أسئلة عدة تدور في ذهنك منذ الوهلة الأولى لشروعك في قراءة رواية {ظل الأفعى} للأديب المصري يوسف زيدان، الصادرة أخيرا عن {دار الشروق} في طبعتها الخامسة.
يتمحور أهم هذه الأسئلة حول ماهية البناء السردي للرواية، والسلوك الاجتماعي والثقافي للشخصيات الواردة فيها، كذلك تدخل الرواية في وجدان قارئها عبر ثنائية الرجل والأنثى، أو الزوج والزوجة، تلك الزوجة التي ظلت بلا اسم في ثنايا الرواية، وكأن «زيدان» منحها دوراً أكبر في روايته، وجعل منها علامة واضحة بدلالتها على نسق الألوهة المؤنثة في ديانات الشرق.{ظل الأفعى}، تحمل أفكاراً فلسفية وأسطورية غزيرة استعاد زيدان من خلالها نسق الأمومة، منحازاً إلى الخطاب النسوي، ومعلناً، في الوقت ذاته، وقوفه إلى جانب الحركة النسوية، بعدما أعلن موقفاً واضحاً ضد الذكورة ونظام الرجولة والهيمنة البطريركية، بوصفها سيادة ثقافية مطلقة حققت انتصاراً مطلقاً، بعدما كانت تابعة تماماً لنسق الألوهة ومتفاهمة معه ومتجاورة له، لإدراكها أنها ستظل ناقصة، ولن تكتمل إلا بالرجل.ولعل من أهم ما تميزت به {ظل الأفعى} الزخم الاعتقادي والطقوسي والشعائري، لتقدم لنا الرواية تخيلا معاصراً عن استيقاظ الألوهة المؤنثة، باعتبارها نسقاً ثقافياً ومعرفياً، وتبلور خطابها من خلال الاهتمامات بين الرجل والمرأة، لكنها في داخلها تجسيد لنسق ساد في تاريخ الحضارة احتلت فيه المرأة الصدارة.وقدم {زيدان} روايته في لغة مرنة ضمن بناء سردي رزين ومتوازن، ورغم حضور الثقافة البطريركية، فإن الثقافة النسوية واضحة ومهيمنة، وكأن المؤلف، للمرة الأولى في السرد العربي الذكوري انحاز إلى الخطاب النسوي وتكلم بلسانه واختصر نموذجه الرجولي بشكل واضح.طُعّم السرد في الرواية بلغة شعرية قوية ببلاغتها ودلالتها، كشف الأديب من خلاله رضاه بقبول المرأة لخطاب ثقافي وفكري، والتجاور معاً من غير أن تبرز العقد الذكورية الكامنة، فاستطاع {عبده} باعتباره ممثلا لخطاب الذكورة مع صديقه {نايل} الاستفادة من مرونة التعامل مع المرأة والعودة إلى طقوسها القديمة، وإيقاظ ما تنطوي عليه من قداسة، لمساعدة الذكورة، وتطمين الرجل من ناحية الحاجة لجسد الأنثى، ومثال ذلك قبول {عبده} بمقترح {نايل} غاوي النساء، اللجوء إلى الممنوعات.تحاول الرواية إثبات أن المرأة عقل وجسد، إنسان قادر على الحياة بقوة عقله وطاقة جسده الذي يحوي إمكانات هائلة في بث صرخات تجاه الرجل، في مسعى نحو الابتكار وإعمار الكون.
توابل
{ظل الأفعى}... تمرّد ناعم على الثقافة الذكورية
03-08-2014