أنجزت مصر أمس خطوة على طريق خريطة المستقبل، بإقرار قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، في حين اشتعل الجدل حول تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات، بينما انشغل الشارع المصري أمس بعدد جديد من الإضرابات على رأسها إضراب عمال النقل في الإسكندرية.

Ad

خطت مصر أمس، خطوة مهمة باتجاه إجراء الاستحقاق الرئاسي، ثاني خطوات «خريطة المستقبل» التي وضعها الجيش عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بإصدار الرئيس المؤقت عدلي منصور قراراً بقانون «تنظيم الانتخابات الرئاسية».

القانون، الذي طال انتظار القوى السياسية له، فجَّر سلسلة من التعقيدات القانونية على رأسها رفض بعض القوى السياسية تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات من الطعن أمام القضاء على الرغم من أنها لجنة إدارية، وعلى الرغم من أن الدستور المصري الجديد الذي تم إقراره مطلع العام الجاري ينص على إنشاء «المفوضية العليا للانتخابات» وهي المفوضية التي يفترض أن يناط بها تنظيم الانتخابات.  

متابعون اعتبروا صدور القانون متضمناً تحصين اللجنة العليا للانتخابات، جاء لقطع الطريق أمام بعض الجماعات التي كانت تسعى إلى عرقلة «خريطة المستقبل»، بينما شهدت الأوساط السياسية أمس رفضاً واسعاً للقانون، خصوصاً من قبل بعض أعضاء لجنة الخمسين لإعداد الدستور الحالي ومن بينهم الناشط محمد عبدالعزيز.

 بدوره، حذر الفقيه الدستوري إبراهيم درويش من تحصين قرارات اللجنة، مشدداً على أنه «يتعارض مع ما جاء في الدستور، وفقاً لنص المادة 97»، مشيراً إلى أن «عدم تحصين قرارات اللجنة، يأتي من منطلق أنها لجنة إدارية وليست هيئة قضائية».

درويش انتقد القانون لأنه «يحتوي عدة إشكاليات أبرزها عدم تحديد الحد الأقصى لسن المرشح والذي يجب ألا يزيد على 60 عاماً، كما أنه لا بد أن يلتزم بتحديد جنسية أبناء المرشح من أبوين مصريين وألا يحملوا جنسية أخرى، كما أنه يجب رفع الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية إلى 30 مليون جنيه».

مؤسس «التيار الشعبي»، والمرشح الرئاسي المحتمل حمدين صباحي، أشار إلى أنه سيراجع موقفه من الترشح للرئاسة، محملاً خلال تصريحات متلفزة له مساء أمس الأول رئيس الجمهورية مسؤولية احترام الدستور، أما المتحدث الرسمي باسم حملة صباحي، معصوم مرزوق، فقد اعتبر التحصين يلقي شبهات عدم دستورية على الانتخابات المقبلة، بينما اعتبره المنسق الإعلامي للحملة عمرو بدر، سبباً للتشكيك في نزاهة العملية برمتها.

في السياق، وبينما أكد مؤسس حملة «قرار الشعب» محمد فارس، أن «الحملة في طريقها كي تتحوَّل إلى حزب سياسي خلال الفترة المقبلة»، استمرَّت أمس المشاورات بين قيادات المؤسسة العسكرية، قبل إعلان ترشح وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية، خلال الساعات المقبلة، وسط جدل حول احتمال تأجيل الإعلان إلى حين انتهاء مناورة تفتيش الحرب التي تتم منتصف مارس، في حين رجحت مصادر قرب إعلانه الترشح، معتبرة ذلك قد يحدث اليوم خلال حفل «يوم الشهيد» الذي يقام بالقوات المسلحة، سنوياً.

الغضب

إلى ذلك، ساد الترقب الشارع المصري أمس في أول أيام الفصل الدراسي الثاني، وسط حالة من الاستنفار الطلابي أعقبت صدور حكم قضائي أواخر الشهر الماضي، بعودة الحرس الجامعي إلى الجامعات، حيث أصدر اتحاد طلاب 12 جامعة الأسبوع الماضي بياناً أعلنوا فيه رفض عودة الحرس للجامعات مجدداً، فضلاً عن دعوات طلاب «الإخوان»، إلى تنظيم تظاهرات مع انطلاق الفصل الدراسي الثاني.

أمنياً، أعلن مصدر بوزارة الداخلية، إصابة عامل بإصابات طفيفة، جراء انفجار عبوة  محلية الصنع، بمنطقة «كلية البنات» في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة، أمس، بينما ألقى مجهولون زجاجات مولوتوف على سيارة تابعة للشرطة، في مدينة أسوان «جنوب مصر»، مما أدى إلى إصابة ملازم أول وأمين شرطة واحتراق أجزاء من السيارة.

الغضب العمالي تزايد أيضاً أمس، بعدما أعلن عمال وسائل النقل العام بمدينة الإسكندرية الساحلية، الدخول في إضراب مفتوح عن العمل، منذ أمس، بينما دخل أعضاء المهن الطبية «الصيادلة والأطباء البشريون والأسنان والبيطريون»، صباح أمس إضراباً جزئياً عن العمل يضم العاملين في 514 مستشفى تابعا لوزارة الصحة، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية.

في سياق منفصل، رفضت السلطات المصرية أمس ما تضمنه تقرير أصدرته مجموعة من الدول الموقّعة على «ميثاق حقوق الإنسان» حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، واصفة إيّاه بـ«المُجافي للواقع».

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية إن «البيان تضمَّن الإعراب عن القلق إزاء تطور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وهو ما يعكس قدراً من عدم التوازن والدقة خاصة عند تناوله لما سمّاه الاستخدام المفرط للقوة من جانب أجهزة الأمن، الأمر الذي يجافي الواقع حيث إن التعليمات الواضحة الصادرة من الحكومة تؤكد مواجهة أعمال العنف والإرهاب بأقصى درجات ضبط النفس ووفقاً لأحكام القانون».

كما أكد أنه «لا توجد أي اعتقالات عشوائية، وإنما هناك عمليات احتجازات تنفيذاً لأوامر ضبط وإحضار من النيابة العامة، ووفقاً لأحكام القانون».

تأجيل محاكمات

أجَّلت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، «محاكمة القرن» والمتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه ووزير داخليته و6 من مساعديه، لاتهامهم بقتل متظاهرين سلميين خلال ثورة يناير، إلى جلسات 22 مارس وحتى 6 مايو، وحددت 28 جلسة لمدة شهر و4 أيام للاستماع إلى مرافعة النيابة والدفاع.

في غضون ذلك، أجَّلت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بطرة أمس، محاكمة عدد من كبار قيادات جماعة «الإخوان» إلى جلسة 12 أبريل المقبل، في قضية اتهامهم بالقبض على أحد المواطنين واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر إحدى الشركات السياحية بميدان التحرير.

أبرز شروط الترشح للرئاسة

•  أن يكون المرشح مصرياً من أبوين مصريين.

•  ألا يكون قد حصل على جنسية أخرى.

 •  أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية.

•  أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفي منها قانوناً.

•  ألا تقل سن المرشح عن 40 سنة.

•  ألا يكون حكم عليه في جناية مخلة بالشرف أو الأمانة.

•  ألا يكون مصاباً بمرض بدني أو ذهني يؤثر على أدائه لمهام الرئيس.

•  ألا يزيد الإنفاق على الحملة الانتخابية على 20 مليون جنيه في المرحلة الأولى، و5 ملايين في المرحلة الثانية.

•  يلتزم المرشح بتلقي تبرعات عن طريق فتح حساب بنكي بالعملة المحلية.

تبرير «التحصين»: يلائم الواقع

برر مستشار الرئيس المصري المؤقت للشؤون الدستورية علي عوض، أمس، تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد الطعن عليها بالاستناد إلى رأي المحكمة الدستورية العُليا.

وقال عوض، في مؤتمر صحافي، «هناك رؤيتان تناولتا قضية الطعن في قرارات اللجنة، تستند الأولى إلى أنه لا يوجد أي نص في الدستور يحظر الطعن على قرارات اللجنة، بينما الثانية ترى عدم جواز الطعن على قراراتها».

وأوضح أنه رغم أن كلتا الرؤيتين لها وجاهتها، فإنه بناء على ما تمر به البلاد من أوضاع استثنائية على الصعُد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وبناء على موافقة مجلس الوزراء على قانون الانتخابات الرئاسية، متضمناً تحصين قرارات اللجنة؛ فإنه تم إقرار اعتماد رؤية عدم جواز الطعن على قرارات اللجنة العُليا للانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن «لولي الأمر أن يُحدّد ما أكثر الآراء ملاءمة للواقع الراهن، وأنه ربما كان أضعف الآراء سنداً هو أكثرها ملاءمة لظروف المجتمع درءاً لمفسدة أو جلباً لمنفعة أو كلا الأمرين معاً».

ويرى خبراء القانون الدستوري أن التحصين سيفتح باباً للغط حول شرعية الرئيس القادم، إذا ما تم الطعن في دستورية القانون المنظم للانتخابات الرئاسية المقبلة.