نحو دور صيني أكثر فاعلية!

نشر في 19-03-2014
آخر تحديث 19-03-2014 | 00:01
 تركي الدخيل في ظلّ هذا الصراع الإقليمي المحتدم، وغياب شرطي العالم الأميركي عن الأحداث الشرق أوسطية، واتخاذ روسيا ممارسات غير إنسانية تجاه الأحداث العربية، كل تلك المحفزات جعلت التوجه نحو الشرق ضرورة، إذ شهدت بعض دول الشرق جولات قادة خليجيين، فملك البحرين حمد آل خليفة زار الهند، وولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز زار باكستان، واليابان، والهند، والصين، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد زار اليابان وكوريا الجنوبية، في صناعة توازنات إقليمية متنوعة.

 ساهم ضعف إدارة أوباما في التعاطي مع قضايا العالم، وبخاصة في الملف السوري المأساوي، في صياغة وخلق هذه التوازنات.

الأسبوع الماضي شهد حواراً لافتاً لوزير الخارجية الصيني وانغ يي في (الشرق الأوسط)، وضع أسساً للتعاون بين الصين والسعودية قال: "إن ما يهمنا في منطقة الشرق الأوسط، يتمثل في نقاط: أولاً، العدالة، أي حماية القواعد الأساسية للعلاقات الدولية، واحترام خيارات الشعوب بإرادتها المستقلة، وثانياً، السلام، أي حماية استقرار المنطقة، ودفع الحلول السياسية للقضايا الساخنة، وثالثاً، التنمية، لأن التنمية السليمة في دول الشرق الأوسط تصب في مصلحة العالم، وفي مصلحة الصين أيضاً، ورابعاً، التواصل، أي تحقيق الاستفادة المتبادلة مما لدى الغير من مزايا، عبر الحوار بين مختلف الحضارات والتعلم المتبادل".

ترى الصين أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات من اشتعال فتيل الحرب في سورية، أجمعت الأطراف الدولية كافة، على أن الحرب لن تحل المشكلة، وأن تحقيق الحل السياسي عبر المفاوضات يمثل الطريق الوحيد للخروج من الأزمة، وقد أجرت الحكومة السورية والمعارضة جولتين من المفاوضات، في إطار مؤتمر جنيف حتى الآن، حيث أعرب كل منهما عن رغبته في مواصلة المفاوضات، على الرغم من وجود خلافات وصعوبات، وهذا ليس أمراً سهل المنال! هذه هي الرواية الصينية الرسمية حول الأزمة السورية، وخلاصتها أمران: الحل السياسي، وإجراء المفاوضات بين النظام والمعارضة.

الصين تستطيع، إن تخلّت عن تقوقعها، أن تساهم في حل المشكلات والإسهام في إيجاد مقاربات للأزمات الكبرى في المنطقة، وأتفق مع الأستاذ عبدالرحمن الراشد الذي رأى أن: "الصين لن تحل محل أميركا، لكنها ستكون لاعباً مهماً، وهي تختلف في فلسفتها وممارستها عن روسيا التي أظهرت وجهاً قبيحاً في كل مكان تدخلت فيه"، قد يكون الدور الصيني متواضعاً في البداية، لكنه دور مهم دون شك.

من الواضح أن الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي ستكون نافذةً ومدخلاً للتعاون بين بكين والرياض بدءاً من التعاون الاقتصادي، وصولاً إلى التعاون السياسي لملء هذه الفراغات التي سببها ترهل الدبلوماسية الأميركية العاجزة، فالآن جاء دور التنين الآسيوي وبقية النمور وذلك بأن يكون لهم كلمتهم في هذا العالم المثقل بالصراع.

يتعجّب الصينيون من مستوى الكراهية الذي يعتور الأزمة السورية، بالفعل لقد كشفت عن كل دمامل الحقد والثارات المطمورة على مدى قرون، وبعثت انتقامات القرون الأولى، وكأننا نعيش في عصور الانحطاط لا في القرن الحادي والعشرين، وحق للصين أن تتعجب، لكن واجبها أن تكون أكثر فاعلية، بوصفها دولة كبرى!

back to top