الناظر في آلاء الحياة الديمقراطية الكويتية لا يرى سوى المتاهات التي لها بداية وليس لها نهاية، وللأسف الشديد فهذه المتاهات في كل يوم تزداد حجما وعدداً. فبعد أن كان مجلس الأمة مشرعاً ومراقباً ومحاسباً، أصبح اليوم مشاهداً ومؤيداً وبائعاً، فما حدث في الآونة الأخيرة من شطب لاستجواب (سواء مؤيد أو معارض أو لك وجهة نظر في محاوره) ما هو إلا نحر لآخر أداة دستورية يمكن لنائب أن يمارس من خلالها مراقبته الدستورية والشعبية.

Ad

وكم آلمنا عندما تقدم بعض النواب بتأييد الشطب والإلغاء للاستجواب، حيث كان الأجدر بالمجلس بجميع نوابه ورئيسه أن يسمحوا لزميلهم بعرض استجوابه ومناقشته، وكان الأجدر على المستجوَب (رئيس الوزراء أو أي وزير) أن يصعد للمنصة ويفند محاور الاستجواب وتبيان المحاور غير الدستورية، كما يدعي.

إن كانت الحكومة التي لا تستطيع بجلالة قدرها ومستشاريها ومعاونيها، أن تواجه استجواباً من محاور عدة، فكيف ستواجه المشاكل والأزمات؟ ولن تكون قادرة على وضع حلول لها بطبيعة الحال، والمجتمع يعاني مشاكل وأزمات منها متراكم ومنها ما هو جديد على الساحة.

حكومة بهذا الضعف آن الأوان أن ترحل، وآن الأوان أن تأتي حكومة قادرة على المواجهة، وقادرة على وضع الحلول، وقادرة على أن تخرج من عباءة "سي السيد" إلى طاقية "خادم القوم سيدهم".

إدارة البلد تكليف لا تشريف، والحكم أمانة ويوم القيامة خزي وندامة، والكل أقسم اليمين أن يحافظ على المال العام، وأن يذود عن مصالح الدولة، وأن يعمل لمصلحة الشعب، فمن التزم منكم هذا القسم فقد نجا، ومن خان هذا القسم ولو بشيء بسيط فلينتظر غموسه في النار.  وما أنا لكم إلا ناصح أمين.