بعد نشر مقال الأسبوع الماضي حول بلدة أو ميناء دارين وردتني بعض ردود أفعال من القراء الكرام، كان أولها ما أبلغني به العم خليفة محمد الملا من أنه زار مرات عديدة ميناء دارين بصحبة النوخذة راشد العمر في فترة الأربعينيات، حيث كانوا يرتاحون فيها وهم في موسم الغوص، ويصفها بأنها بلدة جميلة جداً ومرتفعة قليلاً عن سطح البحر، وفيها قلعة كبيرة يسكن فيها أميرها. ويقول العم بومحمد إنه رأى اثنين من الرجال يلبسان عمائم ودقلة ويقومان برفع علم أمام القلعة، ولكنه لا يتذكر شكل العلم أو نوعه، كما يقول إن أهل دارين من أطيب الناس وسمعتهم عند أهل الكويت ممتازة.
أما رد الفعل الثاني فكان من الأستاذ راشد النويهض (وكيل وزارة التعليم العالي) الذي أفادني بأن والده، رحمه الله تعالى، كان يستذكر دارين كثيراً في حياته، ويكرر ذكرها في أحاديثه مع أبنائه عن ذكرياته القديمة. والجدير بالذكر أن المرحوم طلق النهويض يعتبر من أشهر الغاصة في الماضي، وكان يذهب إلى الغوص "عزّال" وهو من مواليد عام 1888م وتوفي رحمه الله عام 1972م.أما قصة هوشة أهل تاروت مع أهل الكويت فهي قصة لا نعرف تفاصيلها كاملة، ولكننا نعرف أن نزاعاً نشب بين الطرفين في تلك القرية التي تبعد عن دارين عدة كيلومترات كانت نتيجته مقتل بحارة كويتيين. وقد استفحل الأمر حتى وصل إلى مقاطعة تجارية من أهل الكويت للجزيرة إذا لم تتم تسوية الأمر وإرضاء أهل الكويت. تقول الوثيقة التي يعود تاريخها إلى 4 صفر 1318هـ الموافق 3 يونيو 1900م ما يلي:"من الكويت إلى البحرين في 4 صفر 1318جناب الاجل الاحشم الاخ حاج عباس ابن محمد فضل المحترماما بعد نعرف جنابكم الاخبار من طرف قضية هوشة آل تاروت مع غواصين اهل الكويت الذي انقتل كم نفر من اهل غواص الكويت حالا في 2 محرم جاه تعريف من محمد بن عبدالوهاب الى جناب الشيخ مبارك بأن اهل تاروت جميعا جاوه عندي وملتجين على بحضور حسين بن علي (آل سيف) وابراهيم بن مذف (مضف) الذي من رعاياك قالو حنا في وجه الله وجهك يكون تصوي لنا صورت حال فصل من طرف المقتولين من رعاياه الشيخ مبارك حتا نقدر نغوص والا ما نقدر هسنة (هذه السنة) نغوص وحنا والاخ حسين بن علي وابراهيم بن مذف منناه عليك فصلناه في ثلاثة آلاف ريال يكون انا يا محمد بن عبدالوهاب اسلم لكم فصل المذكور وانا كفيل علا ذلك مدت اربعة اشهر لازم ونرجو من جنابكم تقبلون منا وجناب الشيخ مبارك قبل الفصيلة وانت سالم والسلام.صحيح حاج علي بن غلوم رضى."ويتضح من ذلك أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني كان له دور حيوي في إنهاء هذه المشكلة الدموية بين أهل تاروت وأهل الكويت من خلال تعهده بأن يدفع هو شخصياً مبلغ 3000 روبية لأهل الكويت خلال أربعة أشهر نيابة عن أهل تاروت. كما يتضح أن سكان الجزيرة بجميع بلداتها كانوا يعتبرون الشيخ محمد بن عبدالوهاب شيخاً عليهم ويلجأون إليه لحل أزماتهم الكبيرة. في المقال المقبل سنتطرق بشيء من التفصيل إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني وحياته وأسرته..
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ: مقتل بحارة كويتيين في تاروت عام 1900
06-06-2014