أحداث مباراة نهائي كأس سمو ولي العهد لم تكن محزنة لجماهير الكرة الكويتية عموماً والجمهور العرباوي خصوصاً فحسب، بل كشفت بعداً آخر للحالة الكسيحة في الكويت ومدى الخراب الذي بات يطرق كل باب، فمنذ فترة طويلة لم تشهد مباريات الكرة المحلية هذا الحضور الجماهيري الكبير الذي شهدته مدرجات نادي الكويت لمتابعة "كلاسيكو" الكرة الكويتية في قمة مميزة ومنافسة لا تقبل التعادل، وهذا بحد ذاته دليل على إمكانية بث الروح من جديد في رياضتنا شبه المشلولة، ولكن هذه الفرحة المرتقبة تحوّلت إلى هستيريا غاضبة وانتكاسة مجددة عندما أفسد طاقم التحكيم كل ما هو جميل في عالم الرياضة. الأخطاء التحكيمية واردة بطبيعة الحال لأن البشر خطاؤون، والحكام قد يخطئون في أهم المباريات العالمية والحساسة، وقد تكرر مراراً أن تسرق مباراة كلها بسبب هفوة واحدة فقط ليضيع جهد فريق بأكمله في جهد بيّن، كما حدث في نهائي كأس العالم عام 1990 عندما أهدى الحكم ضربة جزاء لمنتخب ألمانيا على حساب الأرجنتين في الدقيقة 90 من المباراة!

Ad

ولكن ما حدث في مباراة العربي والقادسية أمر يفوق الأخطاء التحكيمية، حيث كان فضيحة مستمرة وممنهجة منذ الشوط الأول وحتى بعد صافرة النهاية، إذ قضي على فريق العربي بكامل لاعبيه معنوياً بشكل ظالم، ولست بصدد سرد الأخطاء القاتلة لطاقم التحكيم الذي أجمع عليها النقاد والمحللون الرياضيون والجماهير على كل المستويات في سابقة قل نظيرها في تاريخ الكرة الكويتية.

نادي القادسية الذي يتربع على عرش البطولات الكروية في جميع المسابقات لا يحتاج إلى فوز مسروق، وأنصار هذا الفريق العريق، خصوصاً من لاعبيه المخضرمين السابقين، كانوا حقيقة فرساناً في الروح الرياضية وأوفياء لبلدهم عندما أجمعوا بدورهم على سوء التحكيم ضد خصمهم اللدود، في بادرة مشرفة يُشكَرون عليها لوأد فتنة كروية أخرى تضاف إلى مسلسل الفتن التي مزقتنا ككويتيين في كل شيء.

حكامنا الوطنيون، مع الأسف، وضعوا أنفسهم في موقف حرج للغاية، ولا يتحمل حكم الساحة تلك المسؤولية وحده رغم أن اللوم الأكبر عليه ولكن مساعديه أيضاً لم يكونوا بالمستوى المطلوب ولم يكلفوا أنفسهم عناء تقديم النصيحة رغم مؤشرات ضياع المباراة أمام أعينهم مبكراً، وهذا المستوى من التحكيم لا يختلف عن الحالة الرديئة للرياضة برمتها، وأفضل دليل على ذلك غياب منتخبنا الوطني في المسابقات القارية والدولية، معه غياب حكامنا عن تلك المحافل، فرحم الله أيام حكامنا العالميين مثل سعد كميل ومساعده حسين شعبان في مونديال كأس العالم!

وأخيراً، فإن مباراة العربي والقادسية يجب أن نقيّمها في إطار الأزمة الرياضية الممتدة منذ عشر سنوات وتحولت إلى كرة تتدحرج بين أقدام الاستقطابات السياسية على ملعب النكد والإخفاق والفساد الرياضي، وإلا لماذا لم تقم تلك المباراة، التي خربها سوء التحكيم أمام مرأى ووجود القيادة السياسية، على استاد جابر الرياضي؟!