أكد رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي، وهو الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، أن حرية الرأي والتعبير صارت مكفولة للجميع بحكم الدستور وأنها من ثمار ثورات الربيع العربي وأن زمن محاولات خنق الحريات وتكميم الأفواه قد ولى، مشيراً إلى أن العالم العربي يحتاج إلى تحويل شعار الثورة إلى واقع عملي وأنه في حاجة ماسة الآن إلى ثقافة عربية جامعة وهي التي تعطي لهذه المنطقة من العالم هويتها الثقافية والحضارية والسياسية... عن الأوضاع الثقافية وما طرأ عليها من متغيرات بعد الثورة ودور المثقفين في المرحلة الراهنة وقضايا الحريات والكتاب التقته {الجريدة} في هذا الحوار.
زاد الوعي بالكتابة وأهميتها بعد ثورات الربيع العربي وأصبح أمراً لافتاً، كيف ترى ذلك وكيف تتعاطى مع مصطلح الكتابة كدور وكمفهوم؟ثمة عوامل حاكمة هي التي تشكَّل علاقة بين إنسان ما وبين الكتابة، هذه العوامل قائمة منذ بداية عهده بالكتابة، وهي التي تدفعه إلى أن يصبح كاتباً. الكاتب مثل أي صاحب رسالة يعتقد خطأً أو صواباً أن لديه جديداً يريد قوله، وكأنه مسخر لممارسة الكتابة، لذلك عندما سئل تشيخوف لماذا تختار الموضوعات الحزينة دائماً؟ أجاب: {لا أختارها هي التي تختارني.. فالكاتب هنا يلبي نداء الكتابة لأن لديه رسالة يريد إيصالها إلى العالم، هذه الرسالة هي التي تتغير وتتطور بمرور الزمن كما يتطور أسلوب الكاتب}.بمناسبة انقضاء تسع سنوات على رئاستك اتحاد كتاب مصر، ماذا تقول للمثقفين الذين يهاجمون الاتحاد ويصفونه بـ}الكيان الهامشي}؟كان اتحاد الكتاب أول نقابة في مصر انحازت إلى مطالب الشعب وطالبت بتحقيق أهداف الثورة وكتابة دستور جديد يليق بمصر، وكانت أول نقابة مصرية تؤيد الثورة قبل انقضاء 24 ساعة على قيامها، وكان ذلك يوم 26 يناير 2011، ومبارك كان ما زال يحكم وفي كامل سلطاته، ولم يكن أحد يعلم بعد إن كان سيبقى ويبطش بالمناوئين له ولنظامه، أم سيترك الحكم ويرحل.كيف تفسر صدور حكم بحبس الأديبين كرم صابر وعمر حاذق لمدة خمس سنوات في قضايا نشر؟أكد الاتحاد في بيان له على حرية الرأي والتعبير وأن الحكم بحبس عمر حاذق جاء لتهم سياسية وجهت إليه. أما كرم صابر والذي حكم عليه بالحبس لمدة خمس سنوات بسبب كتابه {أين الله} فهذا الحكم جاء مناقضاً للدستور الذي ينص على عدم جواز تطبيق تهمة الحبس قي قضايا النشر والعلانية، وبالتالي فهذه السنوات الخمس التي حكمت بها المحكمة عليه غير دستورية.في روايتك {أجنحة الفراشة} ثمة نبوءة بثورة يناير، هل يمكن القول بأن ما جرى وصولاً إلى اللحظة الراهنة قفز فوق كل خيال إبداعي؟لا شيء يستطيع أن يتخطى الخيال الإبداعي أو يعلو عليه، فأكثر الاختراعات خيالية، كلها عرفت من خلال الإبداع قبل أن تخترع في الواقع مثل التلفزيون والغواصة، والرحلات الفضائية... هذه الأمور كافة وغيرها عرفناها من كتابات الخيال العلمي للفرنسي جول فيرن، والبريطاني إتش جي ويلز وغيرهما. لكن الكاتب يسعى دائماً إلى فرض نوع من النظام على فوضى الحياة، فيصورها من خلال سيناريو متسق ورؤية شاملة منطقية ومتناسقة. الفن في تصوري يحاول فرض شكل متسق ومنطقي على الحياة التي هي بطبيعتها فوضوية.يرى البعض أن سنوات الربيع العربي أدت إلى الفوضى، ما رأيك؟بعد ثورة 25 يناير وصل التداخل بين مختلف عناصر الحياة وبين القوى السياسية وبين الأفكار إلى حد من الفوضى لم نكن نتوقعه، وربما كان هو السبب الرئيس والمهم الذي دعا الناس إلى التطلع إلى قوة تضبط هذه الفوضى، لذا لجأوا إلى أكثر مؤسسات الدولة انضباطا لفرض النظام الذي من دونه لن ترتقي البلاد ولن تتقدم. في ظل معطيات اللحظة الراهنة وتداعياتها المتلاحقة، وما يموج به العالم العربي من أحداث مهمة... هل ما زالت فكرة الثقافة العربية الجامعة قائمة؟بالتأكيد، ما دامت هذه المنطقة من العالم تتمتع بالثقافة، مهما اختلفت أو تمايزت أو تعددت أشكالها بين دولة وأخرى كما تتعدد داخل الدولة الواحدة، فالثقافة في جنوب مصر قد تختلف عنها في الواحات أو سيناء أو الدلتا، الأمر نفسه بالنسبة إلى الدول الأخرى. لكن ثمة ما يجمع بين هذه الثقافات كافة في ثقافة عربية جامعة هي التي تعطي لهذه المنطقة من العالم هويتها الثقافية والحضارية والسياسية، ويحضرني في هذا ما قاله لي نجيب محفوظ ذات مرة عندما كنت أتحدث عن الوحدة العربية: {عن أي وحدة تتحدث؟ إن كنت تتحدث عن وحدة سياسية فدونها الأهوال، وإن كنت تتحدث عن الوحدة الاقتصادية فهي بحاجة إلى إعداد جيد ودراسة وعمل دؤوب كي نصل إليها، أما إن كنت تتحدث عن الوحدة الثقافية فهي قائمة فعلاً}. ثمة وحدة ثقافية تجمع كل شعوب العالم العربي، وهي التي تجعل الأذن العربية نفسها تطرب للحن الذي تطرب له الأذن في السودان أو العراق أو فلسطين أو ليبيا، والأمر نفسه بالنسبة إلى الأدب وإلى بقية الفنون.
توابل
الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتّاب العرب محمد سلماوي: حرية الكتابة حق إنساني ومكفول بالدستور
30-04-2014