«الخدمة المدنية» يضرب بقرارات مجلس الوزراء عرض الحائط
في خطوة غريبة تؤكد عدم التزامه بالمراسيم الأميرية وقرارات مجلس الوزراء، أوقف ديوان الخدمة المدنية الاعتمادات المالية للجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات المخصصة للدورات التدريبية الخارجية بمبلغ 250 ألف دينار.
كشفت مصادر مطلعة لـ«الجريدة»، عن عدم التزام ديوان الخدمة المدنية بقرارات مجلس الوزراء الذي يعهد إلى الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات بمباشرة اختصاصات التدريب في مجال تكنولوجيا المعلومات، مشيرة إلى أن وزارة المالية عمدت أيضا إلى إيقاف الاعتمادات المالية للجهاز في ما يتعلق بالتدريب، ضاربين بذلك عرض الحائط بكل المراسيم الأميرية وقرارات مجلس الوزراء والتعاميم الصادرة بهذا الخصوص. وأوضحت المصادر أن القضية تتلخص في أن الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات تقدم بخطاب إلى وزارة المالية بطلب إجراء مناقلة بين بنود الباب الخامس بميزانية وزارة المواصلات للسنة المالية 2013/2014، للتدريب بمبلغ 250 ألف دينار، مبينة أن وزارة المالية ردت في خطاب بتاريخ 2 أكتوبر الجاري أنه بناء على مرسوم إنشاء الجهاز وعلى التعميم رقم 42 لسنة 2006 بشأن مخاطبة الجهاز في ما يتعلق بمجالات التدريب الفني لقطاع تكنولوجيا المعلومات والذي كان معهودا لديوان الخدمة المدنية، أبدت موافقتها على إجراء المناقلة المطلوبة استنادا إلى التعميم رقم 2 لسنة 1992 بشأن شروط التعديل بين اعتمادات الميزانية في الجهات الحكومية.
رد «المالية» وتابعت، بتاريخ 10 أكتوبر، بعثت وزارة المالية بخطاب آخر قالت فيه «عطفا على خطابنا السابق والموجه إليكم بشأن الموافقة على إجراء المناقلة المطلوبة من قبلكم، نود إفادتكم أن ديوان الخدمة المدنية قام بمخاطبة الوزارة بشأن التأكيد على أن الإيفاد للدورات التدريبية الخارجية وكذلك تكييف نوعية الإيفاد سواء كان دورة تدريبية أو مهمة رسمية، هو اختصاص أصيل لديوان الخدمة المدنية وذلك وفقا لما قرره مجلس الخدمة المدنية باجتماعه المنعقد بتاريخ 7 ابريل من العام الحالي، وقد أصدر تعميما إلى جميع الجهات الحكومية بهذا الخصوص، وأن الموضوع معروض حاليا على مجلس الوزراء بشأن فض التشابك بين اختصاصات الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات واختصاصات ديوان الخدمة المدنية بخصوص الإيفاد في الدورات التدريبية الخارجية، إلا أنه لم يتخذ أي قرار من قبل مجلس الوزراء بهذا الشأن حتى تاريخه، وعليه ترى وزارة المالية أن يتم وقف العمل بإجراء المناقلة التي تمت الموافقة عليها سابقا، وكذلك وقف الصرف على الدورات التدريبية الخارجية المزمع تنفيذها إلى حين قيام مجلس الوزراء بالبت بهذا الموضوع». تنفيذ المراسيم وتساءلت المصادر، هل يحق لديوان الخدمة المدنية وقف قرار مجلس الوزراء بهذا الشأن بناء على خطاب موجه إلى وكيل وزارة المالية، وهل أصبحت وزارة المالية هي الحكم في هذا الموضوع بدلا من «الفتوى والتشريع»؟ وهل يجوز لها (وزارة المالية) أن توقف المناقلة بسبب خلاف بين جهتين حكوميتين؟، مستغربة تعمد الديوان ووزارة المالية وقف هذه المناقلة دون أسباب واضحة، فهل يتم وقف تنمية الكوادر الوطنية في مجال تكنولوجيا المعلومات وتدريبها وتطويرها لمواكبة مشاريع خطة التنمية وغيرها من المشاريع التكنولوجية، ووقف تنفيذ المراسيم الأميرية وقرارات مجلس الوزراء التي حددت اختصاصات كل جهة بسبب خلاف بين جهات حكومية؟! تناقض غريب وأوضحت المصادر أن ما يثير الاستغراب أيضا الموقف المتناقض من وزارة المالية عبر خطاب موجه إلى وكيل وزارة المواصلات - كونها الجهة التي يتبعها الجهاز – إذ أبدت موافقتها على المناقلة، لكنها خلال اسبوع فقط عادت وخاطبت وزارة المواصلات لتؤكد رفضها المناقلة ووقف الصرف على الدورات التدريبية الخارجية المزمع تنفيذها إلى حين قيام مجلس الوزراء بالبت في هذا الموضوع، متسائلة هل أصبح الديوان هو المسيطر على الجهات الحكومية في الأمور المالية والفنية والإدارية جميعها، أم أن هناك مراسيم وقوانين تنظم عمل تلك الجهات؟ تدخل في الاختصاصات وبينت أن ديوان الخدمة المدنية بدأ في الآونة الأخيرة بممارسات تكنولوجية في ميكنة بعض الجهات الحكومية بعيدا عن الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات واختصاصاته التي أناطت به تلك المهام، إذ خلط الديوان الحابل بالنابل، لاسيما أن بعض الجهات أصبحت تعمل منفردة بسبب تدخل الديوان في شؤون واختصاصات غيره من الجهات المعنية بمثل هذه الأعمال، موضحة أن هذا التدخل يؤكد عدم التزام الديوان بالقوانين والمراسيم والتعاميم والقرارات الصادرة من مجلس الوزراء والتي صدرت أصلا لتنظيم العمل بين المؤسسات الحكومية، مبينة أن بعض الجهات بدأت تعيش صراعا في ما بينها للسيطرة على اختصاصات الغير وإهمال الأعمال المسؤولة عنها، لافتة إلى ان ديوان الخدمة المدنية بدلا من التركيز على معالجة قضية العاطلين عن العمل الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف لجأ إلى التدخل في شؤون الأجهزة الحكومية الأخرى منتهكا كل الأعراف والقوانين واللوائح الصادرة من الجهات المعنية بالقرار في البلاد. بنية تحتية وأشارت إلى أن الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات قطع شوطا كبيرا في تنفيذ البنية التحتية المعلوماتية في دولة الكويت، والتي أشاد بها الجميع على المستويين المحلي والعالمي، لاسيما أن بعض المشاريع التي نفذها الجهاز حصلت على جوائز خليجية وإقليمية، منوهة إلى انه يبدو أن هناك من لا يريد لدولة الكويت أن تخطو خطوات إيجابية متقدمة ومتطورة في مشاريع تكنولوجيا المعلومات لمصالح شخصية لبعض القياديين في عدد من الجهات. تبعية «الجهاز» وأكدت المصادر أن ممارسات بعض الجهات ومحاولتها السيطرة على اختصاصات الجهاز تأتي بسبب تبعية هذا الجهاز إلى وزير المواصلات، علما بأن إنشاء الجهاز والتقارير الدولية والعالمية تشير إلى أن تبعية مثل هذه الأجهزة يجب أن تكون تحت أعلى سلطة في الحكومة، وذلك من أجل رفع تقارير وإنجازات الجهات من جهة، ومحاربة الفساد الإداري والفني في هذه الجهات من جهة أخرى، تماشيا مع التوجيهات العالمية المتعلقة بمشاريع الحكومة الإلكترونية والحكومة الذكية التي بدأت تتبناها دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم تحت مظلة رئاسة الوزراء.