نحو 20 مليون مسلم يعيشون في روسيا يمارسون شعائرهم الدينية بحرية كاملة ودعم من الحكومة الروسية لبناء المساجد ونشر تعاليم الإسلام، هكذا قال مفتي روسيا ورئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، الشيخ طلعت صفا تاج الدين، مشدداً في حواره لـ"الجريدة" على أن المسلمين في بلاده يتعايشون في نسيج واحد مع باقي أبناء الديانات الأخرى، تحت راية التآخي والمحبة والسلام. تفاصيل أخرى في السطور التالية.

Ad

● القاهرة - أحمد فوزي

• كيف حال الجالية الإسلامية في روسيا؟

- المسلمون في روسيا ليسوا جالية لكنهم أبناء الوطن ويمثلون جزءاً لا يتجزأ من النسيج الوطني وليسوا جماعات وافدة كما هو الحال بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية فالإسلام انتشر في روسيا منذ 1425 سنة ونعيش مع أصحاب الديانات الأخرى مثل الأرثوذكس واليهود والبوذيين يجمعنا السلام والتفاهم والاحترام.

• كم عدد المسلمين في روسيا؟

- نحو عشرين مليون مسلم.

• هل هناك تمثيل للمسلمين في المؤسسات الرسمية النيابية؟

- يوجد تمثيل للمسلمين الروس في البرلمان ومجلس الوزراء وحتى محلياً وفدرالياً.

• ما التحديات التي تواجه المسلمين هناك؟

- تنحصر التحديات التي تواجهنا في الحفاظ على سلامة العقيدة فقد عانينا التنكيل الشيوعي بكل ما هو ديني وخاصة ما يتعلق بالإسلام ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عادت إلينا حريتنا الدينية المفقودة فانطلق المسلمون في بناء المساجد والجامعات والمدارس الدينية لتخريج أئمة وخطباء والأهالي ورجال الأعمال يتبرعون بكل سخاء لذلك.

• كم عدد المساجد في روسيا؟

- تم إنشاء سبعة آلاف مسجد في مختلف أنحاء روسيا خلال 17 سنة ففي تتارستان وحدها كان يوجد 14 مسجداً، والآن يوجد 1300 مسجد فالمساجد في تزايد وانتشار في جميع أنحاء روسيا هذا بالإضافة إلى وجود سبع جامعات إسلامية ومئة مدرسة لتخريج الأئمة والخطباء ولقد جعلنا المسجد وسيلتنا لاستعادة هويتنا وفي الوقت نفسه نحسن اختيار الأئمة المدربين حتى يكونوا حملة لواء التنوير والدعوة الإسلامية السمحة.

• هل هناك تضييق على المسلمين في روسيا من جانب الحكومة؟

- إطلاقاً، فوضع المسلمين في روسيا جيد بصفة عامة ولا توجد على الأرض أية موانع تحول دون ممارستنا للدعوة الإسلامية بكل صورها حيث تحرص الدولة على منح قطع الأراضي اللازمة مجانا لبناء المدارس والجامعات الدينية للمسلمين كما قامت الدولة منذ خمس سنوات بتأسيس الصندوق الخيري لدعم الثقافة والفنون الإسلامية.

• ما رأيك في تضييق بعض الدول الأوروبية على المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية؟

- هذا يعبر عن مدى التطرف ضد الإسلام حيث يرى المتعصبون في الإسلام خطرا داهماً يجب التصدي له من خلال فرض مزيد من القيود على المسلمين للحد من الإقبال عليه.

• ماذا عن التعليم الديني؟

- التعليم الديني يمارس في المدارس بحرية كاملة ولا دخل للحكومة فيها وبكل حرية نلقي هناك الدروس اللازمة للإمام والداعية، والآن أبرمنا عدة معاهدات للتعاون في المجال التعليمي مع جامعة الزيتونة وجامعة القيروان وإدارة الشؤون الدينية في تركيا ومع آسيا الوسطى وهذا العمل يجري على قدم وساق وإن شاء الله نجدد عهدنا في الأزهر الشريف لوقف حالة الاستقطاب واستعادة البعثات الدينية إلى مصر.

• ما طبيعة عمل المفتي في روسيا؟

- إدارة الإفتاء في روسيا أسست منذ 225 سنة بأمر ملكي من الإمبراطورة كاترين الثانية إمبراطورة روسيا الثانية عشر(2 مايو 1729 - 6 نوفمبر 1796) وقد احتفلنا العام الماضي بمرور 225 عاما على تأسيس النظارة الدينية وشارك في الاحتفال الرئيس بوتين بنفسه وألقى كلمة في هذه المناسبة التي حضرها شخصيات بارزة من 73 دولة ومهمة المفتي الذي هو في نفس الوقت رئيس النظارة الدينية إدارية ومالية وإعداد الكوادر وكذلك إنشاء الجمعيات الإسلامية الجديدة في كل أنحاء روسيا الاتحادية وتعمل النظارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا على تبيان سماحة الدين الإسلامي وعالمية دعوته الحاثة على الإحسان والإخاء.

• هل قرارات المفتي ملزمة قانونيا؟

- طبعاً، ولذلك تم إنشاء مجلس المفتين في عام 1996 يتولى التنسيق بين أعضائه والعمل على ما فيه مصلحة المسلمين داخليا وخارجيا ويتبعه أكثر من 40 إدارة دينية تتولى نشر العلم الشرعي كما تتبعه منظمات وجمعيات دينية تؤدي دورها في خدمة الدين والوطن والتنسيق بينها.

• كيف ترى صورة الإسلام في الغرب؟

- مشوهة وتكمن المشكلة في المسلمين الذين يسيئون للدين بأقوالهم وأفعالهم فضلا عن وجود بعض ذوي النفوس المريضة من المنتسبين اسما إلى الإسلام وهم في الحقيقة ألد أعدائه ويساعدون الغرب لتشويه صورة الإسلام في كل مكان.

• كيف نواجه المبادرات العدائية التي يتخذها البعض ضد الإسلام في الغرب؟

- يسيطر الهلع من الوجود الإسلامي في أوروبا لدرجة تصوير الأقليات الإسلامية كأنها وحش يهدد بافتراس ثقافة أوروبا المسيحية وأفضل طريقة لمواجهة ذلك هي إحياء أخلاق الإسلام في التعامل بين الناس للتأكيد على أن المسلمين دعاة إخاء وتعاون وحوار وأصحاب رسالة إنسانية حضارية تدعو إلى السلام العالمي واحترام الاختلاف والتنوع الثقافي.

• ماذا عن التعاون مع المؤسسات الدينية في الدول الإسلامية؟

- نحتاج إلى الدعم المعنوي من المؤسسات الإسلامية التي تبني الفكر الديني الوسطي وتعد الأئمة والدعاة نظرا للحاجة الشديدة لمسلمي روسيا لمعرفة أحكام دينهم حتى يمكن استعادة الهوية الإسلامية رغم جهودنا الكبيرة في سبيل ذلك.

• ما المطلوب لتصحيح الصورة المعكوسة عن الإسلام والمسلمين؟

- لابد من التصدي لكل المظاهر التي تضر بالصالح العام وأن نظهر بمظهر يليق بديننا ونبينا أمام العالم ومواجهة الإرهاب الذي منع روسيا إرسال بعثات إلى الأزهر بعد استقطاب الجماعات التكفيرية للطلبة، فهذا جعل روسيا لا تثق في خريج الأزهر وتوقف البعثات ولابد من توحيد الصف لمحاربة الإرهاب والفكر المتشدد من أجل تحقيق السلام بين الأمم ومواجهة أعداء الأمة ونبذ الطائفية والعمل على نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة.