واشنطن تقلب سوق السندات رأساً على عقب

نشر في 29-11-2013 | 00:04
آخر تحديث 29-11-2013 | 00:04
No Image Caption
متفوقة على منطقة اليورو في إثارة عدم الاستقرار
في منتصف 2011 أصبحت أسواق السندات الإيطالية والإسبانية مركز الاهتمام العالمي، حين تعرضت العوائد الإجمالية إلى تغيرات عنيفة، خصوصاً بالمقارنة مع السندات الأميركية، لكن منذ منتصف أكتوبر ـ في الوقت الذي اقترب فيه الاحتياطي الفدرالي نحو الانسحاب التدريجي من برنامج المساعدات الطارئة من خلال مشتريات السندات ـ شهدت السندات الأميركية لأجل

7 ـ 10 سنوات تقلبات أكبر في المتوسط.

النظام العالمي للأسواق المالية يمر بحالة من الجيشان، شهدت الأسابيع القليلة الماضية تغيراً لافتاً للنظر: أصبحت السندات الحكومية الإسبانية والإيطالية أكثر استقراراً من سندات الخزانة الأميركية.

هذا التحول الذي تبين من خلال تقلب إجمالي العوائد، يُبرز الهدوء النسبي الذي تمتع به مستثمرو السندات العالميون – لكنه يبين أيضاً كيف أصبحت واشنطن مصدراً أكبر لعدم الاستقرار على نحو يفوق منطقة اليورو.

هناك خطر من أن ذلك سيؤدي إلى الوقوع في منطقة غير مألوفة وزيادة التقلب مرة أخرى، وانتشار آثار ذلك في الأسواق الأخرى وفي الاقتصاد الفعلي.

في منتصف عام 2011 أصبحت أسواق السندات الإيطالية والإسبانية مركز الاهتمام العالمي، حين تعرضت العوائد الإجمالية – إذا أدخلنا في الحسبان دفعات الفوائد وتغيرات الأسعار – إلى تغيرات عنيفة، خصوصاً بالمقارنة مع السندات الأميركية.

لكن منذ منتصف أكتوبر ـ في الوقت الذي اقترب فيه الاحتياطي الفدرالي نحو الانسحاب التدريجي من برنامج المساعدات الطارئة من خلال مشتريات السندات ـ شهدت السندات الأميركية لأجل 7 ـ 10 سنوات تقلبات أكبر في المتوسط.

ويقول رامين ناكيسا، وهو محلل استراتيجي لدى بنك يو بي إس: «نحن في عالم المخاطر المتدنية لسندات البلدان الطرفية في منطقة اليورو وعالم المخاطر العالية لسندات الخزانة الأميركية بسبب الحديث عن الانسحاب التدريجي – حين يبدأ الانسحاب سنشهد اندفاعاً كبيراً في تقلب سندات الخزانة الأميركية».

ويضيف ديدييه سان جورج، وهو عضو اللجنة الاستثمارية في شركة كارمينياك الفرنسية لإدارة الصناديق، أن التقلب في سندات الخزانة الأميركية «سيرتفع بسبب عوامل اللبس بخصوص الدورة الاقتصادية الأميركية وسياسة الاحتياطي الفدرالي المستقبلية».

وحتى الآن، يعتبر هذا التحول نتيجةً لتراجُع حدةِ الأزمة في البلدان الطرفية في منطقة اليورو أكثر من كونه نتيجة لمشاعر القلق حول الولايات المتحدة. وتظل أسواق السندات الأميركية قصيرة الأجل مستقرة، وهي السندات التي يتمتع فيها البنك المركزي بقدر أكبر على السيطرة. وفي أسواق الأسهم تراجع مؤشر فيكس للتقلبات المتوقعة – الذي يُطلَق عليه تعبير «مؤشر الخوف في وول ستريت» – إلى مستوياته السابقة على الأزمة، مثلما فعل المؤشر الأوروبي المماثل.

 السندات الإيطالية والإسبانية

لكن التقلب في السندات الإيطالية والإسبانية كان يتراجع باستمرار منذ التعهد الذي أطلقه في السنة الماضية ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، الذي أعلن فيه القيام «بكل ما يلزم» للمحافظة على منطقة اليورو. وقد حدث تراجع حاد في مؤشر البنك المركزي للمخاطر المالية المنهجية في منطقة اليورو.

كذلك شهدت إيطاليا وإسبانيا ارتفاع حصتيهما من السندات الحكومية التي يقتنيها المستثمرون المحليون، على خلاف المستثمرين الأجانب ـ من غير المرجح أن يبيع المستثمرون المحليون في الأوقات العصيبة. والتراجع مهم لأن التقلب العالي يزيد من المخاطر بالنسبة للمستثمرين.

وبحسب لورانس موتكين، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة العالمية في بنك بي إن بي باريبا، التراجع في تقلبات السوق أوجد حلقة جيدة. وقال: «التراجع في التقلب في أسواق السندات في البلدان الطرفية في منطقة اليورو منذ منتصف السنة الماضية يفسر لنا السبب في أن المستثمرين الآن يشعرون بثقة أكبر في هذه السندات. إن نسبة المخاطر إلى العوائد تظل جيدة حتى في الوقت الذي تتراجع فيه العوائد».

والقوى التي تحرك أسواق السندات الأميركية تعمل الآن في الاتجاه المعاكس. ويجادل سان جورج بقوله: «يمكن أن يكون التقلب نتيجة للطبيعة ذاتية التصحيح لحديث الاحتياطي الفدرالي عن الانسحاب التدريجي، حين ترتفع العوائد، فإن التهديد على الاقتصاد يقنع البنك بالتباطؤ في برنامج الانسحاب. بالتالي يكون لديك مزيد من التقلب في أسواق السندات وفي قراءات النشاط الاقتصادي».

بدوره يمكن أن ينتقل التقلب الأميركي إلى أوروبا، ويقول لوران فرانسوليه، رئيس أبحاث الدخل الثابت في باركليز: «حين تحصل بالفعل على بعض التقلبات في الولايات المتحدة، عندها نعم ستحصل على التقلب في أوروبا»، لكنه يجادل بأن ذلك نوع مختلف من التقلب.

وفي الأزمات التي أعقبت انهيار بنك ليمان عام 2008 ومتاعب السندات في منطقة اليورو عام 2010، ركبت الأسواق عربة متقلبة للغاية تتمثل في الدخول للمخاطر مع الأوضاع الجيدة والانسحاب منها حين تسوء الأوضاع. ويقول فرانسوليه: «كان لدينا خمس سنوات من التقلب الشديد في الدخل الثابت والأسواق المالية بشكل عام. لكن اختفى اتجاه الدخول في المخاطر والخروج منها حسب وضع السوق، وعدنا إلى التقلب المدفوع بالسياسة النقدية».

الانسحاب التدريجي

ويمكن أن تحدد المجموعة المقبلة من بيانات الوظائف الأميركية ما إذا كان الاحتياطي الفدرالي سيبدأ عملية الانسحاب التدريجي من مشتريات الأصول في ديسمبر، أو أن ينتظر حتى السنة المقبلة. لكن أسعار السندات ستتقلب بصورة كبيرة على الأرجح في الوقت الذي يقرر فيه مسؤولو البنوك المركزية الإجراءات التي يريدون اتخاذها.

وربما يتبين أن العملية أقل إحداثاً للاضطراب مما يخشى كثير من الناس. ويجادل موتكين، من بنك باريبا، بقوله: «إذا كان هناك قدر كاف من الإرشاد المقدم من البنوك المركزية، فإن إنهاء مشتريات الأصول لا يتعين أن يكون مرتبطاً بعوائد أعلى، أو تقلب كبير للغاية في سوق السندات، إذا استطاع البنك المركزي التوصل إلى سياسة التواصل بصورة سليمة».

وحتى لو اندفع التقلب العالمي، من الممكن أن يكون قصير الأمد. وربما يمكن استعادة الهدوء بسرعة حين يكتمل الانسحاب التدريجي، خصوصاً إذا كان أول رفع لأسعار للفائدة من الاحتياطي الفيدرالي لا يزال يبدو على مسافة بعيدة. وبحلول ذلك الوقت، يمكن أن يكون الانتباه قد تحول مرة أخرى إلى منطقة اليورو، أو إلى مكان آخر. يقول ناكيسا، من يو بي إس: «لن يستمر ذلك فترة طويلة للغاية – سيتراجع التقلب في سندات الخزانة الأميركية حين يكتمل الانسحاب التدريجي. نحن في فترة انتقالية. إنها المرحلة التي ننتقل فيها من عالم إلى آخر».

* (فايننشال تايمز)

back to top