لو كان مرسي أول رئيس أوكراني منتخب لاختلف الوضع

نشر في 08-03-2014
آخر تحديث 08-03-2014 | 00:01
 عبداللطيف المناوي في زمان آخر، ومكان آخر، كان هناك رئيس وزراء أوكراني يدعى فيكتور يانوكوفيتش، قرر أن يخوض الانتخابات الرئاسية عام 2004، لكنه واجه مظاهرات حاشدة طالبت بعزله، وهو ما نفذته المعارضة بعد تعليق حكومته توقيع اتفاقية للتجارة الحرة والشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

في عام 2009، أعلن يانوكوفيتش عزمه خوض الانتخابات الرئاسية مرة أخرى، والتي أجريت في العام التالي 2010، وفاز فيها على منافسته يوليا تيموشينكو بفارق 3.48%، حيث حصل على 48.95%، وحصلت يوليا تيموشينكو على 45.47%، ثم مرت الأيام والسنوات، وخرج شعبه ضده في مظاهرات حاشدة في الشوارع، وقرر عزله، وهو ما تم بالفعل في النهاية، وهكذا، فقد تمت الإطاحة به مرة في أوائل القرن الماضي، وعاد للسلطة مرة أخرى قبل أن تتم الإطاحة به مرة أخرى قبل أيام. وعقب الإطاحة به، قامت دول الاتحاد الأوروبي بتجميد أرصدته، وأرصدة رجاله، كما اعترفت المفوضية الأوروبية على الفور بشرعية ألكسندر تورتشينوف كرئيس مؤقت لأوكرانيا، وقالت دول الاتحاد الأوروبي إنها تدعم مئات الآلاف من الأوكرانيين الذين يناضلون من أجل قيم أوروبية، مثل حرية التعبير عن الرأي.

وفي مشهد آخر، في زمان قريب، نعرفه جيداً، ومكان نحفظ دروبه، وصل محمد مرسي إلى سدة الحكم في 30 يونيو 2012، عبر شرعية مشكوك فيها، وما زالت تنظر أمام المحاكم، وطوال عام كامل، سعى إلى تدمير كل ما هو مصري وتوزيعه على جماعته وأنصارها، مع محاولات مستميتة لأخونة الدولة وتشويه المعارضة، وحبس للحريات وإصدار إعلان دستوري ديكتاتوري، وبعد عام كامل من الاحتجاج ضده، خرجت مظاهرات حاشدة في 30 يونيو 2013، للإطاحة به، في مشهد شهدت وكالات الأنباء العالمية بأنها كانت المظاهرات الأكبر في التاريخ، وهو الأمر الذي انتهى بعزله، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا كرئيس مؤقت للبلاد حسبما ينص دستور البلاد، وكما ساعد الجيش في مساندة الإرادة الشعبية بعد سقوط النظام الأسبق في 2011، سارع لتأكيد انتمائه للشعب المصري، وساند ثورة 30 يونيو.

غير أن رد الفعل القادم من الاتحاد الأوروبي كان مختلفاً هذه المرة، وما زال بعضه مختلفاً، رغم مرور أكثر من 8 أشهر على الثورة الشعبية المصرية، ورغم استفتاء شعبي كاسح، كان بمنزلة الاستفتاء على خارطة الطريق التي أعقبت عزل "الإخوان"، كان رد الفعل الأوروبي متذبذباً من البداية منحازاً إلى الجماعة التي أطاحت بها الثورة الشعبية التي دفع ثمنها بالدم وليس مجرد أشخاص وقفوا يغنون تحت المطر، وما زالت الصحف والمواقع والوكالات الأوروبية تصف مرسي بأنه أول رئيس منتخب شرعي، وما زالت تعتبره تمت الإطاحة به في انقلاب قام به الجيش.

المقارنة بين المشهدين السابقين لا تكشف فقط سياسة الكيل بمكيالين التي يتعامل بها الاتحاد الأوروبي، فبرغم تشابه المشهدين إلا أن الموقف الأوروبي كان مختلفاً تماماً، ففي المشهد الأوكراني يزعم أنه يساند "مئات الآلاف من الأوكرانيين"، وفي المشهد المصري يغض الطرف عن آلاف المصريين الذين خرجوا في الشارع، في المشهد الأوكراني يسارع بتقديم المساعدات الاقتصادية بتقديم 11 مليار يورو لدعم اقتصادها، وفي المشهد المصري تسارع بعض دول الاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات العسكرية، في الوقت الذي تواجه فيه مصر حرباً ضروساً ضد الإرهاب في سيناء تستهدف الجنود والمواطنين الأبرياء.

المقارنة السابقة، تكشف أن الموقف الأوروبي، والانحيازات السياسية للاتحاد الأوروبي ليست ناجمة عن انحياز للحريات وإرادة الشعوب، وإنما ناجمة عن أن النظر إلى الحرية في الشمال يختلف عنه في الجنوب، وعن طبيعة الشعب الذي يتم التعامل معه، وحدوده، ومصالحه السياسية، وربما لونه.

back to top