«الإيكونوميست» تختار «الأورغواي» دولة العام 2013

نشر في 04-01-2014
آخر تحديث 04-01-2014 | 00:01
No Image Caption
في بعض الحالات تكون المحصلة والنتائج التي يتم التوصل إليها نسبية: لننظر إلى أوكرانيا ورئيسها البلطجي فيكتور يانوكوفيتش ومواطنيها البواسل الذين يتجمدون من البرد في شوارع كييف طلباً للديمقراطية، رغم أنهم تكبدوا عناء القيام بثورة قبل تسع سنوات من أجل إقصاء الرجل ذاته.
 إيكونوميست    الحياة الإنسانية ليست كلها سيئة، لكنها تبدو كذلك في بعض الأوقات، لا جديد في الأخبار وهو أمر طيب: فالعناوين الرئيسة في الأخبار تتحدث عن نزاعات، وعمليات إنقاذ، وعن فشل وحماقات.

على غرار كل عام، شهدت سنة 2013، مجداً ونكبات، وعندما يحل وقت نهاية السنة ووسط مساعي كثيرين للتعرف على حصاد الأعوام، تتعرض الإنجازات والتحولات للحكم والتقييم من قبل مجموعات منهم الأنانيون أو المهووسون بالانعزال أو المثاليون غير الواقعين، وليس من جهود مشتركة تعمل على تمييز وفرز مجمل العطاء والجهد الإنسانيين، وللتوصل إلى حالة من التوازن تبدأ من الجوانب الفردية إلى الجماعية، ومن الكآبة إلى البهجة قررت مجلة "الإيكونوميست"، وللمرة الأولى، ترشيح دولة لتكون "دولة العام".

قصة شيقة

لكن كيف تتم عملية اختيار تلك الدولة؟ قد يتوقع القراء أن يوجهنا وضعنا المادي نحو إجراءات بسيطة من الأداء الاقتصادي، لكنها قد تكون مضللة.

فالتركيز على نمو الناتج المحلي الإجمالي سوف يقودنا الى اختيار جنوب السودان الذي ربما يحقق ارتفاعا نسبته 30 في المئة في عام 2013، وهو ما يتفوق على هبوط طرأ عليها بنسبة 55 في المئة في السنة السابقة نجم عن إغلاق خط الأنابيب الوحيد هناك نتيجة انفصاله عن السودان، وليس بسبب تفاؤل حول منطقة مضطربة.

أو قد نختار دولة تحملت مصاعب اقتصادية وتمكنت من تجاوزها لتبقى لنا قصة شيقة صالحة للسرد، فقد تخطت إيرلندا متاعبها المتمثلة بعمليات الإنقاذ والتخفيضات بقوة وهدوء نموذجي، كما أن لدى أستونيا أدنى مستوى من الديون في الاتحاد الأوروبي.

لكننا نخشى أن تثبت هذه الطريقة من القياس الاقتصادي الصورة الكاريكاتيرية الأسوأ لنا كمحطمي أرقام، كما أن كل انتصار لا يظهر في ميزان مدفوعات الدول.

شعوب باسلة بلا نجاحات

وتبرز من تلك المسألة مشكلة أخرى تتمثل بما إذا كنا نذهب في تقييم الحكومات أم الشعوب.

في بعض الحالات تكون المحصلة والنتائج التي يتم التوصل إليها نسبية: لننظر إلى أوكرانيا ورئيسها البلطجي فيكتور يانوكوفيتش ومواطنيها البواسل الذين يتجمدون من البرد في شوارع كييف طلباً للديمقراطية، رغم أنهم تكبدوا عناء القيام بثورة قبل تسع سنوات من أجل إقصاء الرجل ذاته.

أو لنتذكر تركيا حيث نظم عشرات الآلاف مسيرات احتجاج ضد الحكم المطلق الزاحف وإسلاموية رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء والسلطان، ولكن للأسف لم تحقق أي من الحركتين الكثير من النجاح حتى الآن.

خطر التشظي

كما تثار هنا تساؤلات منطقية بشأن الاعتماد على القياس وفق التعريفات، فهناك دولة مرشحة محتملة هي أرض الصومال التي تمكنت من تحجيم القرصنة والتطرف الإسلامي، لكن هناك عقبة كؤود، وهي أن هذه الدولة وفق معظم الحسابات لا ينطبق عليها مسمى الدولة على الإطلاق، بل هي في واقع الحال إقليم مرتد في الصومال التي كافحت من أجل احتواء الحركتين. ثم هناك دولة على وشك أن تتفسخ: إنها المملكة المتحدة التي لم تتقدم بصورة سيئة جداً، ومنذ تأسيسها في سنة 1707، ولكنها قد تتشظى في سنة 2014 إذا كانت أسكتلندا على قدر كاف من الحماقة والطيش بحيث تصوت لمصلحة الانفصال.

التأثير وليس الفضيلة

عندما تقوم مطبوعات أخرى بمثل هذه النوعية من الممارسة، ولكن على صعيد اختيار الأفراد والشخصيات البارزة في عام ما، فإنها عادة تقيم التأثير وليس الفضيلة، وهكذا تنتهي إلى ترشيح أمثال فلاديمير بوتين أو آية الله الخميني أو أدولف هتلر في عام 1938.

ومن خلال تبني منطق السياسة الواقعية والأمر الواقع، فقد نختار دولة سورية بشار الأسد، حيث تشرد الملايين من اللاجئين في مخيمات باردة في شتى أنحاء المشرق. وإذا تأثرنا بكل فرد من السكان فقد نؤيد جزر "سينكاكو" (حسبما تطلق عليها اليابان) أو "دياويو" (وفق ما ينطق بها الصينيون)، وهي مجموعة صخور مهجورة في بحر الصين الشرقي التي هددت مراراً بإشعال حرب عالمية ثالثة- على الرغم من أن ذلك قد يعني ضمناً استقلالها، وتدفع الصين واليابان إلى غزونا. البديل، إذا طبقنا مبدأ أبقراط فقد نقترح دولة لم يصدر عنها أي تقارير تفيد حدوث أضرار أو إيذاء أو إثارة... يبدو أنها "كيريباتي" التي شهدت سنة هادئة نموذجية.

الدولة الفائزة هي:

لكن الإنجازات التي تستحق القدر الأكبر من الثناء، كما نظن، هي الإصلاحات غير التقليدية التي لا تحسن دولة واحدة فحسب، وإذا ما جرت محاكاتها، فإنها قد تفيد العالم، أيضاً.

زواج المثليين هو واحد من تلك السياسات العابرة للحدود التي زادت من الكم العالمي لسعادة الإنسان من دون تكلفة مالية، وقد طبقتها دول عدة في سنة 2013- بما في ذلك دولة أورغواي التي انفردت أيضاً بإقرار قانون يقنن وينظم إنتاج وبيع واستهلاك الحشيش.

هذا تغير منطقي بشكل واضح تماماً يضغط على المحتالين ويسمح للسلطات بالتركيز على الجرائم الأكثر خطورة لم تطبقه أي دولة أخرى، وإذا حذت دول أخرى حذو أورغواي- وشمل ذلك المخدرات الأخرى- سوف يتم خفض الضرر الذي تلحقه تلك المخدرات بالعالم بصورة دراماتيكية.

والأفضل من ذلك أيضاً أن الرئيس جوزيه موجيكا الذي أشار، في صراحة غير معتادة بالنسبة إلى رجل سياسة، إلى القانون الجديد على أنه مجرد تجربة. وهو يقيم في كوخ متواضع ويقود بنفسه سيارته الفولكسفاغن إلى العمل، ويسافر جواً بالدرجة السياحية. والأورغواي المتواضعة والجريئة والليبرالية والمحبة للمرح هي التي نختارها دولة هذا العام.

back to top