توقع وزير الري والموارد المائية الأسبق، محمد نصرالدين علام، فشل المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، بسبب تمسك أديس أبابا باستكمال مشروعها، وأوضح علام خلال مقابلة مع «الجريدة» أن القاهرة أصبحت تتفاوض مع دولتين بعد دعم السودان الكامل لإثيوبيا، مما أضعف الموقف المصري، مطالباً في حواره مع «الجريدة» باتباع الحل السياسي، وفي ما يلي نص الحوار:

Ad

• كيف ترى الاجتماع الثلاثي الذي سيجرى في الخرطوم في يومي 25 و26 أغسطس الجاري بشأن «سد النهضة» الإثيوبي؟

- المؤشرات الأولية لهذا الاجتماع لا تدل على أي تغيير إيجابي في الموقف الإثيوبي، لأنه تم رفض الاجتماع في القاهرة وتمسكت أديس أبابا بانعقاده في العاصمة السودانية، فضلا عن أن الخرطوم انقلبت من حليف استراتيجي لمصر إلى داعم للتوجهات الإثيوبية، وموقف القاهرة التفاوضي أصبح صعباً بعدما أصبح موقفها ضعيفاً وصارت تتفاوض مع دولتين هما إثيوبيا والسودان.

• ما الدور المنشود للاجتماع المقبل؟

- للأسف تم الاتفاق مسبقاً بين وزراء الري في الدول الثلاث أن يكون دور هذه الاجتماعات تنفيذ توصيات «اللجنة الثلاثية الدولية» الخاصة باستكمال دراسات السد وتجنب آثاره السلبية على مصر والسودان، وإجراء بعض الدراسات الاقتصادية ودراسات الجدوى، ومن هذا المنطلق ليس لنا الحق في مناقشة أي خطوات جديدة خلال الاجتماع المقبل، فهو لقاء شبه روتيني، ولن يجدي شيئاً مع الطرفين، وسينتج عنه المزيد من إضاعة الوقت حتى تستكمل أديس أبابا أكبر قدر ممكن من بناء السد، مما يجبرنا على قبول الأمر الواقع، وللأسف السودان يدعم هذا التوجه.

• ما هدف الحكومة السودانية من هذا الدعم خصوصا أنها دولة مصب مثلنا وستتضرر من المشروع؟

- بخلاف غضب الحكومة السودانية من عزل الرئيس السابق محمد مرسي، فالخرطوم تضغط على القاهرة وتحاول عزلها عن الجنوب الإفريقي، لأنها ستستفيد بشكل مباشر من هذا السد، وستحصل على الكهرباء من إثيوبيا بسعر مدعم، كما حدث من قبل عندما قامت أديس أبابا ببيع الكهرباء الناتجة من سد «تيكيزي» للخرطوم بسعر التكلفة لإنارة ولاية «قضاريف» السودانية، بالإضافة إلى أن سد النهضة سيعمل على تقليل المواد الرسوبية الآتية لسدودها، مما يطيل من أعمارها الافتراضية، علاوة على أن هناك عرضاً رسمياً من إثيوبيا تم إعلانه من قبل الوزير السوداني سلمان محمد سلمان بمد قناة من بحيرة سد النهضة إلى ولاية النيل الأزرق بالسودان كي تخدم التوسعات الزراعية في الولاية، بخلاف احتياج الخرطوم الشديد للطاقة الإثيوبية، بعدما تم فصل جنوب السودان عن الخرطوم، إذ فقدت حكومة البشير مصادر رئيسية للطاقة، ولا ننسى أيضاً أن أديس أبابا أصبحت لاعباً رئيسياً في شرق إفريقيا وعلى اتصال كبير بمناهضي حكم البشير في كردفان وولاية النيل الأزرق ودارفور، ويعتبر نظام البشير الاقتراب من إثيوبيا يساعده على استقرار أوضاعه الداخلية، خصوصا أن إثيوبيا هي التي تستضيف الاجتماعات بين نظام سيلفا كير والبشير، لتقسيم الموارد الطبيعية بين البلدين.

• أين مصر من كل هذا؟

- للأسف مصر ابتعدت تماماً عن دورها عقب قيام ثورة 25 يناير، مما أتاح الفرصة لدولة أخرى أن تقوم بدورها، مما أفقدنا الكثير من قوتنا السياسية والمعنوية.

• لماذا لا تلجأ القاهرة للتقاضي الدولي طالما أن الأمور أصبحت معقدة لهذه الدرجة؟

- الحل ليس بالتقاضي الدولي بل بالعكس تماماً، فالإثيوبيون يريدوننا أن نتجه إلى ذلك، ويريدون شغلنا بالقضايا الفنية والتقاضي، وهذه الإجراءات تأخذ وقتاً طويلاً بلا جدوى، فضلا عن أن التقاضي يكون برضا الطرفين.

• ما الحل إذن؟

- هناك أمور كثيرة من الممكن أن تتخذها مصر سريعاً، ولكن المسار الذي نسير فيه حالياً مسار غير مجد، ويجب أن يكون هناك مسار سياسي للتفاوض حول السد وطريقة بنائه من الأساس.