12 عاماً عبودية... وبنت حمادة!
"12 عاماً من العبودية"، ذلك الفيلم المأخوذ عن قصة حقيقية لأميركي من أصول إفريقية (أسود) عاش في القرن التاسع عشر، ذلك الفيلم الحائز على مجموعة جوائز أوسكار أراه أنه أعظم ما صورته الصور المتحركة التي تعرف بالسينما لكونه وثيقة إنسانية عن أحد أهم خطايا الإنسانية المتعلقة بالعبودية التي ينقلها الفيلم في حياة الأميركي – الإفريقي سليمان نورثوروب منذ اختطافه من حضن عائلته إلى العبودية وحتى عودته لها بعد 12 عاماً بأحداث رائعة يستعرضها شريط سينمائي مدته 134 دقيقة، يجسدها طاقم عظيم من ممثلين وسيناريست صاغ حوارات إنسانية بأحاسيس مرهفة، ومخرج ينقلنا إلى مواقع الأحداث برشاقة مفرطة.في بداية الفيلم اعتقدت أنه امتداد لأفلام الأفرو – أميركان المعتادة وسلسلة الروايات التي تتكلم عن تاريخ الرق في الولايات المتحدة بأحداثها النمطية وبكائياتها التقليدية، حتى بدأت تتوالى الأحداث في الفيلم والحوارات المكتوبة بحرفية عالية من السيناريست جون ريدلي، واختيار الكوادر والزوايا من المخرج البريطاني ستيف ماكوين، وحرفية بطل الفيلم الذي يجسد شخصية سليمان نورثوروب الممثل النيجيري شيواتال إيجيوفور والممثلة الكينية لوبيتا نيونغ التي تقوم بدور العبدة المعنفة والمغتصبة "باتسي".
أروع ما في الفيلم الحوار الذي يدور في حدثين بين البطل سليمان والمملوكة باتسي (نيونغ) الأول حول جدلية الرحمة الإلهية المؤجلة، ورغبة باتسي في أن يقتلها سليمان لأنها لا تقوى على أن تنفذ الانتحار لتتخلص من عذاباتها، والعبارات المقتضبة بينهما التي تعبر عن اليقين والإيمان عند سليمان والشك والكفر من الطرف الآخر، والحدث الآخر هو رمزية "الصابونة" التي تبحث عنها باتسي لتغسل جسدها، والقاذورات التي يلحقها بها نظام العبودية، وكذلك ما تؤشر له الصابونة المفقودة بأنه لا يمكن أن تغسل وتمحى أدران الرق وعذابات العبيد بسببه من تاريخ البشرية بشكل عام والمجتمع الأميركي بشكل خاص كونه أحد المجتمعات التي أزالت كل معالم الرق متأخراً ومنذ فترة بسيطة. فيلم 12 سنة عبودية سيظل أعظم الأفلام في تاريخ السينما، وسيمثل أيقونة تذكر بخطيئة البشرية التي ارتكبتها بحق كل من استعبد الناس، وتثير جدليات كثيرة إنسانية وحتى دينية في ما يتعلق بالنصوص المقدسة التي تجيز العبودية وتنظمها، وهو عمل فني - إنساني سيجعلنا نفكر كبشر ومجتمع دولي بمحاربة كل الظواهر التي تمتهن الإنسان وتحط من شأنه وتحرمه من حقوقه سواء بنظام استعباد جديد عبر الاحتلال والقهر، أو بواسطة السيطرة على موارد الأرض وإدخالها في نظام اقتصادي يتحكم فيه الكبار من الأقوياء والمحتكرين الذين يتملكون الناس ومصائرهم بواسطتها.***ما تتعرض له الكاتبة الكويتية المجتهدة هبة مشاري حمادة من حملة منظمة من كتاب وفنانين وصحافيين مصريين، لكتابتها عملاً درامياً (سرايا عابدين) عن شأن تاريخي مصري، يعبر عن مدى تخلف واقعنا الثقافي العربي، ونرجسية البعض المرضية، فبينما نتكلم عن مجموعة فنانين ومخرجين من أميركا وبريطانيا وكينيا ونيجيريا... إلخ خلقوا تحفة فيلم "12 عاماً من العبودية" الحائز أهم الجوائز العالمية نهاجم نحن العرب بعضنا البعض بحجج واهية رغم أن الكاتبة تقول "إنها دراما مستوحاة من أحداث تاريخية" فإنهم يحاولون أن يجرحوا العمل عبر مقارنات تاريخية غير مطلوبة، أما الهجوم المنظم على الكاتبة حمادة من الصفحات الفنية في بعض الصحف الكويتية فهو دليل على نجاحها الباهر!