رصاصة الرحمة

نشر في 10-04-2014
آخر تحديث 10-04-2014 | 00:01
 مسفر الدوسري متى يستحق الحب رصاصة الرّحمة ؟! برأيي يستحق الحب ذلك عندما يصبح أحد الحبيبين من إرث القسمة والنصيب! كل العلاقات الإنسانية يمكن أن تكون ضمن الأسماء المذكورة في ورقة حصر إرث القسمة والنصيب، ما عدا الحب! الحب هو العلاقة الإنسانية الوحيدة التي لا يرد اسمها أبداً في تلك الورقة، أقرباؤنا... أبناؤنا... أزواجنا، جميع من حولنا هم بشكل أو بآخر من بيت القسمة والنصيب، إلاّ الحب، عندما ينتسب لهذا البيت يُعاب في نسبه!

عندما يصبح أحد الحبيبين نصيب الآخر من توزيع تركة القسمة والنصيب، هذا يعني أن أحد الطرفين أقل كثيراً من جمال الحلم!

هذا يعني أن أحد الطرفين الجالسين كمتقاعدين على كرسي خشبي في حديقة عامة يطعمان الحمام يقول في نفسه: لست كما أتمنى، ولكني أفضل مما خشيت ! ذاك هو الرضا بالقسمة والنصيب، ولكنه ليس الحب، الحب هو أن يطعمهما الحمام! أن يصبّ في أفواههما ماء الهديل!

الرضا بالقسمة والنصيب: سقفٌ أدنى كثيرا من أن يتسع لنظرة عصفور، الرضا بالقسمة والنصيب هي الإيمان بفلسفة الكفاف، وبستر الحاجة، هي الإيمان بأن القليل يغني عن الكثير، على عكس الحب الذي يؤمن أن الكثير لا يكفي... وأن الكثير لا يستر عورة شوق... ولا يرفأ جرح خيبة، ولا يطفئ نار آهة. الحب لا يكتفي، فكيف يعيش بالقسمة والنصيب؟!

كثيرٌ منّا حفظ تعاليم ذات الكتاب ونفّذها حرفياً، كتاب «تعلّم كيف تكتشف حبيبك بعد أن تحبه»!

كثير منا سلّم قلبه مبكراً إلى شخص لم يعرفه جيداً! وبعد أن نرتبط به، نبدأ باكتشافه، قسمٌ منّا سيرى أنه نال مكافأته الكبرى في الدنيا، وهؤلاء هم فقط من سيبقون في بيت الحب، أما أولئك الذين يرون أنهم دفعوا قلوبهم ثمناً لحبيب لا يستحق، وأولئك الذين يرون أنهم ظُلِموا بما نالوا، سينقسمون إلى قسمين، قسم الذين رضوا بالقسمة والنصيب، وقسم الذين حاولوا التمرد! الحب لا يمكن أن يتنفّس إلاّ في بيت الحب!

لم يكن الحبيب في أحلامنا إلا كما رسمت صورته قلوبنا كما تشتهيها. لم يكن الحبيب المخبأ تحت وسائد أمانينا إلاّ ما كتبناه في دفتر خيالنا. لم يكن الحبيب إلاّ من أحببنا.

حتى وإن اختلفنا نحن والواقع في رسم ملامحه، إلا أننا في النهاية لن نرضى بأقل من جوهره، لن نحب شخصاً ليس فيه شيء على الإطلاق مما رسمناه، ومما كتبناه!

الذين اكتشفوا أن القدر منحهم أحباباً على قدر أمنياتهم وربما أكثر، هم وحدهم الذين لديهم فرصة أن يكملوا حب العمر إن هم أحسنوا العيش به، هم وحدهم لديهم فرصة أن ينتموا إلى فئة الشاكرين نعمة الحب.

إحساس رائع أن تكتشف مع مرور العمر أنك أُكُرِمت بمن تحب، كلما تقدم بك الزمن اكتشفت ميزة أخرى فيمن تحب تستحق العادة، ذلك هو الإكسير الذي يطيل عمر الحب! كيف لإحساسٍ كهذا يتشابه واحساس الرضا بالقسمة والنصيب؟!

back to top