الصداقة علاقة سامية تبدأ باللعب الطفولي، وفي تلك السن المبكرة يكون الصديق غطاء لصديقه في تفسير التأخير أو تبرير غياب عن المدرسة أو الكذب الأبيض والأسود من أجل الصاحب والصديق. الصداقة قد تكون أكبر من الأخوة، خاصة إذا امتدت من الصغر إلى الكبر ويصبح الصديق عديل الروح.

Ad

الصداقة تنمو عند الشباب ثم الكبر بالتقارب في التصرف والأخلاق والذوق، وقد يتباعد الأصدقاء إذا حدثت فجوة في التصرفات يراها أحدهم أنها مسيئة ولا يجوز أن تمارس؛ فيفترق الأصدقاء لكن بعد محاولات جادة لكبح التصرف المسيء أو استسلام المعترض والبدء باتباع التصرف المسيء، وهذا ما لم يحدث بين أصدقاء فيلم "كان رفيجي".

فكانت وفاة الصديق المستهتر بحياته في نهاية القصة صدمة ليس للمشاهد الذي يتوقع مآل الإدمان ولكن للصديق الذي تخلى عن صديقه، وطرده خوفا من الفضيحة لأخذه حقنة مخدرات في حمام مكتبه، وظهوره أمام موظفيه وزملائه بعد أخذ الحقنة. كان موقفاً لا يمتّ إلى الصداقة بصلة، وكان خبر وفاة الصديق بجرعة زائدة مصدر الألم والندم؛ لأن الصديق لم يقم بواجبه بإبعاد صديقه عن هذا المصير المحتوم.

الإخراج كان جيداً، ولأول مرة أشاهد فيلماً كويتياً على مستوى جيد في إخراجه وتصويره، والتمثيل كان جيداً وإن اختلفت درجات الأداء، ولأول مرة أشاهد ممثلاً كويتياً مبدعاً في تعبيره وإحساسه بالمشهد.

وقد تفوق فيه على أقرانه من الممثلين وهو الممثل فيصل العميري، يبقى أن تسلسل قصة الفيلم بصفة عامة لم تأت حبكتها وترابطها بالشكل السلس للمشاهد، ربما عليك أن تشاهد الفيلم أكثر من مرة لتستوعب علاقة الأحداث.

بطل الفيلم خالد البريكي أبرز نوعية للشاب الجاد المثابر المثقف القادر على الإنجاز، لكنه أيضا أبرز أنانيته وتفضيله عمله على كل شيء آخر سواء الأصدقاء الذين فجع بواحد منهم بتخليه عنه، أو زوجته التي يتركها وحيدة ويتأخر عن عودته المعتادة إلى البيت، أو يخلف مواعيده معها وهي تتألم بصبر وصمت.

أما الممثل عبدالمحسن القفاص فقد خلق الضحكة وأمتع المشاهدين، وإن بالغ قليلاً في بعض المشاهد، في حين قدمت الممثلات نماذج حية من المرأة الكويتية، فقدمن بمرح أيضا بعض المظاهر الاجتماعية في الوسط النسائي كما أبرزن جدية المرأة العاملة والزوجة الجادة الهادئة.

الفيلم يستحق المشاهدة والقصة تستحق الدراسة والشخصيات منا وفينا، علينا أن نختار من بينها الأفضل لكن ما يدعونا إليه الفيلم هو ما يهم في النهاية: لا تتخلَّ عن صديقك ولا تتركه يقتل نفسه أو يضرها، فقيمة الصداقة في حماية الصديق وبذل كل الجهد من أجله.

تأثرت في نهاية الفيلم ليس لموت الشاب المدمن فقط، ولكن لأسباب أخرى تتعلق بالوفاء وقيمة الإنسان وخيانة العشرة.

"كان رفيجي"... تقولها بعد فوات الأوان إذا تخليت عن "رفيجك".