فشلت السينما السياسية المصرية في جذب كبار النجوم، فاقتصرت على الفنانين الشباب الذين قدموا أفلاماً تمكن منتجوها من استعادة تكاليفها بالكاد على غرار فيلم {حظ سعيد} الذي قدمه أحمد عيد ومي كساب عن أيام المصريين في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير و}صرخة نملة} الذي استعرض عمرو عبد الجليل فيه فساد ما قبل الثورة وأيام الميدان الأولى في يناير 2011، ورغم تزامن عرضهما مع سخونة الأحداث السياسية وتفاعل المواطنين معهما إلا أنهما حققا إيرادات هزيلة.

Ad

ورغم استمرار الأوضاع السياسية وتطوراتها السريعة على الساحة، فإن تفاعل السينما معها لم يعد كما كان في البداية، فغابت الأفلام السينمائية التي تتطرق إلى الوضع السياسي، باستثناء {قبل الربيع} للمخرج أحمد عاطف والذي يتناول حياة عدد من النشطاء السياسيين ودورهم في الثورة بموافقتهم وتتوقف أحداثه في نهاية عام 2011، حيث أجل فريق عمل الفيلم عرضه منذ أكثر من عام لرغبتهم في إشراكه في مهرجانات سينمائية عدة قبل طرحه في دور العرض.

أما الفيلم الآخر الذي ينتظر جهة إنتاج تتحمس له فهو مشروع {}حارس الرئيس} الذي يرغب الفنان طلعت زكريا في تقديمه عن الرئيس المعزول محمد مرسي، ويجسد فيه شخصية أحد أفراد الحراسة المكلفين بحماية الرئيس ويحكي له عما يحدث في الشارع، علماً بأن أكثر من فنان اعتذروا عن المشاركة في الفيلم من بينهم حسن يوسف وخالد زكي.

مخرج {قبل الربيع} أحمد عاطف قال إن فيلمه لا يستغل الظرف السياسي لمحاكاته ولكنه يسعى من خلاله إلى رصد الأحداث التي أدت إلى قيام ثورة يناير، مؤكداً على أنه حضر للعمل جيداً وحدد فترة زمنية مبكرة تتوقف عندها الأحداث كي يتمكن من تقديم الفيلم.

وأضاف عاطف أن الظروف السياسية يمكن تقديم أعمال عنها ولكن بشرط محاولة البحث عن معالجة جيدة وتقديمها بصورة مجردة بعيدة عن الأهواء الشخصية، بالإضافة إلى الانتظار لفترة للوصول إلى رؤية أولية متضحة بشكل كامل أمام الجمهور.

اكتفاء سياسي

الناقد السينمائي محمود قاسم برر تراجع التطرق في السياسة بالسينما إلى حالة الشبع السياسية التي وصل إليها الجمهور من خلال التلفزيون، سواء في البرامج أو الأعمال الدرامية، مشيراً إلى أن الجمهور الذي يذهب إلى دور العرض ويستقطع جزءاً من أمواله ليشاهد عملاً سينمائياً لن يفعل ذلك لأجل عمل ذي مضمون سياسي يشابه المضمون الذي يتابعه في منزله.

وأضاف قاسم أن المنتجين أدركوا ذلك مبكراً، خصوصاً أن الأعمال التي تطرقت إلى الثورة والسياسة لم تقدم جديداً، {فالنماذج التي عرضتها يشاهدها الجمهور في حياته العادية ولا يحتاج إلى أن يقصد السينما لأجلها}، مؤكداً على أن الجمهور يفضل متابعة الأفلام الكوميدية التي تخرجه من السياسة التي تحيط به من كل مكان.

كذلك أشار إلى أن الأفلام السياسية التي تعالج أي فترة زمنية بحكمة وتعقل تأتي بعدها بفترة طويلة، ما يعني أن الجمهور قد يقبل على مشاهدة أفلام تتطرق إلى أحداث السنوات الماضية بعد عشر سنوات أو أقل، فتحمل رؤية مختلفة ومحايدة وتعرض ظروفاً لم تشاهدها الأجيال الجديدة.

بدوره يشير الفنان ممدوح عبد العليم إلى أن عدم وضوح الصورة والرؤية السياسية الصحيحة عما حدث خلال الفترة الماضية يزيد من صعوبة كتابة أي عمل سينمائي عن تلك الفترة وتقديمه باعتباره عملاً ثورياً، مشيراً إلى أن رصد الأحداث وتسجيلها مهمة الأفلام التسجيلية لا الروائية الطويلة.

يضيف عبد العليم أن تقديم أعمال سينمائية عن الثورة للجمهور أمر ليس مطلوباً من السينمائيين راهناً، نظراً إلى أن السينما الروائية دورها التعقيب على الأحداث بعد الانتهاء منها بينما نعيشها نحن الآن في الشارع، وبالتالي يجب الانتظار قليلاً على تقديمها.