مهما اختلفنا نتفق على أنه خطوة إلى الأمام
![عبداللطيف المناوي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1459078147207955600/1459078157000/1280x960.jpg)
هناك العديد من الملاحظات التي يمكن أن تساق في إطار تقييم هذا المشروع، لعل من بينها تلك الديباجة المطولة التي تعاملت مع التاريخ المصري برؤية انتقائية، فتوقفت أمام محطات وتجاوزت أخرى، وقيمت زعماء على مر تاريخ مصر تقييما يمكن أن يختلف عليه العديد من المصريين، كذلك فإن ملاحظات مهمة حول الصياغة العامة لمواد الدستور هي من بين ما توقف عنده العديد من المهتمين والمتخصصين. يشار أيضاً إلى ذلك التفصيل المبالغ فيه في إضافة مواد بعينها، يبدو بعضها مسلمات غير مطروحة لا للتشكيك ولا للتأكيد، مثل مادة وحدة الأراضي المصرية مثلاً، ومن بين المواد التي أثارت جدلاً تلك الخاصة بتعيين واختيار وزير الدفاع من خلال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو نص يشكل مرحلة انتقالية مدة دورتين برلمانيتين، أي مدة ثماني سنوات، ومن ينتقد يرى فيها تمييزاً للمؤسسة العسكرية، ومن يؤيدون المادة، وهم كثر، يعتقدون أنه ثبت يقيناً أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي صمدت أمام الهجمة التي تعرضت لها مصر، وثبت أن المصريين لم يعودوا يثقون بمؤسسة أخرى في هذه المرحلة غير المؤسسة العسكرية باعتبارها درعاً للحفاظ على الإرادة الشعبية لو حاد حاكم أو جماعة عن هذه الإرادة، وهي كما ذكرت مادة انتقالية.المادة الأخرى الخاصة بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية أتت لتحاصر الحالات التي يجوز فيها تلك المحاكمات في حال الاعتداء على المؤسسات العسكرية أو العسكريين أثناء تأدية مهمتهم، الدستور الجديد ولأول مرة يهتم بالمناطق النائية التي كانت مهملة في السابق، مثل سيناء والصعيد، وهي مناطق مهمة لمصر اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، ويسمح باندماج هذه المناطق في بناء الدول الجديدة، في إطار من الديمقراطية وتبادل السلطة.الدستور به أيضاً مواد جديدة تنص على زيادة مخصصات التعليم والعلاج والبحث العلمي، وكذا المواد التي أقرت الحق في إصدار الصحف وتشكيل النقابات والاتحادات وإنشاء الجمعيات عن طريق الإخطار، وتلك الخاصة بمنع الحبس في قضايا الرأي والتعبير عن وجهات النظر بالطرق السلمية، وبه دعم لكل حقوق الإنسان تحت مظلة مبادئ المواطنة المتساوية التي جرمت التمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو الأصل أو الإعاقة أو الانتماء السياسي.سيظل الجدل قائماً لكن الأغلبية المطلقة تعلم أن هذا الدستور هو خطوة مهمة إلى الأمام، وركيزة أساسية نحو استقرار الدولة، لذا فإن الاتجاه العام هو القبول بأغلبية كبيرة على التقدم إلى الأمام.