دول الخليج وتداعيات الثورات العربية

نشر في 10-03-2014
آخر تحديث 10-03-2014 | 00:01
التغيير قادم لا محالة ولكن المهم هو أن يكون تأثيره إيجابياً على دول الخليج وشعوبها، وهذا يتطلب انفتاحا ديمقراطيا داخليا يوسّع من المشاركة السياسية، ويحمي حقوق الإنسان، ويطلق الحريات، ويؤسس للمواطنة الدستورية المتساوية في الحقوق والواجبات، ومن ضمنها حق المواطنين في ممارسة السياسة، أي إدراة شؤون دولهم ومجتمعاتهم ومساءلة الموظفين العموميين الذين يتصدون للشأن العام.
 د. بدر الديحاني مازالت منطقتنا تحت تأثير تداعيات الثورات العربية التي تفجرت قبل ثلاثة أعوام وتمر حاليا بمرحلة انتقالية صعبة ومعقدة ومليئة بالتناقضات التي تتداخل فيها تعقيدات الوضع الداخلي من جانب والأجندات الإقليمية والدولية وصراعها الشرس على مناطق السيطرة والنفوذ الواضح أحيانا والمستتر أحايين كثيرة من جانب آخر، لا سيما أن الثورات العربية قد تفجرت بعد قرابة أربعة عقود من الاستبداد والطغيان والظلم، دُمرت خلالها البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات العربية، وساد خلالها الفكر الظلامي الرجعي المنغلق الذي كان ضمن الأدوات التي استخدمتها الدول الغربية وبالذات أميركا من أجل إحكام سيطرتها على المنطقة، ونهب ثرواتها وحماية الأنظمة الموالية لها.

وكان هناك مؤشرات تدل على أن المنطقة برمتها كانت على وشك التقسيم إلى دويلات طائفية وعرقية صغيرة ومتحاربة ضمن سياسة "الفوضى الخلاقة" سيئة الذكر، ولكن ثورة الشعب المصري في 30 يونيو أفشلت هذا المخطط، وهو الأمر الذي أفقد أميركا والاتحاد الأوروبي وأيضا تركيا والقوى المؤيدة لها في المنطقة توازنها وجعلها تعيد حساباتها وترتيب أوراقها من جديد.  المخاض العسير الذي لا تزال ثورات "الربيع العربي" والمنطقة ككل تمر فيه، سيترتب عليه تغيير داخلي وخارجي لا يمكن تفاديه، فالمرحلة السابقة للثورات العربية انتهت ولن تعود من جديد، ولكن شكل التغيير القادم يعتمد على موازين القوى المحلية والإقليمة والدولية، وهو ما يتطلب أشكالا جديدة من التحالفات السياسية داخليا وخارجيا رأينا بعض مؤشراتها الخارجية في التقارب الغربي-الإيراني، والمصري-الروسي،  والمصري-الخليجي، واتجاه بعض دول الخليج خاصة السعودية إلى فتح قنوات اتصال مع دول الشرق.

 التغيير قادم لا محالة ولكن المهم هو أن يكون تأثيره إيجابياً على دول الخليج وشعوبها، وهذا يتطلب انفتاحا ديمقراطيا داخليا يوسّع من المشاركة السياسية، ويحمي حقوق الإنسان، ويطلق الحريات، ويؤسس للمواطنة الدستورية المتساوية في الحقوق والواجبات، ومن ضمنها حق المواطنين في ممارسة السياسة، أي إدراة شؤون دولهم ومجتمعاتهم ومساءلة الموظفين العموميين الذين يتصدون للشأن العام.

انغلاق المجتمع اجتماعيا وسياسيا وثقافيا هو البيئة الحاضنة للتطرف والجهل والغلو والتزمت والانغلاق الفكري، وهو أيضا التربة الخصبة للقوى الرجعية المتخلفة التي لا يمكن هزيمتها عن طريق قرارات فوقية تحاسب النوايا، ولا من خلال قبضة بوليسية، بل بإطلاق حرية الفكر ونشر ثقافة التسامح والتفكير النقدي، واحترام الرأي الآخر والانفتاح الحضاري ومشاركة الجميع في إدراة شؤون الدولة والمجتمع.  

من هذا المنطلق فإن مطالب شعوب دول مجلس التعاون وقواها الوطنية الديمقراطية بالإصلاح السياسي والديمقراطي هي مطالبات مستحقة من أجل تطوير الأنظمة السياسية الحالية لمواكبة متطلبات العصر وروحه، وهي تختلف جملة وتفصيلا عن مطالب التنظيمات المتخلفة والقوى المتطرفة التي تطرح بدائل للحكم شديدة التخلف والرجعية.

back to top