• مع حلول العاشر من ديسمبر ٢٠١٣، يكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد أطفأ ٦٥ شمعة من عمره، حيث صدر في ١٩٤٨. ومع ذلك مازالت كرامة الإنسان وحقوقه مهدرة، متلاعباً بها، مقهورة، مستلبة، ومسحوقة الذات. ومن المقرر أن تقام الاحتفالات في أنحاء العالم بالمناسبة، أملاً في أن يكون ذلك محفزاً لتعديل هذه الأوضاع البائسة. وفي هذا الإطار دعيت للمشاركة في مؤتمر دولي حواري تنظمه مفوضية شؤون اللاجئين الأممية في "قصر الأمم" بجنيف حول تفاقم مأساة المهجرين داخلياً، والتي تمثل معاناة اللاجئين السوريين آخر محطاتها المؤلمة.

Ad

• أغلب دول العالم، كبيرة كانت أو صغيرة، مازالت تتعامل مع حقوق الإنسان ضمن الإطار السياسي، تتحدث عن حقوق الإنسان واضطهاده لدى الدول الأخرى، لكن حالما تنتهك هي حقوق الناس يصبح الحديث تدخلاً في الشؤون الداخلية. ولا يختلف ذلك، في مجمله، أحد عن أحد، لا شرقاً ولا غرباً.

• وحالما تحدث انتكاسة سياسية، فالنتيجة معروفة، والمعاناة تتكرر، في بقاع العالم المختلفة، مشردون، ونازحون، وجثث متآكلة، وأشلاء لا حدود لها، دون رادع أو ضابط، بل إن المآسي صارت نقطة انطلاق لما هو أقسى وأشد.

• إلا أنه وفي ظل ما يبدو أنه ظلام دامس، وسكك مسدودة، فإن ملامح، وأقول ملامح فقط، لانفراجات قادمة، آخذة في التشكل. ففي 26 سبتمبر ٢٠١٣، مثلاً، انتهت المحكمة الجنائية الدولية المستقلة الخاصة بسيراليون من حكمها النهائي على أول رئيس دولة سابق الليبيري تشارلز تايلور، بالسجن خمسين سنة بجرائم ضد الإنسانية. 

• كذلك هناك تطور ملحوظ في آليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، كمجلس حقوق الإنسان والمراجعة الدورية الشاملة، والنمو الهائل للمنظمات غير الحكومية في حقوق الإنسان، وتحول حقوق الإنسان إلى علم ومعرفة ودراسة وتخصص. يضاف إلى ذلك زيادة الوعي بالقضايا الحقوقية.

• قد تبدو مسيرة ٦٥ عاماً بطيئة في تحقيق ما يصبو إليه "الإعلان"، وهذا صحيح، لكن علينا أن ندرك أنه لم يبدأ أي تحرك فعلي، إلا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، وبروز مدافعين غير مسيسين جادين عن حقوق الإنسان، وكان أحد مؤشراته، إعلان فيينا، والمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في يونيو ١٩٩٣، والذي مر عليه ٢٠ عاماً. الطريق طويل، والإنجازات بطيئة، لكنه الطريق الوحيد الذي يتعامل مع الناس بمنطق المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية، فلا مفر من السير فيه.