عذراً على المقاطعة يا سمو الحب... دعني فقط -بعد إذنك- أكمل ما لن أنهيه، توقفت فقط لألتقط أنفاسي، واغفر لي قلة "أدبي" أمام روعة "أدبك"... كنت أقول "الحب" ضرورة حياتية، وأكمل أسبابها... الحب... لنستطعم السكر، الحب.. ليبقى الملح في البحر، ولتبقى النوارس فوق الشواطئ وليبقى المحار محتضنا لآلئه، الحب... ليبقى شتاء الصحراء موحيا ملهما بدفء الجمر، ولتبقى الواحات أكثر ظلا ونبلا، الحب لنثبت أنه ليس هناك جهات أصلية وجهات فرعية، كما أن ليس هناك جهة أخرى نرقّمها كيفما نشاء، بل هناك "جهات" واحدة!

Ad

الحب... لنتعلم كيف ننسج سجادة طاهرة لليقين، لتُقبل منا صلاة، ولنتعلّم أن بيت الصبر لا تسكنه الدبابير فقط، وإنما تشاركها خوابي العسل، الحب.. لنعرف كيف نجد مفاتيح للنور عند بوابة العتمة، ونعرف كيف نهيئ مدى لشمسٍ منتظرةٍ ستشرق بعد حين!

الحب... لنسقي مساحات القسوة الشاسعة فينا بماء الرحمة، ونشجّرها باللين، لتمتلئ راحاتنا بالورد والندى، ولتسير السفن الشراعية في صحراء أرواحنا، وليبقى في الطريق أبداً خطوة مشتهاة لم نخطُها بعد، وأغنية حلمنا بها لم تكتمل نغمتها بعد، وغيمة وُعدنا بها لم تجد بغيثها على يباسنا بعد، الحب... لنقل ان القلب لا يتسع أحيانا – مهما قيل- إلا لآهة، ومن سوء التقدير – وربما الأدب– أن ينازعه أحد عليها، الحب... لنبدأ بعدّ أصابعنا ولا نتوقف عند الرقم "عشرة"، ولا نستغرب حين لا نتوقف أبدا... الحب... لنبرهن لغير المكتمل فينا، ان السماء من الممكن أن تكتمل بمجرد أفق وأجنحة عصافير، الحب. لنطمئن على أن هناك حارسا أمينا سيرعى أطفالنا، كما رعانا، لأن يدي هذا الحارس ستبقى فوق رؤوسنا إلى أن يشاء الله، الحب... ليبقى هناك فضاء نقي/ تقي نلجأ إليه لنستعيد عافية الرئة الفاسدة فينا أو التي تكاد، الحب.. لنستدّل على عظمة الخالق من خلال محبة المخلوق، تدفعنا رغباتنا الصالحات للمضي في دربه، عُمياً لا نرى، فقط يقودنا الإيمان بصواب بصيرتنا، أيها الحب لدينا مليون سبب وسبب يجعلنا لا نرى سواك، يحضرني منها الآن بعض آلاف فقط!

هذه الأسباب هي ذاتها الأسباب التي تجعل عشاقك تشهقون باسمك، ويتهافتون للقياك.. ثقافات مختلفة، أعمار مختلفة، مشارب مختلفة، مذاهب، طوائف، وشرائح اجتماعية مختلفة، اختلفوا في أشياء أكثر من أن تحصى، واتفقوا جميعا على الانصهار بك.

على يقين أيها الحب أن مدحك لم يعد يغريك، وقد أفاجئك لو قلت لك: حتى نحن لم يعد يغرينا مدحك، فأنت تستحق ما هو أعظم وأنزه من المدح، فإذا شعرت بأن ثمة مديحا، فتأكد أننا فقط نمتدح قلوبنا، ونكافئها بك!

شكرا لم ولن تكفي .. لوجودك في حياتنا، بل شكرا لأنك حياتنا التي نتوق ونتمنى لو اقتصرت عليك!