لو كان مرسي أول رئيس أوكراني منتخب لاختلف الوضع
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
وفي مشهد آخر، في زمان قريب، نعرفه جيداً، ومكان نحفظ دروبه، وصل محمد مرسي إلى سدة الحكم في 30 يونيو 2012، عبر شرعية مشكوك فيها، وما زالت تنظر أمام المحاكم، وطوال عام كامل، سعى إلى تدمير كل ما هو مصري وتوزيعه على جماعته وأنصارها، مع محاولات مستميتة لأخونة الدولة وتشويه المعارضة، وحبس للحريات وإصدار إعلان دستوري ديكتاتوري، وبعد عام كامل من الاحتجاج ضده، خرجت مظاهرات حاشدة في 30 يونيو 2013، للإطاحة به، في مشهد شهدت وكالات الأنباء العالمية بأنها كانت المظاهرات الأكبر في التاريخ، وهو الأمر الذي انتهى بعزله، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا كرئيس مؤقت للبلاد حسبما ينص دستور البلاد، وكما ساعد الجيش في مساندة الإرادة الشعبية بعد سقوط النظام الأسبق في 2011، سارع لتأكيد انتمائه للشعب المصري، وساند ثورة 30 يونيو. غير أن رد الفعل القادم من الاتحاد الأوروبي كان مختلفاً هذه المرة، وما زال بعضه مختلفاً، رغم مرور أكثر من 8 أشهر على الثورة الشعبية المصرية، ورغم استفتاء شعبي كاسح، كان بمنزلة الاستفتاء على خارطة الطريق التي أعقبت عزل "الإخوان"، كان رد الفعل الأوروبي متذبذباً من البداية منحازاً إلى الجماعة التي أطاحت بها الثورة الشعبية التي دفع ثمنها بالدم وليس مجرد أشخاص وقفوا يغنون تحت المطر، وما زالت الصحف والمواقع والوكالات الأوروبية تصف مرسي بأنه أول رئيس منتخب شرعي، وما زالت تعتبره تمت الإطاحة به في انقلاب قام به الجيش.المقارنة بين المشهدين السابقين لا تكشف فقط سياسة الكيل بمكيالين التي يتعامل بها الاتحاد الأوروبي، فبرغم تشابه المشهدين إلا أن الموقف الأوروبي كان مختلفاً تماماً، ففي المشهد الأوكراني يزعم أنه يساند "مئات الآلاف من الأوكرانيين"، وفي المشهد المصري يغض الطرف عن آلاف المصريين الذين خرجوا في الشارع، في المشهد الأوكراني يسارع بتقديم المساعدات الاقتصادية بتقديم 11 مليار يورو لدعم اقتصادها، وفي المشهد المصري تسارع بعض دول الاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات العسكرية، في الوقت الذي تواجه فيه مصر حرباً ضروساً ضد الإرهاب في سيناء تستهدف الجنود والمواطنين الأبرياء.المقارنة السابقة، تكشف أن الموقف الأوروبي، والانحيازات السياسية للاتحاد الأوروبي ليست ناجمة عن انحياز للحريات وإرادة الشعوب، وإنما ناجمة عن أن النظر إلى الحرية في الشمال يختلف عنه في الجنوب، وعن طبيعة الشعب الذي يتم التعامل معه، وحدوده، ومصالحه السياسية، وربما لونه.