لماذا لا يصل المبدعون العرب إلى العالمية؟

Ad

لا ينقصنا كعرب أي شيء كي نحصد الجوائز الكبرى، فالأعمال العربية أصبحت أحد أهم روافد الأدب العالمي، بالإضافة إلى الترجمات الكثيرة التي تمتلئ بها المكتبات الغربية. لكن السبب الأهم لشعور العرب أنهم متأخرون روائياً هو أن الرواية العربية بدأت متأخرة، تحديداً منذ حوالى مئة عام فقط أي في مطلع القرن العشرين، فالغرب سبقنا في كتابة الرواية بـ200 سنة، ما جعله يشغل مساحة كبيرة من هذا العالم.

هل تشعر أن قلة الأعمال العربية المترجمة سببت عائقاً ضد المزيد من الرواج للإبداع العربي في الخارج؟

ربما يكون ذلك سبباً، لكن هذه الترجمات عموماً تزداد يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى جائزة «البوكر» العربية التي أثرت الرواية لدينا وساعدت في رواجها عالمياً. وإذا تكلمنا بصراحة، سنجد أن الترجمة الحقيقة لم تبدأ إلا منذ سنوات قليلة وتحديداً مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، فدائماً ما كانت تُترجم لنا ترجمات استشراقية بسيطة وكانت تطبع عادة بأعداد قليلة جداً لا تتعدى المئة أو المئتين نسخة. أكثر من ذلك، سنجد أن ثمة مانعاً حصينا بين الأدب العربي وبين العالم الخارجي، ألا وهو الإرهاب. فهل من الممكن أن نتخيل أن ثمة أجنبياً سيشتري مطبوعة لكاتب عربي في الوقت الذي يتم فيه تفجير قطار أو حافلة ركاب. الإرهاب يمنع ويقلل من قيمة الإبداع العربي.

هل تخلى المبدعون عن دورهم في تقديم الصورة الصحيحة للمواطن العربي والمسلم؟

إذا حاول الغرب قراءة الأعمال العربية فسيغير وجهة نظره تماماً. يقوم المبدعون العرب بدورهم على أكمل وجه، لكن الغرب أصبح غير مستعد لقراءة أي شيء عربي، إذ يعتبر أننا إرهابيون فالأدب دائماً يدفع ثمن السياسة الحمقاء.

لماذا تحولت من كتابة القصة القصيرة في بداياتك إلى الرواية؟

يقدم الكاتب أي نوع من الأدب، ففي بداية حياتي بدأت بالرواية لكن أول أعمالي التي نشرت كانت القصة القصيرة وذلك لسهولة نشرها، أي كتبت الرواية أولاً لكن الجمهور عرفني بالقصة القصيرة. الكاتب الحقيقي لديه الموهبة التي تجعله ينجز أي نوع من الكتابة.

هل استفدت من تحويل بعض أعمالك إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية؟

بالتأكيد استفدت أنا وأعمالي فالرواية عندما تحول إلى مسلسل أو فيلم فإنها تكتسب دعاية وشهرة كبيرتين وتصل إلى شريحة جديدة من الجمهور.

هل تشعر أن أعمالك التي تم تحويلها إلى أفلام أو مسلسلات ما زالت تحمل اسمك أم أن السيناريست أصبح مالكاً لها؟

ثمة قواعد توضح وتنظم هذه العلاقة التي قد تبدو ملتبسة في بعض الأحوال، فلو نظرنا بهدوء إلى هذا الموضوع سنجد أن العمل سينسب إلى ثلاثة أشخاص أولهم الروائي الذي كتب القصة الأصلية ثم السيناريست الذي حولها سينمائياً أو تلفزيونياً، أما الثالث فهو المخرج.

إذا قارنا بين الرواية والسيناريو أيهما سيكون أقوى من وجهة نظرك؟

لا يمكن على الإطلاق المقارنة بين الاثنين، فمن الممكن أن يضغط السيناريست مئة صفحة روائية في مشهد واحد وممكن أن يستخرج من صفحة واحدة عشرات المشاهد، والمقارنة بين  الوسيطين غير صحيحة وغالباً ما تكون ظالمة للدراما.

نرى أن معظم الأدباء محصورون داخل بيئتهم، فأبناء الجنوب يكتبون عن الصعيد وأبناء الإسكندرية كذلك، فهل النشأة الأولى هي التي تؤثر على المبدع وتحرضه على الكتابة؟

البيئة التي نشأ فيها المبدع أثناء طفولته هي منبع إبداعه لأن هذه المرحلة العمرية تُحفر في الوجدان وتكون بمثابة النقش على الحجر، لأن الطفل يستقبل الأحداث بسعادة بالغة مما يجعلها تترك أثراً جيداً لديه.

هل أصبح الوقت مواتياً لتقديم رواية عن ثورتي مصر الأخيرتين؟

من الممكن جداً إصدار رواية عن هذين الحدثين، وثمة عدد من الروائيين لديهم الاستعداد لتقديم هذا العمل رغم أني أفضل الانتظار حتى تكتمل الرؤية وتتمكن من الروح وتهدأ الأحداث، فيومياً نشهد أحداثاً متجددة مما يصعب من مهمة المبدع. لكن الفيصل في الموضوع هو كيف يكتب هذا العمل وليس ماذا سيكتب فيه.

هل أنت راض عن أداء النخبة المثقفة؟

أرفض بشدة كلمة النخبة المثقفة لأنها تتضمن خلطاً كبيراً، فالمثقفون شيء والمبدعون شيء آخر. المبدعون دائماً على هامش المجتمع ودائماً معارضون ومضطهدون وفي غالبية الأحوال يكونون غير متوافقين مع المجتمع والنظام الحاكم.

ماذا لو جاء نظام حاكم كما يتمناه المبدع... هل سيعارضه أيضاً؟

أي حاكم ستتم معارضته من المبدعين، فالمبدعون أشخاص يرون أموراً لا يراها الناس العاديون ويتمنون أن يكون بلدهم أفضل دول العالم، فلذلك لن يرضوا عن أداء أي حاكم مهما كان وذلك في سبيل تطلعهم إلى الأفضل دائماً.

ما رأيك في دستور 2013 من خلال المواد التي تم تسريبها منه حتى الآن؟

المواد المنشورة جيدة وتبشر بأننا أمام دستور محترم إلى أقصى درجة مقارنة بما تم عمله في 2012، عندما «سلق» «الإخوان» الدستور وطبخوه في 24 ساعة. وللعلم الدستور يحدد الخطوط العريضة للدولة بعيداً عن التفاصيل. على سبيل المثال المادة 219 من الدستور السابق خير دليل على أن «الإخوان» لا يفقهون شيئاً في هذه الأمور حيث وضعوا في هذه المادة تفاصيل كثيرة لا يجب أن تحتوي عليها الدساتير، بالإضافة إلى أن مدلول هذه المادة جرم كبير وكانت ستحول مصر إلى أفغانستان جديدة وكانت ستؤدي بنا إلى حرب أهلية وطائفية.

هل ترى أن مصر على وشك عصر جديد من عصور كبت الحريات بعد الدعوات المقامة لإلغاء بعض البرنامج وغلق بعض القنوات؟

أعتقد أننا لن نصل إلى هذه المرحلة أبداً، ويجب أن يكون غلق القنوات والبرامج من خلال حكم قضائي ويشترط أن يكون مقيم الدعوى القضائية أحد المتضررين الفعليين وليس شخصاً مدفوعاً من هذا أو ذاك، كأن يقوم أحد المواطنين بتحريك دعوى قضائية لاتهام أحد المذيعين بإهانة الرئيس أو إهانة أحد الوزراء وتسمى هذه الطريقة بالحسبة، وهي تصلح للعصور الوسطى وليس الآن لأنها سبب لغلق هذه القنواتو لكن من الأبواب الخلفية.

كنت قد تنبأت في روايتك «في كل أسبوع يوم جمعة» بثورة 25 يناير، فلماذا لم تستشعر أن الثورة قد تتكرر ضد «الإخوان» في أعمالك الأدبية التالية لـ 25 يناير؟

توقع الروائي للأحداث المستقبلية يكون غير مقصود لكنه يكتشف ذلك بعد وقوع الحادث، فثمة للكاتب جانب غير مدرك وغير محسوس هو الذي يحرك كتاباته.

كتبت رواية في نهاية 2012 توقعت فيها زوال جماعة «الإخوان» إلى الأبد، بالإضافة إلى مقالاتي التي كنت أكتبها في صحيفة «اليوم السابع المصرية» والتي كنت أرى فيها أن «الإخوان» لن يستمروا طويلاً في حكم مصر.

كيف تقيم أعمال شباب الروائيين المصريين؟

تشهد الرواية المصرية قوة غير عادية وثمة أسماء شابة لمعت وأصبح لديها أسلوبها الروائي، وهذا يؤكد لنا أن الرواية المصرية ستظل في الصدارة عربياً.