عمر
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
لا يسمح لفيلم كهذا أن يعرض في صالات السينما التي تملكها الشركات العالمية برؤوس أموال يهودية في الغالب، وعرض الفيلم في صالة لا يحضرها غالبا الا رواد السينما الجيدة ولكن المدهش أن الحضور كان على غير العادة وربما لأول مرة أقف في دور طويل للحصول على تذكرة. كان أغلب الحضور من غير العرب الذين غابوا عن العرض تقريبا. ما حاول الفيلم تقديمه والنجاح فيه هو الابتعاد عن تجسيد الشخصية التي طغت لفترة طويلة على الانسان الفلسطيني والتى بدت تحمل ثنائية غريبة: هو شخص مضهد يدافع عن حقه ويمثل كل البياض في الذهنية العربية وبعض أنصارها، وهو الشخص الارهابي والانتحاري الذي يرفض الدولة العبرية في الذهنية الغربية المناصرة لاسرائيل. تلك الشخصية التي كانت شبيهة بالشخصية السوداء في الأدب الافرو-أميركى الذي اعتمد على تسلط الرجل الأبيض واستعباده للأسود لتظهر الشخصية السوداء في الأرجح كشخصية بيضاء نتيجة لهذا الاضطهاد. ولم تزعزع هذه الصورة الا الروائية أليس والكر في روايتها اللون القرمزي عام 1982. كان أبو أسعد جريئا في طرح فكرة الفلسطيني الانسان الذي يحمل تناقضات أي انسان سواء كان تحت الاحتلال أو لم يكن.في الوقت الذي يرفض عمر بطل الفيلم أن يكون عميلا للاحتلال وهو أحد ثلاثة شبان قتلوا جنديا لم يكن يعلم أن أحد زملائه خائنا يقوم بنقل جميع تحركاتهم الى الجهة الأخرى. ما كان يطمح اليه الشاب الخائن هو الفوز بحبيبة زميله والادعاء بأنها حبلى منه وهو ما يتحقق له دون أن تظهر لنا صورته كشاب مغاير للآخرين بل هو جزء منهم. أما العميل الآخر فكانت المفارقة أن عمله كان مقابل فيزا لنيوزلندا. وكأن الرحيل عن الوطن مكافأة تستحقها العمالة.ليس لأن الفيلم كان مرشحا للأوسكار كأفضل فيلم أجنبي، وهي بالمناسبة المرة الثانية التي يترشح بها عمل لهاني أبو أسعد، وهو يستحق الأوسكار بالفعل، ولكن لأن الفيلم رسالة مهمة نجحت ولو جزئيا في تقديم صورة مختلفة لشكل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. كان ذلك دورا نجح الآخر بامتياز في العمل عليه وتقديمه وبذل المال الذي أضعناه في حسابات غبية في خلق أسطورته الوهمية في العقل الغربي. لو استطعنا أن نقدم فيلما واحدا بهذا المستوى كل عام لتغيرت صورة العربي الارهابي في ذهن الآخر. بدلا من أن نصرخ مؤقتا ونقاطع الجبنة والكولا ثم نعود عن قرارتنا بالسرعة ذاتها. يبدو أن هذا حديثا متأخرا لا طائل منه.