فنان ذو طابع خاص، صاحب موهبة أشاد بها الجميع، لا تشغله حسابات النجومية، مقلّ في أعماله لأنه يختار بعناية ما يقدمه للجمهور، غاب سنوات وعاد الآن للوقوف على خشبة المسرح في  مسرحية «دنيا حبيبتي» مع المخرج جلال الشرقاوي.

Ad

عن مسرحيته الجديدة وأسباب غيابه وقضايا فنية  كان الحوار التالي مع كمال أبو رية.

حدثنا عن «دنيا حبيبتي».

المسرحية تأليف أيمن الحكيم، إخراج المخرج الكبير جلال الشرقاوي، أشعار مدحت العدل، ألحان محمد رحيم، ويشارك فيها: نسمة محجوب، رضا إدريس، إنجي خطاب.

تنتمي المسرحية إلى الكباريه السياسي، وترصد فترة حكم {الإخوان المسلمين} لمصر وسلبياتها، وتستعرض المؤامرات التي يتعرص لها الوطن العربي، إذ تبدأ بأداء محمد مرسي اليمين وتنتهي بكلمة عبد الفتاح السيسي بعزل مرسي وتعطيل العمل بالدستور.

ما دورك فيه؟

أجسّد شخصية فارس، رمز للأبطال الذين قدموا الكثير لوطنهم، من أحمد ومحمد علي وعبد الناصر والسادات حتى عبد الفتاح السيسي، وتظهر على المسرح، للمرة الأولى، شخصيات مثل مرشد الإخوان، شباب «تمرد».

ما الذي حمّسك للمشاركة فيها؟

أنا من عشاق المسرح ولا أتردد في قبول أي عمل مسرحي، خصوصاً إذا كان جيداً، ثم العمل مع المخرج الكبير جلال الشرقاوي متعة، ويوثق العرض، كما أشرت، لفترة حكم الإخوان ويفضح مخططهم على مصر، وبالتالي أي فنان يعرض عليه هذا العمل لا بد من أن يوافق فوراً.

ما سبب أزمة المسرح وقلة عروضه؟

 

بالنسبة إلى مسرح الدولة، تتعلق الأزمة بالدولة التي لم تكن تهتم بالفن عموماً والمسرح خصوصاً، وعدم وجود ميزانيات ونصوص جيدة، أما في ما يتعلّق بمسرح القطاع الخاص، فالأزمة اقتصادية، إذ لم يعد بمقدور الأسرة المصرية دخوله لارتفاع ثمن التذاكر.

هل ارتفاع الأجور في السينما والتلفزيون سبب غياب النجوم؟

العمل في التلفزيون مرتبط بموسم أوحد كذلك السينما، بمعنى أن لدى الفنان أوقاتاً طويلة للمسرح إذا كان يرغب في العمل، وعندما يتوافر لديه مسرح وعروض مقدمة من الدولة أو من القطاع الخاص يختار أفضلها.

ما سبب غيابك عن الدراما التلفزيونية؟

ليس غياباً، لكن المناخ اختلف عن المناخ الذي كنت أعمل فيه، هذا الموسم رفضت أربعة مسلسلات، لأنني لم أجد نفسي في بعضها، ولأنني اختلفت مع المنتج في بعضها الآخر.

لا أعمل إلا وفق الشكل الذي يرضيني، والجلوس في المنزل كمشاهد أفضل من المشاركة في عمل يفقدني تاريخي الذي أعتز به.

هل ينطبق ذلك على أبناء جيلك أيضاً؟

بالطبع، لذا هم خارج حسابات المنتجين والمناخ المختلف نوعاً ما، مثل هشام سليم وممدوح عبد العليم، لأننا نرى الفن وما نقدمه من وجهة نظر أصبحت خارج السياق ومختلفة عما نراه على الشاشة الآن.

ما الفارق بين جيلك وجيل الشباب؟

يكمن الفرق في المناخ والعلاقة بين الفنانين، تربط بين أبناء جيلنا  علاقة حب وصداقة، عندما قدمت «جمهورية زفتى» مع ممدوح عبد العليم كانت بيننا صداقة وتبادل نصائح، ولم تكن ثمة غيرة فنية، أما اليوم فلا صداقة بين الفنانين ولا حب، وتسيطر الغيرة بينهم إلى حد كبير.

هل حظوظهم أكبر من حظوظ أبناء جيلك؟

هم جيل سيئ الحظ، بلا قضية وهدف كبير، لا أقصد النجاح الشخصي، إنما كل ما يشغلهم تحقيق نجاح تجاري، والحصول على أجر أكبر من زملائهم، وتصدّر اسمهم الأفيش، لكن بعدما يتقدم بهم العمر، سوف ينظرون إلى مشوارهم الفني فلن يجدوا أي شيء له قيمة، قد يكون رصيدهم المادي كبيراً مقارنة بنا، لكن لا أعمال ناجحة محفوظة في تاريخ الفن... عليهم الانتباه إلى ذلك. لا بد من قضية ينتمي إليها الفنان وهدف كبير ومشروع يقدمه للمجتمع من خلال فنه. ليس الفن مجرد مهنة نتكسب منها ونمضي.

ما سبب انتشار الأعمال المدبلجة خصوصاً التركية؟

قد يندهش البعض إذا قلت إنها لغرض سياسي، أي اختراق المجتمع العربي، لا سيما  المصري، لضرب الدراما ثم إدخال أفكار وعادات إلى المجتمع الشرقي بعيدة عنه. بما أن الأعمال التركية ضعيفة فنياً ولدينا رصيد من الفن والإبداع فقد فشلت وهي تختفي تدريجياً.

ما أفضل الأعمال التي تابعتها في رمضان؟

«سجن النسا»، الأفضل في هذا الموسم، أشكر مريم ناعوم على ما قدمته، في العامين الماضيين، من أعمال تعبر عن الواقع المصري،  والاستعانة بروايات أدبية على غرار  «سجن النسا» و»ذات»، لأننا نفتقد إلى تقديم روايات أدبية، ونشاهد دراما بعيدة عن الواقع المصري، تستورد أفكارها وقضاياها، حتى الشخصيات غير مصرية، وقد تؤدي إلى فساد المجتمع.

 برأيك، ما سبب تغير موضوعات الدراما التلفزيونية؟

البحث عن الربح أولا، ثم الإفلاس، جيل الشباب من ممثلين ومؤلفين لا تشغلهم أي قضية وطنية أو هموم تتعلق بالمجتمع، مع العلم أن من يهدي المجتمع والناس إلى الطريق الصحيح والتقدم هم النخبة والمثقفون، وإذا كان هؤلاء  أصحاب مصالح أو يبحثون عن شهرة، يضيع المجتمع.

عندما يطلب من مؤلفين شباب تقديم عمل، إما ينسخون عملا أجنبيا أو ينفذون طلبات النجم ويكتبون عملا وفقا لهواهم، لذا نرى الآن فناً غريباً عنا، سواء في السينما أو التلفزيون.

ما رأيك باستخدام ألفاظ  خارجة بحجة تقديم الواقع كما هو؟

 لا أوافق طبعاً، في الماضي كنا نقدم الواقع كما هو  ونتعرض لمشاكل المواطن المصري من دون ألفاظ أو إيحاءات. هنا أتساءل:  هل مخرجو الواقعية صلاح أبو سيف وعاطف الطيب، أعمالهم مليئة بألفاظ وإيحاءات؟ الإفلاس سيد الموقف، لذا يلجأ المؤلف أو الفنان إلى هذه الأساليب الرخيصة لتحقيق نجاح تجاري فحسب.

ما أهم محطاتك الفنية التي تعتز بها؟

أكثر ما يسعدني أن الأعمال الجيدة التي قدمتها محفوظة في ذاكرة الجمهور الذي يتابعها في كل مرة تعرض فيها كأنه يشاهدها للمرة الأولى، من بينها: «جمهورية زفتى»، «سوق العصر»، «أم كلثوم»، «الفرار من الحب»، «بين القصرين»، «قاسم أمين»، وفيلم «وضاع العمر يا ولدي»...

ما دور الفن في المرحلة المقبلة؟

مطلوب من كل فنان أن يكون لديه حس وطني، قضية تشغله وهدف تجاه المجتمع يسعى إلى تحقيقه من خلال فنه. مطلوب من الدولة أن تهتم بالفن أكثر وتفطن إلى أهميته كـ «قوة ناعمة» تؤثر في المجتمع. مطلوب الاهتمام بالمواهب الجديدة وتثقيفها وتقديمها بشكل جيد بدلا من تركها لتجار الفن.