«القهوة» تجمع المصريين... و«النشرة» تفرقهم «إخواناً» و«سيسية»
لا يجد أشرف عبداللطيف، شقيق صاحب المقهى الأشهر، في منطقة "أرض اللواء"، التابعة لمحافظة الجيزة، مكاناً يسير فيه لنقل المشروبات إلى رواد مقهاه، خصوصاً وهو يقاوم البرد بالحركة بين الزبائن.هذه هي المرة الأولى، منذ فترة طويلة، التي يُفضِّل روَّاد المقهى الهرب من ساحتها الواسعة المطلة على الشارع، مفضلين التزاحم داخلها بسبب الطقس القارس البارد والأمطار، وهي المرة الأولى التي يمازح عبداللطيف رواده عن الطقس وصعوبته، محاولاً صرفهم عن الحديث في السياسة، لولا نشرة الأخبار التي يذيعها التلفزيون في الفواصل الإعلانية، عن الدعوة للاستفتاء على الدستور، واستمرار اشتباكات الشرطة مع طلاب الإخوان.
الروّاد امتنعوا عن استكمال الحوار السياسي، بسبب وجود عناصر متعاطفة مع "الإخوان"، وهؤلاء غاضبون دائماً يقاطعون بالسباب المتواصل تهكماً من استمرار الاشتباكات مع الشرطة بادعاءات يقسمون عليها بأغلظ الأيمان، بأن لهم أقارب ماتوا من العنف، على أيدي قوات الشرطة.ولا تخفف سخونة الحديث، من برودة الجو العام، خصوصاً أن شقيق صاحب المقهى قال ضاحكاً إن السيسي سيأتي رئيساً لينظف البلاد من الخونة، وهو ما اسستقبله المتعاطفون مع الإخوان بما معناه أن السيسي سيعيد الكَرّة في قهر الشعب، ومع تعالي الأصوات والتعصب من الجانبين يطالب آخرون بعدم التحدث في السياسة، فيحل صمت طويل.أصوات الطاولات، التي تفرقع فوقها أوراق لعب "الطاولة" و"الدومينو" تقطعها أسئلة عن موعد بدء دوري كرة القدم، المتوقف منذ شهور، بعدها تتواصل الشكاوى عن وقف الحال وقلة الدخول، منذ اندلاع الثورة، ولم يغير دفة الحوار، سوى دخول فتاة نحيلة، في أوائل العشرينيات، حاملة حقيبة جلدية ضخمة، تمتلئ بالبضائع: "أقلام، ألوان، مفكات حديدية، حافظات نقود جلدية، جوارب، قفازات"، تعرضها الفتاة للبيع بين الرواد، كأنها تهرب - بدورها - إلى المقهى من المطر والبرد.