التقصير الواضح من البرلمان والحكومة في إنهاء مأساة استقدام الخدم الخصوصيين يدفع ثمنه المواطن في بيته وحياته، والخدم بسبب عدم وجود قانون ينظم حقوقهم وواجباتهم، والدولة في سمعتها الخارجية.

Ad

أول العمود:

كل حادثة إقليمية تثبت أن سياسة دول الخليج العربية مع إيران لا تقف على منظور موحد وذلك على عكس ما يعلن.

***

سلطت جريمة القتل غدراً، التي راحت ضحيتها الفتاة سارة فليطح على يد خادمة إثيوبية الضوء على الملف "السائب"، وهو ملف خدم المنازل.

لماذا نصف هذا الملف بـ"السائب"؟

تعداد الخدم الخصوصيين في الكويت مرتبط بكل زيجة جديدة توثق في قصر العدل، بمعني أن فتح بيت جديد بحاجة إلى خادمة أو أكثر كما هو التقليد الساري، واليوم نحن نتحدث عن رقم مهول لهذه الفئة يلمس سقف الـ800 ألف من البشر.

هذا العدد المخيف يعمل بلا قانون خاص بالعمالة المنزلية... هل تخيلتم ذلك؟!

هذا الملف "سائب" بجدارة لأن حوادث الهروب اليومي من المنازل يلمس سقف الـ200 حادثة يومياً بحسب تقارير صحافية محلية حول خبايا مكاتب الاستقدام.

وهو "ملف سائب" بدليل ارتفاع الأسعار الجنوني لعملية الاستقدام الذي وصل للجنسيات التي اعتدنا الاستقدام منها إلى 750 ديناراً كحد أدنى مع استثناء الجنسيات الطارئة على السوق الكويتي كالإفريقية.

هو "ملف سائب" لأنه يقدم على طبق من ذهب فرصاً مواتية لشتائم دورية لدولة الكويت في حقل حقوق الإنسان بسبب تقاعس وزارات بعينها كـ"الخارجية" و"الداخلية" و"التجارة" عن القيام بواجب الدفع في مقترح إنشاء شركة مساهمة للقيام بمتطلبات الاستقدام، وما يقضي على سلبيات "الملف السائب".

نحن نأسف كثيراً على قتل أي مواطن ولأي سبب كان، لكن ردود الفعل العاطفية قد تفي بالغرض لمدة قصيرة جداً سرعان ما تتبخر ونعود إلى المربع الأول؛ لذا فإن التفكير العملي والعلمي يجب أن يبدأ هنا- من الكويت- عبر دراسة هذا الملف ومعرفة تفاصيل العلاقة بين الأسر والخدم عبر الدراسات الاستقصائية، ومن ثم يجري بحثه على مستوى البرلمان والحكومة والهيئات الأهلية، كاتحاد العمال واتحاد مكاتب الاستقدام، للنظر في تأسيس شركة مساهمة تقوم بالتعامل مع هذا الملف والقضاء على مظاهر سيئة كثيرة مثل الإعلانات غير الإنسانية التي تسمح بنشرها صحفنا مع الأسف، والحد من الاستقدام المغشوش، واشتراط الدخول في أنظمة تدريب على عادات وتقاليد البلدان الخليجية، ووقف مهزلة هروب الخدم للسفارات وتحميل المواطنين والدولة أحياناً تكاليف تسفيرهم، ومنع التعامل مع نظام الخادم المسترجع، وهي تجارة هزلية ومهينة للبشر والدولة معاً.

لا يعقل أن تتعامل إدارة صغيرة اسمها إدارة العمالة المنزلية تتبع وزارة الداخلية مع أكثر من نصف مليون عامل منزلي... هذه علامة استهتار يجب وقفها فوراً، يجب على البرلمان والحكومة الوقوف عند مسؤولياتهما الجسيمة لحماية المواطن والخادم وسمعة الكويت.

ليس مطلوب منّا أن نشتم جالية بأكملها بعد حادثة قتل مريعة، المطلوب هو إتمام كل متطلبات الاستقدام الآمن للخدم الخصوصيين ووقف المتاجرة بالبشر على حساب المواطن والخادم لأنها ببساطة ظاهرة عبودية تخلصت منها معظم دول العالم.