أيقونات شعرية تؤرخ التراجيديا الفلسطينية في نصف قرن

نشر في 13-06-2014 | 00:01
آخر تحديث 13-06-2014 | 00:01
No Image Caption
درويش والقاسم وزياد يسطرون ملحمة الصمود

أصدرت «الهيئة المصرية للكتاب»، طبعة جديدة من كتاب «عصافير على أغصان القلب... أشعار فلسطينية»، إعداد الكاتبة الراحلة صفاء زيتون وتقديمها، وضمّ مختارات من قصائد كبار الشعراء الفلسطينيين بين عامي 1929 و1983.
يتضمن كتاب {عصافير على أغصان القلب... أشعار فلسطينية} أسماء حققت حضورها في المشهد الشعري العربي، وتركت بصمات إبداعية متفردة، وانتقلت بالنشيد إلى فضاء القصيدة الإنسانية، والتقاط تفاصيل حياة الفلسطيني في المنفى والمخيم والصمود تحت نيران الاحتلال.

الشاعر هارون هاشم رشيد أحد أبرز رواد شعر المقاومة، وله عدد كبير من الأناشيد الوطنية، وقصائد رافضة للاحتلال، ومؤكدة على انتماء الفلسطيني إلى أمته العربية:

عائدون للديار

للسهول للجبال

تحت أعلام الفخار

والجهاد والنضال

اعتبر النقاد أن ديوان رشيد سيرة كاملة للتاريخ الفلسطيني، وذاكرة شعب قدم الأرواح جيلاً بعد جيل، ولم يفارقه حلم العودة، والحنين إلى المنازل وأشجار الزيتون، واستعادة الأرض المغتصبة.

الشعر والحرية

ارتبطت القصائد المختارة بتاريخ أو حدث، ومن بينها نشيد {موطني} للشاعر إبراهيم طوقان، ورددته  الجماهير الفلسطينية في أثناء الثورة الكبرى (1936 – 1939) ضد الانتداب البريطاني والهجرة اليهودية:

 

موطني موطني

الجلال والجمال

السنا والبهاء في رباك

والحياة والنجاة

والهناء والرجاء في هواك

 

إبراهيم طوقان (1905 - 1941) أحد رواد شعر المقاومة، عاش حياته القصيرة بين نابلس والقدس ولبنان، وعمل مدرساً للغة العربية، ثم أستاذاً في الجامعة الأميركية في بيروت، وكتب قصائد وأناشيد كثيرة راسخة في الوجدان العربي.

وتسلمت راية الشعر شقيقته الصغرى فدوى طوقان، وكتبت أبدع القصص الشعرية عن معاناة الفلسطينيين اليومية في ظل الاحتلال، واتسمت قصائدها ببطاقات شعورية للصمود والأمل في غد أفضل:

حريتي حريتي

ويردد النهر المقدس والجسور

حريتي

والضفتان ترددان: حريتي

 

بطاقة هوية

يضم الكتاب قصائد عدة للشاعر محمود درويش، وعبرت عن مراحل مسيرته الإبداعية، ومواكبته لأحداث استثنائية، ومنها قصيدته الشهيرة { بطاقة هوية}، وكتبها عام 1964، تبين كيف تحول الفلسطيني إلى رقم في سجلات الاحتلال الإسرائيلي.

سجل

أنا عربي

ورقم بطاقتي خمسون ألف

وأطفالي ثمانية

وتاسعهم... سيأتي بعد صيف

في قصيدته {الأرض}، يرسم درويش خارطة لفضاء وطن يسكن جسده، ويتنامى الجرح في القلب وعلى الكفين والضلوع، ويسطع بضوء الشمس وعبير القرنفل ورفرفة العصافير:

 

أسمي التراب امتدادا لروحي

أسمي يدي رصيف الجروح

أسمي الحصى أجنحة

أسمي العصافير لوزاً وتين

أغاني الدروب

حفل {أشعار فلسطينية} بقصائد لأجيال من الشعراء، ومن بينهم المبدع معين بسيسو (1927- 1984)، وتناغم قصائده مع سيرته الذاتية، ورحلته بين السجن والشتات والمقاومة:

 

هذي أصابع كفي

أقلام مدرسة في رفح

وألوان طفل، على شط غزة

يرسم عكا

 ويرسم في كفه الكرملا   

كذلك جسدت قصائد الشاعر سميح القاسم، ملامح صموده في الأرض المحتلة، وإرهاصات تجربته في السجن والإقامة الجبرية والطرد من عمله، ومصادرة ديوانه الأول {أغاني الدروب}.

حقق القاسم حضوره الشعري، ورفض الإقامة في المنافي، وتتابعت داووينه المتفردة، وكرس موهبته للنضال بأشعار متحدية للاحتلال، وتدعو إلى الصمود والمقاومة، وتفخر بالانتماء للأمة العربية:

 

عنيد أنا كالصخور

إذا حاولوا عصرها

وقاس أنا كالنسور

إذا حاولوا قهرها

   

من جهة أخرى، انضم الشاعر توفيق زياد إلى قافلة المثقفين الفلسطينيين الصامدين في الأرض المحتلة، وكتب أروع أشعار الصمود والتحدي والتشبث بالأرض، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره:

 

كأننا عشرون مستحيل

في اللد والرملة والجليل

هنا.. على صدوركم باقون كالجدار

كتاب {أشعار فلسطينية} إضاءة تاريخية على دور الشعر في الحياة الإنسانية، وأيقونات ساطعة في الأفق الفلسطيني، ورحلة نصف قرن من الإبداع، وتغريدات لشعراء يبحثون عن الدفء والحرية في قلوب أمتهم العربية.

back to top