أنهى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس زيارة حافلة للكويت توّجها بلقاء سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، واختتمها بعشاء أقامه على شرفه السفير اللبناني خضر حلوي مساء أمس الأول، حضره رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وضم فعاليات الجالية اللبنانية في الكويت.

Ad

وأتت زيارة بري للكويت في توقيت له دلالة، فهي المحطة الخارجية الأولى له مباشرة بعد إعلان تشكيل حكومة لبنانية ائتلافية. وكان بإمكان الرئيس بري أن يحط في الكويت بعد زيارته لطهران التي توجه إليها أمس للمشاركة في مؤتمر البرلمانات الإسلامية، إلا أن اختياره للكويت نابع من الدور الذي تلعبه حالياً في المنطقة الغارقة في توترات سياسية وطائفية، في حين تبحر القيادة الكويتية بالبلاد بأمان وسلام بين هذه الأمواج المتلاطمة.

الكويت التي أخذت على عاتقها اغاثة اللاجئين السوريين وتفعيل ما عجز عنه العالم، الكويت التي تصرفت بحكمة عالية مع ما حدث في مصر، الكويت التي كانت ضيف شرف في حفل إقرار الدستور التونسي المشهود له، الكويت التي لا يستطيع طرف عربي واحد أن يعتبرها عدواً أو يقذفها بتهمة، هي البلد الوحيد في المنطقة القادر على مساعدة ورعاية أي محاولة وفاقية أو مشروع تهدئة أو تسوية سواء في لبنان أو غيره.

من هنا كانت محطة بري، مهندس حكومة تمام سلام، بعد ساعات من إعلان التشكيلة الوزاية، الكويت "مليكة اللؤلؤ المغسول بالزبد" و"السيدة التي تجرؤ وحدها أن تقتحم الرمل والماء"، حسب وصف الرئيس بري في كلمته خلال العشاء الذي اقيم في فندق الشيراتون.

أما في السياسة، فقد أشار بري في كلمته الى "الفلسفة" التي تقف خلف تشكيل الحكومة "السلامية" وبالتالي الهدف منها، قائلاً إن التشكيل من شأنه "التخفيف من كل أنواع التوترات، وفض الاشتباكات السياسية، وفتح الباب لعودة الحوار الوطني"، وأيضاً "تعويض الوقت الضائع الذي دفع لبنان ثمنه من خزينته ومن جيب مواطنيه"، منبهاً، وهو الذي حصل على وزارة المالية في الحكومة الجديدة، أن "لبنان لم يستفد من كل اللحظات الإقليمية والدولية التي لاتزال تريد استمرار الاستقرار النقدي والأمني".

ولم تخلُ كلمة بري من الإشارة الى تحدي الإرهاب الذي يواجهه لبنان، وأكد في هذا السياق أن "لبنان كله مستهدف بوجوده وكيانه وجيشه وشعبه ومقاومته وجهاته وعاصمته وضاحيته، وكل شخصياته السياسية وليس فقط الجهة التي يقع عليها الاغتيال"، معتبراً أن "الأولوية الوطنية هي تقوية الجيش اللبناني"، ومتمنياً أن "يكون المشروع الأول الذي تقره الحكومة وتحيله الى مجلس النواب هو زيادة عديد الجيش".

ولم يسلم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون من "لمز وغمز"، حيث طالب بري بـاستحداث "وزارة سيادية لشؤون الاغتراب ووزارة سيادية أخرى للتخطيط"، مضيفاً "أما هذه الوزارات السيادية التي اخترعوها لنا الآن ومشينا بها فلا ادري من أين اتت"، في إشارة الى اعتبار عون وصهره وزير الخارجية الحالي جبران باسيل أن وزارة الطاقة هي وزارة سيادية، علماً أن هناك تنافساً محموماً بين عون وبري في ملف النفط.

إلى جانب هذا "الخطاب الوطني الجامع"، كان لكلمة بري محطات خلافية، خصوصاً موضوع "حزب الله"، إذ أشار الى أن "لبنان يجب أن يكون قوياً بمقاومته على حدود الوطن" الأمر الذي اعتبره البعض إشارة الى وجود حزب الله ليس فقط على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة بل الشمالية والشرقية مع سورية أيضاً.

إقليمياً، عبر بري عن تأييده لـ"تحديث" نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي اعتبره مراقبون موقفاً متحفظاً جداً، لأنه دعا الى الابقاء على النظام وتحديثه لا إلى صياغة نظام جديد قائم على المشاركة.