في مشهد قد لا تراه إلا في مصر، يتوافد مئات المسلمين الصائمين في رمضان مع انطلاق آذان المغرب إلى مكان تُقرع فيه الأجراس المسيحية، حيث يتناولون إفطارهم على «مائدة رحمن» أعدتها كنيسة «قصر الدوبارة» الإنجيلية وسط القاهرة، ويقوم شباب قبطيون بتقديم الوجبات للصائمين المسلمين في مشهد يؤكد التآخي التاريخي بين المسلمين والأقباط في بلاد النيل.

Ad

وعلى الرغم مما شهدته مصر من محاولات إذكاء نار الفتنة الطائفية خلال الفترة الماضية، خاصة التي أعقبت عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، في 3 يوليو العام الماضي، إلا أن مسلمي مصر ومسيحييها ظلوا على وحدتهم وترابطهم، من خلال الحفاظ على تلك المظاهر الاحتفالية.

تلك المظاهر الأخوية تجسدت في إعداد الكنائس موائد إفطار للمسلمين، في تحد للأجواء المضطربة التي شهدتها مصر أخيراً، بسبب الخطاب الديني المتطرف الذي عممته العديد من الجماعات الإسلامية المتشددة، مثل تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم أو مشاركتهم مناسباتهم.

وتحرص الكنيسة الإنجيلية منذ سنوات على تجهيز مائدة إفطار الصائمين، لتختلط بذلك دعوات الصائمين عند إفطارهم بترانيم الكنيسة وصلوات الآباء، بينما دعا بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضوس الثاني، إلى توجيه أموال موائد إفطار المسلمين إلى صندوق «تحيا مصر»، الذي أطلقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لدعم اقتصاد مصر قبل نحو شهر.

وتبدأ عمليات تجهيز موائد إفطار «المحبة» كما تسميها الكنيسة، مع اقتراب أذان المغرب، حيث يبدأ متطوعون في وضع طاولات يتم وضع الطعام عليها، في محيط الكنيسة، على أن تتولى مجموعة من المتطوعات داخل الكنيسة إعداد أطباق الطعام التي توَّزع على الصائمين.

من جانبه، اعتبر رئيس الإعلام بـ«السنودس الإنجيلي» وراعي الكنيسة «الإنجيلية» القس رفعت فكري، إعداد الكنيسة لمثل هذه الموائد محاولة لإعادة اللُّحمة إلى النسيج الوطني مُجدداً، خاصة أن مصر شهدت أزمة طاحنة على مدى ثلاث سنوات، شهدت خلالها كثيراً من الفتن الطائفية، مضيفاً: «شهر رمضان المبارك أحد رموز الأصالة المصرية، ودائماً يجمعنا على الخير والعطاء».