رسمياً، وكذلك أهلياً من خلال العمل الخيري الذي كان رمزه الراحل العم عبدالرحمن السميط رحمه الله.

Ad

المؤتمر كان ناجحاً برعاية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وموفقاً في اختيار شعاره "شركاء في التنمية والاستثمار"، وهنا لبّ الموضوع وخلاصة المؤتمر، فالتنمية والرفاه للإنسان العربي والإفريقي هما مفتاح النجاح، وشركاء التنمية الناجحون يتفقون بعد ذلك على كل شيء لأن مصالحهم المشتركة لا يمكن أن يضروها أو يخربوها، فيتفقون لاحقاً على السياسي والأمني والدفاعي، ونحن في الكويت لدينا مصلحة حيوية بتعويض ندرة مصادر الغذاء والماء المتوفرة في إفريقيا، تلك القارة القريبة نسبياً إلينا، والتي مازالت بكراً تنتظر الكثير من الاستثمارات والعمل التنموي.

فمنذ اندلاع الثورة السورية وتضرر طرق المواصلات التي تمر عبر أراضيها من لبنان وتركيا ومشاكل العراق الأمنية المستمرة، ونحن في الكويت نعاني نقص الإمدادات الزراعية والغذائية وغلاء أسعارها وتردي نوعياتها، وهو نموذج بسيط لما قد يحدث لوضعنا الغذائي لو وقع نزاع أكبر في إقليم الشام الكبرى وتوقفت الإمدادات الغذائية، بينما يتهدد المصدر الغذائي الآخر لنا في آسيا بالنمو السكاني الهائل في جنوب شرق آسيا، الذي يزداد استهلاكه لإنتاجه الزراعي، وهو ما يستلزم أن نفكر جدياً في مصادر ثابتة للإنتاج الزراعي والمواد الغذائية من إفريقيا، وخاصة السودان ودول شرق القارة، كما فعلت المملكة العربية السعودية باستئجار أراضٍ زراعية في السودان.

في مجلس الأمة المبطل الأول تقدم النائب السابق محمد الصقر باقتراح لإنشاء محفظة مالية مليارية للأمن الغذائي الوطني تشرف عليها هيئة الاستثمار الكويتية، يتم من خلالها تأسيس شركات تستأجر الأراضي الزراعية في إفريقيا، وتنشئ وحدات للتصنيع الزراعي في الكويت وخارجها، مع إنشاء خطوط نقل بحري وجوي ثابتة بين البلاد ودول إفريقية لنقل المحاصيل الزراعية إلى الكويت، وهو بالتأكيد اقتراح مهم وحيوي يجب اليوم أن تتبناه هيئة الاستثمار بعد أن دشنت الكويت عبر مقررات المؤتمر الإفريقي- العربي مرحلة جديدة من التعاون بينهما، يجب أن تتحول إلى عمل فعلي على الأرض، وبلا شك فإن الأمن الغذائي للكويت وخلق صناعة جديدة للمواد الغذائية في البلد هدف مهم ممكن تحقيقه، وسيسجل إنجازاً وطنياً وتاريخياً.