منع «التربية» قيادييها من الحديث عن قطاعاتهم... أزمة ثقة
مما لا شك فيه أن العمل المؤسسي يبنى على الثقة والمسؤولية وهما ركيزتان أساسيتان لنجاح العمل وتطوره، إلا أن واقع الحال في وزارة التربية يعكس عدم وجود هذه الثقة بقيادييها بكل أسف، ويظهر ذلك جليا من خلال التعليمات التي اصدرتها وكيلة الوزارة مريم الوتيد بمباركة من وزير التربية والتعليم العالي أحمد المليفي بمنع جميع قياديي الوزارة من التصريح أو الحديث مع أي وسيلة اعلامية، وترك الامر في الحديث عن انجازات الوزارة أو اخفاقاتها يخضع لمزاجية جهة معينة في الوزارة واصدار بيانات صحافية من خلال الناطق الرسمي للتربية تنقصها في كثير من الاحيان الشمولية والموضوعية، هذا الامر يشير إلى أزمة ثقة حقيقية بين وكيلة الوزارة وقياديي التربية الذين يعملون معها لاسيما أنهم يتولون قطاعاتهم ويحملون مسؤولية اداراتها والمفروض أنهم أعلم الناس بما يدور بها اذا افترضنا أن "أهل مكة أدرى بشعابها".وهنا يطرح التربويون تساؤلات كثيرة حول أسباب أزمة الثقة ومدى تأثيرها على العمل المؤسسي في التربية، فهؤلاء الوكلاء المساعدون معينون بمراسيم أميرية صادرة من القيادة السياسية وهي تعكس ثقة القيادة بهؤلاء الاشخاص، وبالتالي من المفترض أن تنسحب هذه الثقة على جميع المتعاملين معهم من قياديين آخرين، إلا أن الآلية التي وضعتها وزارة التربية بمنعهم من التصريح حتى في شؤون قطاعاتهم التي يتولونها لا تشير لا من قريب ولا من بعيد إلى وجود ثقة بقدرتهم على الحديث عن قطاعاتهم وانجازاتهم فيها.
ويتساءل التربويون كذلك: هل يعقل أن تقوم وزارة التربية المعنية بتنشئة الاجيال وتعزيز ثقافة الحوار والقبول بالرأي الآخر والتحاور بممارسة سياسة التعتيم وتكميم الأفواه؟، وهل يصح أن تطالب الأبناء من الطلبة والطالبات في مدارسها بالتحلي بالشفافية والرقي والبحث في شتى المجالات وهي تمارس هذا المنع مع قياديين من أعلى المستويات في هيكلها التنظيمي؟اللافت في عمل قيادات التربية حاليا أنه أصبح منصبا على كيفية محاربة وسائل الاعلام ومنعها من الوصول إلى الحقيقة من خلال ممارسة سياسة التعتيم والتضييق على أمل أن تظل الامور التي تجري في الوزارة دائما طي الكتمان، وهنا يطرح تساؤل كبير: لماذا تسلك التربية هذا المسلك إذا كان ما يقوم به القياديون صحيحا ويجري وفق القوانين والانظمة؟ وهل نشر أخبار عن أمور تتم وفق القانون يضر بمصالح الوزارة والطلبة؟ تسريب الأخبارمصادر تربوية أكدت أن وكيل القطاع الاداري يوسف المزروعي عقد اجتماعا طارئا مع جميع رؤساء الاقسام والمراقبين في قطاعه الاسبوع الماضي على خلفية تسرب خبر حول قضية محضري العلوم الذين رفضت التربية استكمال اجراءات تعيينهم بالرغم من نجاحهم في المقابلات وتحويل اقامات البعض منهم، موضحة أن اهتمام المزروعي كان منصبا على معرفة من سرب الخبر للصحافة وليس عن اسباب المشكلة.وقالت المصادر ان الوكيل أكد لجميع شاغلي الوظائف الاشرافية على ضرورة عدم استقبال أي ممثل للوسائل الاعلامية سواء المطبوعة أو المسموعة أو المرئية وأن من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة، لافتة إلى أنه أوضح لهم أنه بصدد اجراء تدوير شامل لجميع شاغلي الوظائف الاشرافية في القطاع الاداري قريبا بهدف تطوير الاداء وتبادل الخبرات على حد وصفه.