كما وعدت القارئ، أبدأ سلسلة مقالات ماذا يريد الشعب من الرئيس؟ وليعذرني القارئ فلن أسرد المشاكل والأزمات التي يعانيها المواطن (الأمن، الاستقرار، البطالة، غلاء، الأسعار... إلخ)، فكل ذلك امتلأت به صفحات الصحف ومقالات الكتّاب، واستهلكته برامج الفضائيات، ولكني سأتحدث عن القيم الأخلاقية والأدبية التي ينتظرها الشعب من الرئيس، فهي مفتاح كل القضايا وعلاج كل المشكلات التي عاناها الشعب في العقود الماضية.

Ad

السيد الرئيس؛ لا يطلب منك الشعب إلا الصدق والوضوح، ولكن لا تعتقد سهولة ذلك، فلا يوجد على مستوى العالم كله حاكم صادقٌ مع شعبه بنسبة 100% (وليست أكذوبة بوش مع شعبه حول العراق وأسلحة الدمار منا ببعيدة)، ونحن لا نطلب ذلك، فالكمال لله وحده، ولكن فقط نتمنى أن تتساوى نسبة الصدق في حديثك مع نتيجة الانتخابات المعلنة، وهذا يكفينا ويرضينا كشعب.

وإن كان الصدق مع الشعب صعباً على الحاكم بوجه عام فهو معك أصعب، فالشعب لم ينس بيانك الأول بعد الانقلاب، واستشهادك في حديثك بثلاثة رجال أنكروا جميعاً– للأسف- ما ذكرته، ولم تعقب أنت على ذلك، كما لم ينس حديثك– في البداية- حول عدم رغبتك في الرئاسة، وقول أكبر مساعديك "لسنا طلاب سلطة وإن تولينا المناصب فاعتبروا ما حدث انقلاباً".

 كل ذلك يذكره الشعب جيداً، ولم يمض الوقت الكافي لنسيانه، كما أن شعب 2014 لم يعد كشعب 2000، يمكن أن ينسى بسهولة؛ لذلك فهذا الأمر (الصدق) يتطلب منك مجهوداً مضاعفاً، أسأل الله أن يعينك عليه كي تسترد فعلاً وواقعاً الثقة الشعبية لا الثقة الإعلامية.

السيد الرئيس؛ يرتبط الصدق بالوضوح والمصارحة، فالشعب يريدك واضحاً صريحاً في خططك ومشروعاتك كي لا تحتاج إلى تفسير من أحد ممن حولك، فيشكل هؤلاء حاجزاً بينك وبين الشعب، بدعوى تفسير كلامك وشرح المقصود منه... اجعل حديثك مباشراً ولا تسمح بالوسطاء ومن يدعون القدرة على توصيل رسالتك، وما أكثرهم من حولك.

السيد الرئيس؛ لا تنسَ أنك ولأول مرة في تاريخ الانتخابات التنافسية التي ينجح فيها مرشح بدون برنامج محدد، فلا تعتقد أن حال الغموض هذه يمكن أن تستمر طويلاً، وكما ذكرت فشعب 2014 يختلف عن 2000، الشعب يريد برامج واضحة وخطوات محددة، وكذلك لن يقبل الشعب المصارحة بمبدأ "لا تقربوا الصلاة..." بل يتمنى أن تكون المصارحة كاملة وشاملة، فلا يجدي أن تقول "مفيش" ثم الصمت، ولا نتمنى أن تشرح للشعب لماذا "مفيش"؟ تفسر أين ذهبت مليارات الخليج والمساعدات الدولية منذ 3 يوليو؟ ولماذا "مفيش" لتحديد الحد الأدنى للأجور، ونشتري سيارات مدرعة للداخلية بمليار؟ ولماذا "مفيش" لصيانة محطات الكهرباء، وأكثر من مليار و200 ألف مصاريف الانتخابات، وما تبعها من حفلات ومهرجانات تنصيب؟

السيد الرئيس: "الصدق والوضوح" هما ما يريده الشعب المصري فهل تحقق له ما يريد؟ وفي الأسبوع القادم نكمل ماذا يريد الشعب؟