ثلاثة تحركات

نشر في 01-02-2014
آخر تحديث 01-02-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي مما يقال دائماً أن جدران اللقاءات السياسية تكثر فيها الآذان، وهنا أتحدث عن لقاءات رفيعة المستوى لها علاقة بأحداث جرت وتجري في منطقتنا المضطربة الأحوال.

المتابع بدقة للأوضاع المتسارعة في المنطقة سيلاحظ تحركات عدة وإن دققنا أكثر سنجدها ثلاثة تحركات:

التحرك الأول، وهو مؤتمر جنيف المنعقد في مونترو ويلتقي فيه اللدودان النظام والمعارضة في سورية الجريحة، والمبصر للأمور يعرف مسبقاً أنه مؤتمر عبثي لا طائل وراءه فقط رزقاً لعدسات المصورين، ولملء الصحافة بالأخبار.

فالطرفان كلاهما متمسك بـ"نعم" التي تناسبه و"لا" التي تناسبه، وواضح أن القاسم المشترك فقط وجودهما على طاولة واحدة، وغير ذلك لا تتعب نفسك في البحث، فالنظام تورط بالموافقة والحضور، والمعارضة هي أول من يعرف أن بحيرة جنيف لن تنقذ الشام من الغرق!

حتى إن علمنا أنه جرى فتح قناة تفاوض سرية في بيرن في سويسرا نفسها بالتزامن مع نفس المؤتمر وبحضور أميركي روسي إيراني، فيما لم يستطع الوسيط الإبراهيمي حتى اقناع الطرفين بالمساعدة في فتح ممرات آمنة، لذا لن نضرب في الغيب، الذي لا يعلمه إلا الله، إنما البوادر لا تشجع على التفاؤل.

التحرك الثاني، هو التحالف الإيراني التركي وعودة الدفء إلى علاقتيهما. ومما كشف أخيراً- الفضل في ذلك للمعارضة في اسطنبول- فإن إيران تمارس غسيل الأموال في تركيا بموافقة الحزب الحاكم في تركيا، وإن كان التفاهم في هذا الصدد يتم سرياً. ويأتي التحالف نتيجة لتغير "المزاج" في علاقات تركيا بدول إقليمية عدة بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي المدعوم معنوياً من أردوغان والحزب الحاكم في تركيا.

ونشير هنا إلى العلاقة التركية السعودية فقد اتجهت أنقرة إلى طهران نكاية في الرياض! وأظنه تحالفاً هشاً فالسعودية ومع أول "ماسيج" ستعيد تركيا إلى حظيرتها سالمة آمنة فما يجمع المملكة مع تركيا لا يقارن بالقواسم القليلة التي تجمع بني عثمان بدولة ولاية الفقيه.

وبمناسبة الحديث عن إيران، فقد تواترت أنباء، وإن كانت تلميحاً، عن موافقة سلطنة عمان على تأجير رأس مسندم بمضيق هرمز إلى إيران. لن ندخل في التفاصيل، وإن حدث ذلك فلن تقبل دول الإقليم، ولم تؤكد المصادر أو تنفي ذلك النبأ. كان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل زار مسقط قبل فترة قريبة والتقى السلطان والوزير المكلف بالشؤون الخارجية.

التحرك الثالث، تفعيل العلاقات بين الحليفين الإستراتيجيين السعودية وباكستان خصوصاً بعدما تبوأ نواز شريف رئاسة باكستان- خلفاً لزرداري شريف- المعروف بميله إلى السياسة السعودية،  التي سبق ان استضافته سنوات على أرضها ويعد صديقا موثوقاً لدى الرياض.

ومعروف أن التحالف بين البلدين قديم وأقدم حتى من قيام المملكة بتبني وتمويل البرنامج النووي الباكستاني والجيش الباكستاني. وقد توالت أخيراً زيارات مسؤولين سعوديين منها زيارة الفيصل وبعدها نائب وزير الدفاع خلال فترة قصيرة، ويتوقع أن يقوم وزير الداخلية السعودي بزيارة باكستان، وربما يقوم الأمير سلمان ولي العهد بزيارة دولة إلى إسلام آباد.

ثمة اتجاهات عديدة لعقد اتفاقات ضد التحركات الإيرانية التي لا تخطئها عين وتهدد استقرار المنطقة ولا ننسى الاتجاه إلى الصين أخيراً وعقد اتفاقيات مهمة عدة.

نخرج من تلك التحركات أن عملاً إيرانياً منظماً وبوتيرة متناسقة يحاول السيطرة على المنطقة وفرض إيديولوجيته عليها مقابل مقاومة سعودية مضادة ناجحة حتى الآن، إلا أن الملعب الرئيسي للصراع لم تحسم به المباراة بعد، وأقصد ملعب سورية.

فإيران أتت بـ"داعش" و"حزب الله" وميليشيات عراقية إضافة إلى جنودها والحزب الحاكم في دمشق إلا أنها لم تسيطر تماماً حتى الآن.

وفي مثل هذه الأمور التي تتطلب نفساً طويلاً ودبلوماسية محنكة وقوات مقتدرة وإرخاء حبال المال، فسيكون الضحية هو الشعب المغلوب على أمره في سورية، فإيران نسيت أن هناك ديناً ومعاهدات تحض على حقوق الإنسان وعدم التدخل في شؤون الدول.

حمى الله أهل الشام من نظام الأسد الدموي الذي لن يسقط إلا بالقوة... القوة وحدها بعد قدرة الله.

back to top