تحتاج الكويت الى صرف 3.33 مليارات دينار دعماً لمواد البناء بالقيمة التي تم تحديدها مؤخرا بـ30 الف دينار لكل مستحق للقرض الاسكاني، اضافة الى ذلك فإن الكويت تحتاج الى 7.77 مليارات اذا ارادت منح كل مستحق مبلغ القرض المقدر بـ70 ألفاً.
وهذا يعني ان الكويت بحاجة الى رصد نحو 11 مليارات دولار اذا ارادت اطلاق حملة حل المشكلة الاسكانية وتلبية جميع الطلبات من جذورها.الأمر ليس متوقفا فقط على هذا المبلغ بل يتعداه ليشمل بقية خدمات البنية التحتية من صرف صحي الى كهرباء ومياه وطرقات فرعية ورئيسية، الى مواقف للسيارات الى خدمات اساسية من مدارس ومستشفيات ومستوصفات، وجمعيات، ومخافر شرطة، وبقية انواع الخدمات، في المناطق التي تنشئها الكويت وفق مسيرة السلحفاة التي تعتمدها الحكومة دون ان تستند على عكَّاز القطاع الخاص الذي ربما أوصلها الى بر الأمان دون ان تنفق فلسا واحدا.والاسئلة التي تطرح نفسها هنا:- هل الكويت قادرة من الناحية المالية على تقديم هذا الدعم للمواد الانشائية للمواطنين المستحقين دفعة واحدة؟- ثم هل الكويت قادرة من الناحية الفنية على تأمين الكميات الضخمة من المواد الانشائية عبر اعتمادها على المنتج المحلي الذي منحته الاولوية الكبرى حين تقديم مواد الدعم للمستحقين لقرض السكن وفق جداول المؤسسة العامة للرعاية السكنية؟- والسؤال الثالث هنا: هل المصانع والشركات الكويتية قادرة على تأمين تلك الكميات مع الاخذ بالحسبان ان السعودية التي تمتلك شركات ومصانع اضخم بكثير من حيث الطاقة الانتاجية فتحت باب الاستيراد مؤخرا لتأمين 10 ملايين طن حديد لسد حاجة السوق المحلي لتعذر تأمينها من السوق المحلي؟هذه الاسئلة طرحناها على عدد من المختصين والعقاريين، وكانت هذه ردودهم وآراؤهم لحل المشكلة الإسكانية:الفرحان: سياسة تخديرقال الرئيس التنفيذي لشركة انجازات للتنمية العقارية محمد ابراهيم الفرحان إن السياسة الاسكانية المتبعة في الكويت منذ فترة من الزمن حتى اليوم، تعتبر سياسة تخدير لا اكثر، مؤكدا ان هذه السياسة الاسكانية ستؤدي الى تفاقم المشكلة عاجلا او آجلا وهذا ما ستسفر عنه الايام المقبلة.وبين الفرحان ان سياسة الارض والقرض المتبعة سترهق ميزانية الدولة لأن الدعم المقدم للمواد الانشائية هذه الايام، والذي يقدر بنحو 3.33 مليارات دينار سيكون اكبر بعد مرور 10 او 15 سنة في ظل تكدس وتراكم الطلبات الاسكانية مع معدل زيادة سنوية يتراوح بين 7 – 10 آلاف طلب.ولفت الى ان سياسات الدعم المقدم للمواد الانشائية لم تكن الا دغدغة لمشاعر الناس وهي لا تشكل ادنى حركة باتجاه صناعة خطوة على طريق حل المشكلة الاسكانية، مشيرا الى ان هذا السياسة الاسكانية والدعم المقدم عبر سياسة ارض وقرض تبقى دغدغة لمشاعر الناس فيما كرة الثلج تكبر دون ان يدري القائمون على المشكلة الاسكانية بحجمها ودون ان يعيروها الاهتمام الكافي.واكد ان حلول المشكلة الاسكانية لا تكون بتقديم هذا النوع او ذاك من الدعم بل تحتاج الى رؤية واضحة وقرارات جريئة لوضع العربة على السكة الصحيحة لحل المشكلة من جذورها، لا وضع حلول اسعافية ترهق ميزانية البلد دون ان تشكل جزءا من حل المشكلة التي اضحت مزمنة.وقال الفرحان ان ميزانية الدولة سوف تحمل اعباء هي بغنى عن حملها، لافتا الى ان ما يصرف من هذه الميزانية لا يقتصر فقط على تقديم الدعم على المواد الانشائية او هذه الانواع من الدعم الحكومي بل يتعداه الى تأمين امور اخرى فيها صرف مبالغ ايضا كبيرة تحتاجها الدولة في تأمين مرافق وخدمات ضرورية لاي تجمع سكني.واشار الى ان مشكلات المياه والكهرباء تحتاج الى ميزانيات كبيرة ولهذا لم يكن الامر مقتصرا على تأمين الدعم على المواد الانشائية بمبلغ 30 الف دينار لكل مستحق للسكن وفق ما اعلنت عنه الرعاية السكانية لحجم طلبات وصل الى نحو 111 الفا.الغانم: نستطيع بمشاركة القطاع الخاصمن جهته، اكد امين سر اتحاد العقاريين الكويتيين قيس الغانم ان الكويت عاجزة عن تلبية كامل احتياجات السوق المحلي من المواد الانشائية ما لم تشرك القطاع الخاص.واضاف الغانم ان قانون الدعم الذي صدر مؤخرا اعطى اولوية للمنتج المحلي في المبلغ المقدم لكل مستحق للسكن والمقدر بـ30 الف دينار، وهذا امر جيد غير انه لا يمكن تغطية الكمية كاملة بدون الاستعانة بالقطاع الخاص لاستيراد ما يمكن استيراده وتأمين حاجة السوق عندما يطلب منه.وبين ان الطاقة القصوى لمصانع الكويت لن تغطي كامل احتياجات الطلبات الاسكانية فيما لو ارادات الجهات المعنية اطلاق المشاريع العمرانية كاملة سواء السكنية او غيرها.وقال: "يجب الا نستهين بحجم الحاجة للمواد الانشائية مقارنة مع الطاقة الانتاجية لمصانع الكويت"، لافتا الى ان المملكة العربية السعودية الشقيقة التي تملك مصانع عملاقة بطاقات انتاج ضخمة لمواد البناء من أسمنت وحديد، فتحت مؤخرا باب الاستيراد لتأمين 10 ملايين طن حديد من الاسواق الخارجية لتغطية حاجة السوق المحلي في ظل نهضة عمرانية تشهدها المملكة في معظم قطاعات الحياة الاقتصادية وغيرها".واكد ان الحاجة في الوقت الراهن الى نحو 3.33 مليارات دينار فقط كدعم يتحتم على الحكومة تقديمه لمستحقيه والبالغ عددهم 111 الفا، وفق بيانات المؤسسة العامة للرعاية السكنية.وقال ان هذا المبلغ هو مبلغ الدعم، يضاف اليه مبالغ لا تقل عنه ضخامة يتحتم على الدولة ان تصرفها من الميزانية العامة اذا ارادت اطلاق المشاريع الاسكانية لتغطية كامل احتياجات المواطنين المستحقين.واكد ان السعودية بضخامة سوقها وضخامة انتاج مصانعها لم تستطع ان تلبي احتياجات سوقها المحلي فكيف بمصانع الكويت وشركاتها.من جانب آخر، اكد الغانم ان هذا الامر سوف ينعكس ارتفاعات غير مسبوقة على مواد البناء الاساسية وغير الاساسية، في اشارة الى ان اطلاق نهضة عمرانية في البلاد يحتاج الى رصد هذه الاسعار ليتم ضبطها وفق ايقاعات الاسعار في الاسواق العالمية.المطوع: الملاءة المالية متوافرةقال مدير عام مؤسسة عبدالكريم المطوع بدر المطوع ان الملاءة المالية متوافرة بكثرة سواء في الميزانية الرسمية ام في ميزانية شركات القطاع الخاص، لافتا الى ان الامر ليس معضلة في توفير المبالغ المالية او المواد الانشائية اللازمة لانجاز المشاريع الاسكانية، انما المعضلة في ادارة تلك المبالغ.وبين المطوع ان سوء الادارة الذي يتفشى في معظم الدوائر الرسمية هو الذي سينعكس بل انعكس سلبا على عمليات الصرف التي تمت بغير طريقها، والتي كانت باستطاعتها اخراج المواطن من مشكلة البحث عن سكن او انتظار طابور من الطلبات لا يقل عن 111 الف طلب وفق احصائيات اخيرة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية.وقال ان هذه المبالغ التي تصرف في غير وجهها تستطيع الجهات المعنية حل المشكلة الاسكانية بها في فترة وجيزة فيما لو تم الطلب الى القطاع الخاص انجازها وفق آخر التطورات العقارية في العالم ووفق آخر الاختصارات الزمنية، مع تحمل اقل التكاليف لانجاز تلك المشاريع وهذا بدوره لن يثقل كاهل الميزانية العامة ولن يحملها اي عناء صرف على اي مشروع.وقال ان القطاع الخاص الكويت لديه من الخبرة في ايجاد طرق التمويل ما يؤهله لانجاز مشاريع ضخمة في ظل فائض مالي كبير لدى البنوك يبحث عن فرص استثمار آمنة ومضمونة النتائج كتلك التي تكون عبر مشاريع مع الدولة كمشاريع الاسكان.العصيمي: المصانع عاجزةوعلى صعيد متصل، قال رئيس مجلس ادارة شركة آفاق الدولية العقارية محمد العصيمي إن مصانع الكويت تعتبر متوسطة الحجم مقارنة بمصانع المنطقة والعالم، مشيرا الى ان الحاجة في السوق المحلي فيما لو اطلقت المشاريع الاسكانية برمتها ستكون كبيرة ولن تستطيع تأمين تلك المستلزمات من المواد الانشائية من حديد واسمنت وغيرها.ووذكر العصيمي ان المملكة العربية السعودية لجأت الى فتح باب الاستيراد امام الشركات المحلية هناك لتوريد 10 ملايين طن حديد في ظل الحاجة المتزايدة لهذه المادة مع العلم ان حجم المصانع في السعودية يزيد بكثير عن حجمها في الكويت، مضيفا ان النهضة العمرانية في السعودية دفعت الى البحث عن سبل جديدة لتأمين المواد اللازمة لانجاح النهضة في المملكة.واضاف ان الكويت تحتاج الى كميات ضخمة ايضا من المواد الانشائية اذا تم اطلاق جميع المشاريع الاسكانية، وهي بهذا لا تعاني من شح المال بل من امرين آخرين: الناحية الفنية في انجاز المشاريع بسرعة واتقان دون الاستعانة بالخبرات الخارجية، ثم الدورة المستندية والروتين الحكومي الذي يقضي على معظم طموحات الشركات الراغبة في الاستثمار في هذا المجال.وشدد العصيمي على ان المال متوافر لكن تبقى ادارة صرف الاموال هي التي تحتاج الى اعادة نظر في ظل سوء في الادارة مستشري في معظم الدوائر الرسمية، مؤكدا ان الادارة غائبة عن الكويت منذ نحو 50 عاما وهي بهذا تكون السبب المباشر وراء التخلف العقاري وعدم اظهار مشاريع على ارض الواقع تنافس ما حصل في المنطقة وما تم انجازه وليس في العالم.وقال ان هناك دولا ليس لديها وفرة الكويت المالية ومع هذا نجحت في ان تصبح في مصاف الدول المنتجة والمصنعة والمتقدمة تكنولوجيا وعمرانيا بينما الكويت رغم الوفرة النفطية لاتزال تسير بخطى السلحفاة على طريق تأمين سكن لمواطنيها.
آخر الأخبار
عقاريون لـ الجريدة.: السياسة الإسكانية للتخدير والحكومة عاجزة عن توفير مستلزمات البناء
25-08-2014