تحدي الصحف والمجلات!

نشر في 29-01-2014
آخر تحديث 29-01-2014 | 00:01
 طالب الرفاعي ربما كان التخصص، والجرائد والمجلات المتخصصة، أحد أهم الحلول المطروحة لبقاء الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية، ففي زمن ثورة المعلومات، ومواقع الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، ما عاد أحد ينتظر بلهفة أخبار الجرائد المحروقة، وليس من فئة من الناس تنتظر بشغف الجرائد الأسبوعية لتعرف منها خفايا المشهد السياسي والعسكري والاجتماعي والاقتصادي والفكري والثقافي والفني والرياضي. فوسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً «تويتر-twitter» و»الفيس بوك-facebook»، إضافة إلى محطات التلفزيون الإخبارية، جعلت من أخبار الجرائد والمجلات الأسبوعية، أخباراً مكشوفة دون طعم أو لون، مما يشكل مأزقاً كبيراً للصحافة اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية، ويضعها وجها لوجه أمام تحدي الموت أو الحياة.

إن مواكبة روح العصر المتجددة، يجبر كل ذي صنعة على أن يفكر بضخ دماء جديدة في جوانب صنعته، لكي يضمن بقاءها وإلا فإن الهرم البطيء ومن ثم العجز والموت هو ما ينتظرها. ويصدق هذا القول على الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية، فهي منذ سنوات في صراع مرير لمسايرة لغة عصر السرعة، عصر الخبر والصورة اللحظية، وكثيرة هي المجلات والجرائد التي اضطرت لتوديع المشهد الصحافي والاختفاء، بعد ما كانت ملء السمع والبصر.

كيف يمكن للصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية مقاومة عصر السرعة، وتقديم الجديد والمختلف للقارئ، هذا السؤال كان ولم يزل يشغل بال الكثير من صناع الصحافة والإعلام، ولقد عُقدت مؤتمرات وندوات كثيرة للوقوف على أنجع السبل لمواجهة طوفان مواقع شبكة الإنترنت، و»اليوتيوب-youtube»، ولاحقاً شبكات التواصل الاجتماعية.

ربما كان التخصص هو أحد الحلول المطروحة، فاختيار مطبوعة يومية كانت أو أسبوعية أو شهرية مجالاً رئيسياً، والاشتغال على تنويعاته المتعددة، ربما يكون مخرجاً ملائماً للوقت الراهن. أو على الأقل، فسح المساحة الأكبر من مادة المطبوعة لخدمة مجالٍ أو شأنٍ مستهدف بعينه.

منذ أن اختار العالم، تجاوز وتحطيم شكل أسرة الأجيال التي كانت تعيش في بيت واحد كبير، مكون من أب وأم وأبنائهما وزوجاتهم، والأحفاد وأحياناً أبناء الأحفاد، منذ ذلك الوقت، بدأت عجلة الحياة تدور باتجاه الأسرة الأصغر فالأصغر، حتى صار كل زوج وزوجة وطفل أو طفلين في بيت واحد. وحين جاء التلفزيون حمل الصمت ليكون المتحدث الوحيد في اجتماع الأسرة حول برامجه. ولقد لحق هذا التخصص فروع الطب والهندسة والصناعة والتجارة، ولم يعد مستساغاً وصف طبيب بأنه طبيب عظام، فأطباء العظام باتوا يتخصصون في أدق وأصغر عظام الإنسان، من الساق إلى الركبة إلى كف اليد، بل إلى الإصبع الواحدة، فهناك طبيب متخصص في إصابات الإبهام، وله زميل آخر متخصص في السبابة، بينما تسابق صناع التجارة العالمية، على التخصص في كل المجالات، وصارت المسابقات المتخصصة تصل إلى مجالات لم تكن ترد على البال! ولحظة ظهرت إلى الوجود الهواتف الذكية بتطبيقاتها التي لا تحصى، صار كل إنسان يعيش جزيرته المعزولة عن الآخرين.

أصبح إنسان القرن الواحد والعشرين، إنسان القرية الكونية، يتحرك حاملاً في جيبه الحدث العالمي، ومتصلاً ومتواصلاً مع العالم عبر كمبيوتره الشخصي وهاتفه الذكي، وهذا أثر ويؤثر بازدياد في علاقة الإنسان بالصحافة اليومية، فما بالك في الأسبوعية والشهرية. لذا متى ما تخصصت هذه الصحافة، ولو جزئياً، وصارت تقدم وجبة دسمة في شأنٍ بعينه، وغاصت في العمق من تخصصها، وذهبت إلى أصقاع بعيده ومتنوعة فيه، وقتها ستجد فئة، قد تكون ليست كبيرة، لكنها بالتأكيد مخلصة بمتابعة اهتمامها وحريصة على اقتناء جريدتها أو مجلتها التي تلبي لها عشقاً يسكن جنبات روحها. والسنوات القادمة وحدها قادرة على كشف التحدي.

back to top