جاء من بعيد ونشوة الفوز في عينيه والبسمة على شفتيه، قائلاً: لم تعلق على اتهام مرسي بالتخابر مع "حماس"؟
ضحكت وأجبته: إن كان الشك في الاتهام يمنعك من الضحك فيقيني بسذاجته تدفعني إليه. لم يفاجئني الاتهام، بل أتوقع أن تزداد الاتهامات خلال الأسبوعين القادمين بداية من اتهام الكباب أبو 9000 جنيه يومياً، واتهامات زوجته، إلى اتهامات التخابر مروراً بالعمالة للسي آي إيه... إلخ، فمحاولات شيطنة "الإخوان" والدعوة إلى رجم مرسي واستخدام "الإخوان" كفزاعة للشعب لن تتوقف وستزداد إلى أن يخرج علينا من يمسك بمصباح علاء الدين ويفركه، ويقول لنا إن الحل "نعم للاستفتاء"! وسألت صديقي: أتدري ما هو خطأ الانقلابيين؟أجاب: ما هو؟قلت: إنهم يعتبرون كل من يرفض الانقلاب "إخوانياً" وأنهم وحدهم "المواطنون الشرفاء" بلغة الإعلام وغيرهم خائن وعميل.قال: تعلم تماماً أنني لا أرى ذلك، وتعرف أن الكثيرين من أصدقائنا يرفضون الانقلاب وليسوا "إخواناً"، ومنهم من يؤيد الانقلاب ويرفض حكم العسكر أو رئاسة السيسي أو جعله إلهاً كما تقول.قلت: تماماً أعلم ذلك، ولكن الحديث يكون دائماً عن الاتجاه العام لهذا الفصيل أو ذاك.قال: إذا كان الأمر كذلك... فلماذا تهاجم من اختار السيسي شخصية العام؟قلت: عذراً، فشخصية العام أمر آخر، فقد كان الأمر أشبه بكوميديا الستينيات (كوميديا المهندس ومدبولي) بينما الحقيقة أن المرء لم يكن بحاجة إلى أكثر من "كبسة زر" على الكمبيوتر ليعلم من فاز؟ ومتى؟ وما شروط الاختيار وكيفيته؟ بدلاً من ذكر معلومات خاطئة على أنها حقائق ثم يضطر بعد ذلك إلى الشرح والتوضيح، فلا قيمة لما يقال الآن، فكما يقول المثل المصري "بعد العيد مينفتلش كحك".قال: هناك من هو مقتنع فعلاً بجدارة السيسي بشخصية العام. وأن يكون رئيساً لمصر.قلت: لا أعيب عليه اقتناعه، ولا أرفض اختياره، فله مطلق الحرية وكل الحق ولكن ما يرفضه العقل والمنطق – لا أنا- أن يُلبس الباطل ثوب الحق، وأن يصف الرجل بما ليس فيه، أو يتخيل ما هو غير موجود كموضوع الحرب الأهلية، فكيف يقال إن الرجل أنقذ البلاد منها وعدد من سقطوا ضحايا بعد الانقلاب في 4 أشهر أكثر من 10 أضعاف من سقطوا في عام كامل من حكم مرسي، ولا يصح أن يقال مثلاً "كان من الممكن حدوث الأسوأ"، فهذا لا يعني إلا أن الانقلابيين هم من كانوا يخططون للحرب الأهلية المزعومة، أم أنك تزعم أنهم يعلمون الغيب. أحبَّ السيسي كما تشاء وأيد الانقلاب كما تريد، ولكن لا تلبسه وضعاً مخالفاً لطبيعته أو وصفاً مغايراً لحقيقته.قال: تحاول أن تدفعني إلى حوار الألفاظ والمفردات.قلت: إطلاقاً، فقد درسنا العربية معاً وتعلمنا البلاغة في فصل واحد وعرفنا أنها "موافقة الكلام لمقتضى الحال، إطناب في غير إملال، وإيجاز في غير إخلال"، وأن يكون الحديث في جوهر الموضوع، أما الخروج من موضوع إلى آخر والهروب من سؤال إلى آخر فليس من أدبيات الحوار ولا من البلاغة ولو استخدم صاحبها آيات القرآن الكريم، وهو أبلغ ما عرفته اللغة العربية.قال: أوافقك فعلاً، ولكن التعميم مرفوض كحديثك عن حملة المباخر.قلت: "حملة المباخر" وصف لفعل وليس تحديداً لشخص، فكل من يصف شخصاً بما ليس فيه ويمنحه من القداسة ما يحول بينه وبين حقي في رفضه ويمنع نقده هو من حملة المباخر، ولا علاقة لهذا بسن أو منصب، بل أزعم أن الكثيرين ممن نالوا مناصب عليا كانت هذه هي مهارتهم الوحيدة، ولا تنسَ أن شيوخ قبائل قريش - مثلاً- لم يمنعهم كبر سنهم ولا علو منصبهم أن يسيروا في الكعبة حاملين المباخر للأصنام متمسكين بالباطل رافضين للحق و...قال: هذا يكفي، فأنت تعلم أنني على موعد مهم لا أستطيع الاعتذار عنه.قلت: نعم أعرف وأدعو لك بالتوفيق في مسعاك إن شاء الله.وإلى مقال آخر إن كان للحرية متسع.
مقالات
حوار مع صديقي «الانقلابي»
27-12-2013