«حماس»... هل ستَجُبُّ المصالحة ما قبلها؟!

نشر في 02-06-2014
آخر تحديث 02-06-2014 | 00:01
 صالح القلاب لا ضرورة إطلاقاً لأن يدخل نائب "مراقب" الإخوان المسلمين على خطِّ الذين دأبوا على "الترويج" لما يسمونه: عودة حركة "حماس" إلى الأردن، فيُفترَض أن حركة المقاومة الإسلامية منظمة فلسطينية لا يجوز ولا يحق لها أن تتدخل في الشؤون الداخلية الأردنية، وهذا يتطلب قبل أن تحاول هذه الحركة، ولو محاولة، إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد أن تتخلص من عضوية اثنين من قادة الجماعة الإخوانية (الأردنية) في قيادتها العليا التي هي مجلس الشورى، الذي للتنظيم الدوليّ (الإخواني) فيه حصة الأسد، والذي، بناءً على هذا، يعتبر هو المسؤول عنها تنظيمياً وسياسياً وتمويلاً... وفي كل شيء.

لا صحة إطلاقاً لما نُسب إلى "المجاهد" أسامة حمدان، المقيم في ضاحية بيروت الجنوبية والمعتمد كسفير لحركته في بلاط حسن نصر الله، من أنَّ هناك اتصالات أردنية- "حمساوية"، وأن هناك اتفاقاً على أن قيادة هذه الحركة ستزور عمان بقيادة خالد مشعل لِتُطْلِعَ الأردنيين على خفايا المحادثات الفلسطينية- الإسرائيلية، ولتؤكد لهم رفضها لـ"الوطن البديل"... هذه المعزوفة التي غدت مقرفة وممجوجة.

إنه لا توجد أي اتصالات، على الإطلاق، لا سرية ولا علنية بين الحكومة الأردنية وبين حركة "حماس"، وإنه غير وارد، بتاتاً، السماح لهذه الحركة بفتح مكاتب لها في عمان أو في أي مكان آخر من الأراضي الأردنية... والصحيح أنه بإمكان قادة هذه الحركة أن يقوموا بزيارات عائلية، كأفراد، إلى الأردن مثلهم مثل مسؤولي باقي التنظيمات الفلسطينية... أما حكاية المكاتب والإقامة الدائمة فإنها غير واردة على الإطلاق... والشقيُّ من استمرَّ في تكرار أخطائه، والسعيد منْ استفاد من هذه الأخطاء.

إنه يُفترَض، خصوصاً، وقد تم إنجاز هذه الخطوة المهمة على طريق "المصالحة" والوحدة الوطنية الفلسطينية، أن تضع حركة "حماس" حداً لعيش المنافي والتنقل بين العواصم، وأن تعود قيادتها، إن لم يكن إلى الضفة الغربية فمؤقتاً إلى قطاع غزة... أمَّا بهذه الوضعية التي من غير الجائز استمرارها، فإنها ستبقى تشكل عبئاً ثقيلاً على قراراتها، وستبقى يُفرَض عليها أنْ تكون جزءاً من محاور المنطقة وجزءاً من الصراعات العربية والإقليمية التي لا علاقة لقضية فلسطين بها لا من قريب ولا من بعيد.

وكان على حركة "حماس" أن تتجنب محاولة تسويق معلوماتها الاستخبارية المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، فالأردن يعرف عن هذه المفاوضات أكثر كثيراً مما تعرفه حركة المقاومة الإسلامية... وغير جائز، لا أخلاقياً ولا سياسياً، أن تكون هناك محاولة لدق أسافين في العلاقات التي لم تصل في أي يوم من الأيام إلى هذا المستوى الراقي من التنسيق والتكامل بين القيادة الأردنية وقيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية.

ربما لا يقبل إخواننا في "حماس" النصيحة إلا من "إخوانهم"، ومن الشيخ يوسف القرضاوي، ومن بعض العواصم التي تؤوي كبار قادتهم... على الرحب والسعة... لكن، من الواجب القومي والوطني والفلسطيني أن نقول لهم إنه لا مكان لهم إلا في فلسطين، وعليهم أن يخرجوا من كل هذه التداخلات المكلفة ويُنهوا علاقاتهم السياسية والتنظيمية والمالية بـ"إخوان" مصر وبالتنظيم الدولي لهذه الجماعة، وأن يتخلوا عن عودتهم الأخيرة لـ"إيران" وقيادة الولي الفقيه، وأنْ يتخلصوا نهائياً من حكاية "فسطاط الممانعة والمقاومة"، وأن يكونوا صادقين في خطوة "المصالحة" والوحدة الوطنية، وأن يذهبوا هرولةً بعد هذه الخطوة، التي يجب ألا تكون مجرد مناورة بدوافع آنية وظرفية، لولوج أبواب منظمة التحرير التي تكرست على مدى كل هذه السنوات الطويلة كممثل شرعي ووحيد لهذا الشعب المناضل والمكافح العظيم، وكناطق باسم القضية الفلسطينية.

إنه غير لائق وغير جائز أن تبقى هذه الحركة تتلطى في زوايا العواصم العربية التي تستضيفها لا من أجل سواد عيونها ولا من أجل فلسطين، كما أنه غير جائز أن تستمر هذه الحركة بهذا الارتباط المكلف مع الإخوان المسلمين ومع "حزب الله"... فيُفترَض أنها حركة وطنية فلسطينية مستقلة، وتختلف عن كل هذه التنظيمات التي تصْطفُّ إلى جانب نظام دمشق، والتي غدت أيدي قادتها ملطخة بدماء أبناء الشعب السوري مثلها مثل أيدي قادة عصابات "أبو الفضل العباس" و"فيلق القدس" و"عصابات أهل الحق"... وباقي الشراذم الطائفية التي تم استيرادها من العراق وإيران للوقوف إلى جانب الباطل وضد الحق والأخلاق الإنسانية.

back to top