أكد أكثر من خبير دستوري مخالفة وتعارض الاتفاقية الأمنية الخليجية الموحدة مع الدستور الكويتي بما يهدد حقوق الأفراد وحرياتهم.

Ad

ودعوا في تصريحات مع «الجريدة» إلى ضرورة عدم إقرارها من قبل مجلس الأمة.

في الوقت، الذي أعلنت بعض المواقف النيابية على بنود الاتفاقية الأمنية المعروضة على لجنة الشؤون الخارجية بين معارض ومتحفظ، قبل أن تحسم اللجنة أمر التصويت عليها في الثالث من مارس المقبل، ومن ثم عرضها على مجلس الأمة للتصويت النهائي، كشفت الآراء الدستورية لـ"الجريدة"مخالفة نصوص الاتفاقية للدستور الكويتي وتعارضها مع مبادئه وبما يهدد حقوق الافراد وحرياتهم في الكويت.

قال الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي ان بعض النصوص الواردة في الاتفاقيه الأمنية الخليجية المعروضة على مجلس الأمة، تخالف نصوص الدستور الكويتي بشكل مباشر، وأن التوقيع عليها يعد مخالفة من الحكومة والمجلس للدستور.

وأوضح الفيلي لـ"الجريدة" قائلا: ان الاتفاقية تستند الى مفاهيم غامضة تجعل أمر نفاذها محاطا بالمخاطر لما تتضمنه من بعض العبارات، كالاستقرار أو النظام العام، لافتا إلى أن مثل هذا الغموض يقود إلى تقييد غير محدد يضر بالحقوق والحريات وهو الأمر الذي يتعارض مع الدستور.

وأضاف: "وبشأن ما تنص عليه المادة الأولى من الاتفاقية الأمنية الخليجية بأنها تطبق وفق التشريعات الوطنية لكل دولة، فهذا النص بحد ذاته يثير مشكلة في نفاذ الاتفاقية مع التشريعات الوطنية، وذلك بما لا يتعارض معها، والسؤال هنا من له تقرير حالة التعارض من عدمها، هل هناك جهة في مجلس التعاون تتولى ذلك؟ أم ان كل دولة هي من تقرر عدم وجود حالة التعارض فتقوم بالتطبيق؟ ومثل هذا النص سيجعل كل دولة تطبق النصوص بما تراه ويما يتعارض مع تطبيق دولة أخرى له وهو الأمر الذي سيقودنا إلى مخاطرة أمام تنفيذ متباين للقواعد الخاصة بالاتفاقية من كل دولة على حدة وبالشكل الذي يختلف عن الدول الاخرى".

المادة 16

وعن المادة 16 بالاتفاقية التي تسمح بتسليم المتهم إلى دولة خليجية لمجرد اتهامه عندها، قال الفيلي ان مثل هذا النص يمثل إشكالية لدى الدستور الكويتي فيما يخص المواطنين الكويتيين أو اللاجئين السياسيين، بينما الأمر الآخر فإن النص يثير إشكالية أخرى وفق الدستور الكويتي لكونه يؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والسؤال كيف يتم تسليم متهم لدولة لمجرد اتهامه؟

موضحا، "كما ان النص يثير مشكلة أخرى فمثلا عندما تطلب دولة تسليم شخص لمجرد اتهامه لأنه ارتكب فعلا معاقبا وفق قوانينها في حين ان هذا الفعل ليس معاقبا عليه بالكويت، ويكون فعله قد ارتكبه بالكويت والدستور الكويتي ينص على أن لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون، فكيف هنا يحاسب الشخص على قوانين دولة أخرى رغم أنه بالاقليم الكويتي؟

ولفت الفيلي إلى أن التوقيع على النصوص السابقة يمثل توقيعا يتعارض تعارضا مباشرا مع الدستور الكويتي، ويقودنا إلى عدم جواز التوقيع على مثل هذه الاتفاقية لا من الحكومة ولا من المجلس لكون تصديقهما مخالفا للدستور، علاوة على عدم وجود مصلحة من وضع نصوص غير موحدة وبذات الوقت تخالف الدساتير ومنها الدستور الكويتي.

وبين أن عدم تعديل بنود الاتفاقية بشكل قانوني ومتطابق مع الدستور، سيجعل منها بالمستقبل القريب اتفاقية قابلة للتفسيرات وتكون مدعاة للخلافات بين الدول، وليس من الحصافة الاقدام عليها لأن نصوصها مدعاة للخلافات بين الدول.

إصدار الاتفاقيات بقانون

بدوره قال استاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. خليفة الحميدة ان الدستور الكويتي نص على ضرورة إصدار الاتفاقيات بقانون، إذا كانت تتضمن بعض التناولات أو تخص ضمانات الافراد أو حقوقهم أو حرياتهم.

وأضاف، انه سبق للمحكمة الدستورية أن قضت بعدم دستورية مواد باتفاقية الجمارك الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، لكون نصوصها قد عاقبت على سبيل الافتراض كل متهم على التهرب الجمركي، وقالت المحكمة الدستورية أن مثل هذا التجريم لا يتوافق مع الدستور الكويتي الذي يؤكد أن الاصل في الانسان البراءة وليس الاتهام وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية توفر له كل الضمانات القانونية، موضحا ان المحكمة الدستورية قضت في حكمها بعدم دستورية أحد نصوص اتفاقية الجمارك الموحدة بالنسبة للكويت لتعارضه مع الدستور الكويتي.

وأوضح أن الاتفاقية الامنية الخليجية تتضمن نصوصا غامضة وغير محددة، ومثل هذا الغموض يقود إلى تعارض صريح مع المبادئ العامة للدستور الكويتي، مضيفا أن الدستور يرفض فكرة تسليم المواطنين لدولة أخرى سواء على سبيل الاتهام أو حتى تسليمهم بعد الحكم عليهم أو حتى تسليم أي أجانب لدولهم لمجرد اتهامهم منهم، وهم على أرض الكويت لأن في ذلك أيضا تعارضا للدستور الكويتي.

ولفت الحميدة إلى "انه حتى ما تثيره الاتفاقية بإمكانية تسليم الاشخاص لدولة أخرى وهم في مرحلة الاعداد للجريمة وهي مرحلة غير معاقب عليها بالقانون الكويتي أصلا لكون القانون يعاقب فقط على الشروع في الجريمة أو الجريمة ومثل هذا التسليم يتعارض مع القوانين الداخلية والدستور لعدم التجريم".

 مخالفة نصوص دستورية

من جانبه أكد عضو مكتب أركان للاستشارات القانونية المحامي د. فايز الفضلي أن بعض مواد الاتفاقية الأمنية الخليجية تخالف مواد صريحة وواضحة للدستور الكويتي كالمواد 31 و34 و46 لافتا إلى أن المخالفات الواردة للاتفاقية لا تخالف مواد قانونية ترد في قوانين عادية، وانما تخالف نصوص الدستور وبالتالي ستجعل من النصوص التي سيتم إقرارها نصوصا مخالفة للدستور.

وأضاف الفضلي انه وبعد الاطلاع من الفريق القانوني لمجموعة أركان للاستشارات القانونية تبين ان المواد 2 و3 و11 و14 و16 من الاتفاقية تحمل شبهات دستورية واضحة، وتمثل بعضها مخالفات صريحة لنصوص الدستور ولمبادئه العامة وهو ما يجب على المشرع الكويتي الحذر منه، مبينا أن الدستور الكويتي كفل للانسان مواطنا كان أو مقيما مجموعة من الحقوق الطبيعية كحرية الفكر والتعبير عنها والتنقل وضمانات أيضا طبيعية في حال اتهامه أو القبض عليه او تفتيشه والتنازل عنها أو التفريط فيها يعد تعديا على المبادئ الاساسية التي يقوم عليها الدستور الكويتي.

وأكد أن الاتفاقية تسمح بملاحقة الخارجين على النظام العام دون تعريف ما هو النظام العام وتسمح بمحاسبة أي مواطني دولة لمجرد حديثهم بالشؤون الداخلية لتلك الدولة وتسمح لدولة أجنبية التدخل في مرحلة الاستدلال، وهي احدى مراحل التحقيق مع المتهمين والتي يجب أن يكون القائم عليها هم رجال الشرطة الوطنيين وليسوا الاجانب لما يتمعتون بصلاحيات واسعة، كما أن الاتفاقية تسمح بالمطاردة البحرية داخل المياه الاقليمية الكويتية علاوة على أنها تسمح بتسليم الاشخاص مواطنين أو مقيمين الذين يتم إتهامهم من دولة أخرى أو يحكم عليهم وهي جميعها نصوص تخالف الدستور.