أحيت قوى "14 آذار" أمس الذكرى التاسعة لانطلاقة "انتفاضة الاستقلال" في مجمّع "بيال" وسط بيروت. وتأتي الذكرى هذه السنة على وقع الخلاف بين "8 آذار" و"14 آذار" في وجهات النظر حول "بند المقاومة" في البيان الوزاري.

Ad

وبينما أجمعت كل كلمات ممثلي هذه القوى على إدانة "حزب الله" لتورطه في الحرب السورية ورفضه وضع المقاومة تحت إشراف الدولة، محملة إياه مسؤولية تردي الوضع في لبنان واستقدام الانتحاريين التكفيريين، فإن كلمة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بدت كأنها بيان ترشح لرئاسة الجمهورية، من خلال رفضه انتخاب رئيس لا يكون من صلب 14 آذار، وتشديده على وجوب أن يكون قوياً والأكثر تمثيلاً في هذه القوى، وهي مواصفات تنطبق عليه، وشروط بدا جعجع كأنه يضعها على حلفائه ويقطع بها الطريق على رئيس تسوية أو على الجنرال ميشال عون، خصوصاً بعد كشف النقاب عن لقاء جمع عون الشهر الماضي مع سعد الحريري في باريس، وتواتر الإشاعات عن رغبة أميركية في السير به مرشحاً للرئاسة بتفاهم مع القوى الإقليمية.

وأكَّد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، باسم تيار المستقبل، "التمسك بمقررات الحوار وإعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس"، سائلاً "حزب الله": "أي طريق تسلكون، عودوا إلى لبنان لتنقذوا شبابه من السقوط في الأتون والأهوال"، مشدداً على أنَّ "الانسحاب من القتال في سورية اليوم أفضل من الانسحاب غداً... اعتبروا من التاريخ وتجاربه".

وأكَّد منسق الأمانة العامة لقوى "14 آذار" النائب السابق فارس سعيد أنَّ "14 آذار تكون موحدة أو لا تكون، أو تسقط مجتمعة أو لا تسقط"، معتبراً أنَّ "التباين في الرأي وفي الاجتهاد وتقدير المصلحة هو من طبيعة اتحادنا الديمقراطي الحر".

وقال عضو كتلة "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل: "مشكلتنا مع حزب الله ليست في كونه ضدنا في السياسة، بل لأنّه خرج عن الدستور والقوانين ومنطق الدولة"، لافتاً إلى أن "الثلاثية المشؤومة شرعت كياناً استقل عن الدولة".

وكانت كلمة الختام لجعجع الذي أطل عبر الشاشة من مقره في معراب، وقال: "إن تحقيق أهداف ثورة الأرز يوجب على فريقنا السيادي في 14 آذار السعي لتبوّء كل المراكز الرسمية في الدولة بكل جدية وشفافية، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية التي هي رأس السلطة ورمز الدولة في لبنان، وذلك عبر ترشيح وإيصال شخصيةٍ سيادية صلبة مناضلة من صفوفه إلى سدة الرئاسة"، مشيراً إلى أنّ "مهمّة 14 آذار الأساسية في الوقت الحاضر تكمن في بلوغها سدّة الرئاسة، بغية تصحيح مسار الأحداث، وانتشال لبنان من واقعه المرير". ورأى أن وصول أي شخصية من 14 آذار هو انتصار للجميع، لكنه أشار إلى أهمية مقياس الأكثر تمثيلاً.

واعتبر جعجع أن "تورّط حزب الله في سورية، لم يستدرج التكفيريين إلى لبنان فحسب، وإنما ساعد النظام السوري على تهجير مئات آلاف السوريين إلى لبنان أيضاً، وهو ما يُنذر بعواقب اجتماعية واقتصادية وديموغرافية وخيمة"، سائلاً: "هل يعي حزب الله خطورة هذا التورّط على وجود الكيان اللبناني بحد ذاته؟ أم أن ما كُتب في إيران لا بد وأن يُنفّذ بحذافيره ولو على حساب لبنان؟".

في موازاة ذلك، سجلت الاتصالات التي جرت أمس، قبيل جلسة مجلس الوزراء، لحلّ عقدة البيان الوزاري تقدماً لم يكن قد وصل إلى الحسم. وقالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة تمام سلام إن "رئيس الحكومة ممتعض مما آلت إليه الأمور على صعيد مصير حكومته، وهو بات قاب قوسين أو أدنى من الاستقالة لحفظ كرامته وكرامة مقام الرئاسة الثالثة"، مشددة على أنه "يعتبر نفسه منذ أمس (أمس الأول) بحكم المستقيل مع وقف التنفيذ استجابةً لتمني التريث الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة، كي لا يقال إنه لم يمهل الفرقاء فرصة ساعات لمزيد من الاتصالات بشأن حلحلة عقد البيان الوزاري".

إلى ذلك، برز أمس تنصل كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق في المغرب والاتهامات التي وجهها إلى إيران، وأكد سليمان للسفير الإيراني غضنفر ركن أبادي أنّ موقف المشنوق لا يعبر عن موقف الدولة اللبنانية، وهو ما نقله أيضاً أبادي عن سلام إثر تقديمه احتجاجاً إيرانياً رسمياً لديه على تصريحات المشنوق.

وأوضحت مصادر مقربة من السفير الإيراني أنّ "أبادي حين سأل رئيس الحكومة هل موقف المشنوق حيال طهران يعبّر عن رأي الحكومة، أجابه سلام: لا أبداً، وما قاله هو موقف شخصي ولا دخل لنا به".

وأشارت المصادر إلى أنّ "ما أزعج إيران ودعاها إلى الاحتجاج، هو أسلوب كلام المشنوق والمكان الذي قيل فيه هذا الكلام، وما بدا أنه محاولة لاستمالة وتمجيد وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف على حساب الجمهورية الإسلامية في إيران، فكان لِزاماً تقديم احتجاج من السفارة الإيرانية واستيضاح لبنان عن الموضوع، وهذا بالفعل ما حصل"، مؤكدةً أنّ "السفير أبادي اكتفى بالتأكيدات الرسمية التي سمعها من الرئيسين سليمان وسلام لجهة أنّ ما قاله المشنوق لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن موقف الدولة اللبنانية".

في سياق منفصل، ارتفع عدد قتلى الاشتباكات التي دارت أمس بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن في مدينة طرابلس الساحلية الشمالية إلى 5 والجرحى إلى 36. وجاء ارتفاع عدد القتلى بعد وفاة مواطن أصيب برصاصة قناص.