«زاد سعر البيض؟!»

نشر في 20-12-2013
آخر تحديث 20-12-2013 | 00:01
قضية سعر البيض وغيره باتت من أدوات إلهاء الناس عن المشاريع الكبرى وطرق التلاعب بها، والمبالغ الخيالية التي تخصص لها والأوامر التغييرية التي تصل نسبتها إلى 100 في المئة من قيمتها الأصلية، وأخيراً اختفاء هذه المشاريع أو الانتهاء منها بعيوب جسيمة تجعل من الاستفادة منها والعدم سواء.
 د. حسن عبدالله جوهر زيادة سعر البيض بنسبة 5 في المئة سببت ضجة كبيرة واستياءً شعبياً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت حديث الأسر الكويتية، ولم تخل حالة التذمر والغضب من القفشات التي خلطت الجد بالهزل كنوع من تخفيف هذه المعاناة الجديدة!

من أجمل التعليقات على رفع سعر كرتون البيض بمقدار (50) فلساً أثر ذلك على توفير المواطن من راتبه لشراء بيت العمر! وأن هذا المبلغ هو مص لدم الشعب من قبل التجار! وأخيراً الدعوة لمقاطعة البيض ومشتقاته واكتشاف أضراره فجأة بأنه السبب الرئيسي في زيادة نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية ورفع الضغط وانسداد الشرايين والجلطة الدماغية! زيادة سعر البيض ليست نهاية المطاف فهي جزء من حالة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة التي قد لا نشعر بها مع الرواتب العالية نسبياً وعدم وجود شريحة واسعة من الفقراء بحيث تثور ثائرتهم وتنفجر المظاهرات الاحتجاجية مثلما يحدث في الكثير من دول العالم الثالث، ومن يراجع تقارير اللجنة المركزية للإحصاء ومؤشرات وزارة التجارة يجد أن نسب زيادة الأسعار في الكويت تتراوح بين 4- 6 في المئة سنوياً خلال الأعوام الخمس الماضية دون أن يحس بها الناس مع بعض صور التذمر الموسمية، دون أن يحرك ذلك ساكناً كالتصدي والاحتجاج أو الضغط باتجاه اتخاذ قرارات عملية لعلاج هذه المشكلة.

والأهم من ذلك أن قضية سعر البيض وغيره باتت من أدوات إلهاء الناس عن المشاريع الكبرى وطرق التلاعب بها والمبالغ الخيالية التي تخصص لها والأوامر التغييرية التي تصل نسبتها إلى 100 في المئة من قيمتها الأصلية، وأخيراً اختفاء هذه المشاريع أو الانتهاء منها بعيوب جسيمة تجعل من الاستفادة منها والعدم سواء، وتعليق كل هذه البلاوي على شماعة الأزمات السياسية ومجالس الأمة والحراك الشعبي!

وإذا لم يحاسب أي بني آدم في مشروع استاد جابر الذي تحول إلى أكبر بركة ماء في العالم، ولم يعاقب أي شخص في تأخير مستشفى جابر وإعادة ترسية مناقصتها بعد أن تبخرت أموال المناقصة السابقة، ولم يحاكم أي مسؤول عن فضائح المدينة الجامعية التي لم نسمع سوى عن حرائقها المتكررة، ولم يزجر تجار الإقامات والأغذية الفاسدة، فهل يعقل أن نراقب ونسائل من زاد سعر البيض بخمسين فلساً لا غير؟!

ضجة البيض سوف تخف تدريجياً وتنتهي مثلما خفت وتلاشت ضجة سرقات الاستثمارات أيام الغزو العراقي، ومثلما انتهت ضجة اللوحات الإعلانية، وكما خمدت ضجة "الداو" و"الإيداعات المليونية"، فهذه كلها بيض... ولكنها وضعت في سلة واحدة!

back to top