تهدف السلسلة إلى سدّ ما يعتري معرفة القارئ العربيّ بالأدب الفرنسيّ الحديث من نواقص أو ثغرات، وإثراء مخزون لغة الضادّ بنصوص غير مترجمة لأكبر أساطين الأدب الفرنسيّ.
«طرديات»من الكتب التي أصدرها {مشروع كلمة}: {طرديات} (نصوص في الصيّد) لألكساندر دوما (1870-1802)، كُرست المقدَّمة لعالم الطرائد والحيوانات البريّة، فيما النصوص الأربعة الأولى تخصّ تجربة الصّيد بصريح العبارة، وأضيفَ إليها نصّ خامس هو صفحات مقتطفة من معجم ألكساندر دوما المطبخيّ الكبير، تتضمّن أجمل تصوّراته لطهي الطرائد وتقريظاً للذائقة وللطبخ الذي يرتفع لديه إلى مصاف فنّ رفيع.يتحوّل الصيد في {طرديّات} ألكساندر دوما إلى تأسيس للذّات، وإلى تربية وفنّ وصداقة تشتدّ أواصرها ليس بين رفاق الصيد وحدهم بل بين الصيّاد وحيوانه الأليف أيضاً، مرافقه في القنص ومُسعِفه. يترافق ذلك بنظرة عطفٍ يلقيها الصيّاد الحقيقيّ على الطريدة، لا بل باحترامٍ لها شديدِ الإلزام. هو ميثاق يفرض التعفّف عن إيذاء الحيوان، وعن الطمع بصيدٍ يفوق الحاجة، ودعوة إلى احترام التوازن البيئي، وفلسفة واضحة في الاعتدال. ترجم النصوص إلى العربية المترجم المغربيّ محمّد بنعبود.ولألكساندر دوما أيضاً رواية {جورج الموريسيّ، حكاية عن البرّ والبحر}، ترجمة محمّد آيت حنّا، وهي العمل الأدبي الوحيد الذي كرّسه الكاتب لمعالجة موضوعات الرقّ والتمييز العنصريّ والخلاسيّة والاستعمار، هو المعروف بكونه خلاسيّاً أو مولَّداً.تدور الأحداث في جزيرة موريس في بدايات القرن التاسع عشر، أثناء الصراع الفرنسيّ-الإنكليزيّ للسيطرة على الجزيرة. تبدأ الرواية بحدث أساسيّ: عائلة من المولّدين لا تقبل القوّات الفرنسيّة بأبنائها بين صفوفها بسبب لون بشرتهم، فيكرّس ابنها الصغير جورج سنيّه التالية لمجابهة مقولات التمييز العنصريّ والتراتبيّة الإثنيّة في مجتمع يقمع فيه البيضُ السكّان المولَّدين، ويُسخّر فيه المولّدون رفاقهم السّود.«الميتة العاشقة/ وقصص فانتازيّة أُخرى»من الاصدارات الجديدة أيضاً {الميتة العاشقة/ وقصص فنتازيّة أُخرى} للشاعر الفرنسي تيوفيل غوتييه (1872-1811)، هذا الكاتب فرض حضورَه كأحد النوابض المحرِّكة للرومنطيقيّة والمجدّدين في النقد الفنّيّ. وكان شاعراً مجوِّداً وكاتباً مسرحيّاً ورحّالة، فرض حضورَه، على وجه الخصوص، روائيّاً وقاصّاً من طبقة رفيعة، ترك بصماته الواضحة في جنس أدبيّ عسير المسالك، ألا وهو الأدب الفانتازيّ.تمزج القصص التسع التي ترجمها الروائيّ التونسيّ محمّد علي اليوسفي، بين الخيال والواقع (من هنا تسميتها فانتازيّة) وتدع عناصر غير مرئيّة أو لم تعد تنتمي إلى عالم الأحياء تتدخّل في الواقع، ثمّ تتلاشى مخلّفةً أثراً عميقاً في الكائن الذي يحدث له أن يرصد بعض تجليّاتها.شاعريّة اللّغة تُحوّل أغلب صفحات الكتاب إلى قصائد نثر منها: {لا شيء يموت فعلاً، كلّ شيء يوجد دائماً؛ ولا أحد بإمكانه القضاء نهائياً على ما وُجد ذات مرّة. كلّ فعل، كلّ كلمة، كلّ شكل، كلّ فكرة هوَتْ في الأوقيانوس الكونيّ للأشياء، تُنتج فيه دوائر تتقدّم متوسّعةً حتّى تخوم الأبدية. الصورة الماديّة لا تتلاشى إلا لدى النظرات المبتذلة، والأطياف التي تنفصل عنها تعمّر اللانهاية. ما زال البطل باريس يخطف هيلانة في منطقة مجهولة من الفضاء. وما زال مركب كليوباترا، قادس، ينفخ أشرعته الحريريّة على زرقة نهر طرسوس آخرَ مثاليّ. وثمّة عقولٌ مشبوبة وقويّة استطاعت أنْ تجلب إليها قروناً مندثرة ظاهريّاً، وأن تجعل شخصيّات ميتة في نظر الجميع تعيش من جديد. اتّخذ فاوست ابنة تيندار عشيقة له، ونقلها إلى قصره القوطيّ، من أعماق هاديس، هاوية العالم السفليّ الغامضة. ولقد عاش أوكتافيان للتوّ يوماً في عهد تيتوس ليكون محبوباً من آرِّيا مارتشيلا، ابنة آرِّيوس ديوميديه، النائمة في هذه اللّحظة قربه على سرير عتيق في مدينة يحسبها الجميع مهدَّمة}.نصوص الصبا ترجمت ماري طوق {نصوص الصبا} لغوستاف فلوبير (1880-1821)، أحد أكبر مؤسّسي الرواية الحديثة، كتبها في صباه ونُشِر أغلبها بعد وفاته. يؤكّد شرّاح أعمال الكاتب أنّ فلوبير مارس الكتابة الأدبيّة منذ تعلّم الأبجديّة، أمّا النّصوص المترجمة في هذا الكتاب فكتبها بين سنّ الخامسة عشرة والعشرين، ولم تُنشَر إلاّ بعد وفاته. ندر أن عرف تاريخ الأدب عبقريّة تتفتّح بمثل هذا الإبكار، وممارسة للقراءة والكتابة يباشرها فتى صغير بمثل هذا الإصرار الصّاحي.وكما في حياة ناسك الأدب التي اختارها فلوبير في مرحلة النضج، نقابل لديه هنا إرادة الانصهار بالعمل الأدبيّ انصهاراً كليّاً. هذا الحلم بالاختفاء في الكتابة والامّحاء في النصّ يخترق بدايات فلوبير الأدبية هذه ويمدّها بقيمة تتجاوز القيمة التاريخيّة المحض، لتُلقي بنا في أعماق الأدب.جاء في تعريف الكتاب: {قرأتُ وعملتُ بحماسٍ متأجّج... وكتبت... آه كم كنت سعيداً آنذاك! كم كان فكري، في هذيانه، يحلّق عالياً في تلك الأصقاع التي لا تزال مجهولة لدى بني البشر، حيث لا أناس ولا كواكب ولا شموس. كان داخلي لا متناهياً أرحب وأوسع من المطلق، وكان الشعر يتهادى محلّقاً باسطاً جناحيه في فضاءٍ من الحبّ والنشوة}.«الفيضان/ ومنتخبات قصصيّة أخرى»لرائد المدرسة الطبيعية في الرواية إميل زولا كتاب {الفيضان/ ومنتخبات قصصيّة أخرى} في ترجمة لدانيال صالح، يقدّم هذا الكتاب منتخبات سرديّة مقتطفة من مختلف مجموعاته القصصية. تشكّل هذه القصص مختبراً حيّاً للتجارب التي يتوسّع زولا في معالجتها في إنتاجه الروائيّ الضخم، مستفيداً هنا من وجازة الحكاية والقصّة لتشكيل لوحات حيّة تندرج ضمن معايناته لمظاهر البؤس في عصره، لا سيّما في العاصمة الفرنسيّة، التي رصد فيها صعود الرأسماليّة المتدرّج وولادة حضارة الإعلان والاتّجار بالصورة والتلاعب برغبات المواطنين الذين بدأوا يتحوّلون إلى مستهلكين لا غير.بيد أنّه لا ينسى مباهج الريف، ولا الجنوب الفرنسيّ الذي نشأ فيه وتعلّم وأحبّ. هكذا يرسم في قصّته {الفيضان}، التي اختير اسمها عنواناً للكتاب كلّه، مأساة الطبيعة تجرف البيوت وتطمر أبناءها تحت السّيل، يصفها بأسلوبه الملحميّ وتصويره اللمّاح المعهودَين واللّذين جعلا منه أحد روّاد الكتابة السرديّة الحديثة.
توابل
«مشروع كلمة} يصدر {كلاسيكيّات الأدب الفرنسيّ»
12-06-2014