شدّد الكاتب إبراهيم المليفي على أهمية الكاريكاتور، لأنه خطاب بصري موجز، لافتاً إلى أن القيود الرقابية تقتل هذا الشكل الإبداعي، وتساهم في تقويض إيجابياته.

Ad

جاء ذلك، ضمن الحلقة النقاشية «الكاريكاتور في الكويت بدايات واتجاهات» على معرض «كاريكاتور ضد الفساد»، الذي نظمته جمعية الشفافية الكويتية بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن مهرجان القرين الثقافي الـ20، وشارك فيها كل من الفنان عبدالسلام مقبول، والكاتب إبراهيم المليفي، ورئيس جمعية الشفافية صلاح الغزالي في قاعة معجب الدوسري بمركز عبدالعزيز حسين الثقافي بمنطقة مشرف.

بداية، قدّم رسام الكاريكاتور عبدالسلام مقبول لمحة تاريخية لفن الكاريكاتور في الكويت، مستعرضاً بعض الأسماء التي عملت في هذا المجال منذ الستينيات والسبعينيات ثم اتجهوا إلى مجالات أخرى ومنهم أحمد النفيسي وأحمد العامر وحمد السعيدان، وأضاف: «كانت المحطة الأولى في العمل برفقة زميلي عبدالرضا كمال في مجلة مرآة الأمة، وتدرجت ضمن هذا المجال إلى أن أصبحت سكرتيراً للتحرير في عام 1965، وآنذاك ظهرت أول رسامة كويتية للكاريكاتور صبيحة عبدالله وكذلك رسام آخر هو جاسم بودهام».

وفي ما يتعلق بفترة التسعينيات، أشار مقبول إلى أنه شهد تنوعاً كبيراً في الرسم الكاريكاتوري من خلال ظهور بعض الأسماء الجديدة، ومنهم قاسم ياسين وعبدالوهاب العوضي وجعفر رجب وسامي الخرس، وقد مارست هذه المجموعة العمل في الصحف، لكن عقب هذه المرحلة ظهر رسامو كاريكاتور كثر من فئة الشباب، منهم محمد ثلاب، وبدر بن غيث، وعادل القلاف، وفاضل الريس، ويوسف القلاف، ومحمد المشموم، وهاشم حاجية، وأحمد الحشاش.

واستطرد مقبول في الحديث عن عقبات هذه المرحلة، مبيناً أن هذه المجموعة لم تجد دعماً من الصحف المحلية، فاتجهت إلى النشر عبر الوسائل الحديثة رغبة في إيصال خطابها الفني، لأن الصحافة الورقية لم تعد المتنفس الوحيد.

طرح القضايا القومية

وفي حديث عن توجه الصحافة الكويتية في فترة السبعينيات والثمانينيات، قال «كانت تركز على قضايا القومية العربية والشأن العالمي، لذلك حقق الرسامان ناجي العلي وعلي فرزات تفوقاً كبيراً، وقد وصلا إلى العالمية بفضل انتشار الصحف الكويت في الخارج، لكن عقب تحرير الكويت بدأت الرسومات تتقوقع وتعنى بالشأن المحلي، معتبراً أن هذا الاهتمام أثّر سلباً على تنوع الموضوعات، فأصبح الرسم الكاريكاتوري يدور في فلك قضايا الاستجوابات والمال العام».

وعن أهمية دور الكاريكاتور، شدد مقبول على أن الدول المتقدمة تهتم كثيراً بالرسم الكاريكاتوري، لأن له دوراً مؤثراً في صناعة الحدث، وثمة شواهد كثيرة تؤكد ذلك.

ثم تحدث الكاتب إبراهيم المليفي عن حدود الحرية في الرسم الكاريكاتوري، معتبراً أن الحريات لا تتجزأ، فهي وحدة متكاملة تتضمن حرية التعبير والصحافة والحريات العامة وحقوق الإنسان، مشدداً على أن القيود الرقابية تقتل الإبداع في الكاريكاتور، وتساهم في تقويض النقد ومكافحة الفساد.

ويشيد المليفي بقدرة رسامي الكاريكاتور في الكويت على التملص من المحاذير الرقابية، تماشياً مع هامش الحرية الممنوح لهم، مستذكراً علاقته بهذا المجال، إذ زاول الرسم في جريدة آفاق الجامعية مستجيباً لشغفه بالرسم، لاسيما أن الكاريكاتور يختزل الكثير من الكلام والأحداث في مضمون العمل، والرسام يؤدي عملاً صعباً جداً.

وعن انتقاله من عالم الرسم إلى الكتابة، قال «عقب عرض أربعة أعمال لي في المعرض الوحيد الذي شاركت فيه، أدركت أن رغبتي في ممارسة الكتابة في الصحافة أكبر من الرسم، لكن هذا التطور لم يقلص متابعتي لجماليات الفن».

وبشأن تركيز الصحافة الكويتية على الموضوعات المحلية، أشار المليفي إلى أن الصحافة مرآة عاكسة لمجتمعها، لاسيما في تدهور الأحوال المحلية وظهور مشكلات متعددة الأبعاد، لذلك هذا الثراء المحلي يغذي الصحف بشكل كبير وربما تكتفي به.

وضمن محور استمرار الكاريكاتور في عصر الإنترنت، تساءل المليفي عن قدرة هذا النوع من الفنون في مواجهة تطور وسائل النشر، لافتاً إلى أن الأعوام المقبلة ستشهد رواجاً كبيراً لوسائل النشر الإلكتروني.

وقسّم المليفي رسامي الكاريكاتور إلى ثلاثة أنواع، الأول متصالح مع إدارة المطبوعة التي يعمل بها ويتبنى اتجاهها وأفكارها، والثاني يكون أداة تنفيذ ما يطلب منه، والأخير ينأى بنفسه عن تأثير الآخرين، فيرسم ما يمليه عليه ضميره.

الكاريكاتور لمكافحة الفساد

أما رئيس جمعية الشفافية صلاح الغزالي فأكد أن الجمعية تهدف إلى استثمار الكاريكاتور لمكافحة الفساد، لأنه فن عالمي ولغته مفهومة، مشيراً إلى أوجه الحرب ضد الفساد، إذ استخدمت الموسيقى والأغاني والأمثال والنكتة والألعاب الرياضية والفنون التشكيلية للحد من انتشار هذا الوباء، وأردف: «أحياناً التلميح أفضل من التصريح، وقد استثمرنا الكاريكاتور من خلال لجنة الكاريكاتور ضد الفساد، وتم توظيف هذه الطاقات لخدمة البلد، كما أننا نهدف إلى التوعية العامة وتحفيز الرسامين ضمن المضي في هذا الاتجاه».

واستعرض الغزالي إصدارات الجمعية، مبيناً أنها تشمل أوجه الفساد، المالي والسياسي والتنموي وغيرها، مقترحاً ألا تقتصر محاربة الفساد على رسومات لإصدارات سنوية للجمعية بل يفضل أن تكون هذه الرسومات حاضرة في مناسبات كثيرة منها الانتخابات.

ثم فتح باب النقاش، وأثار محتوى الحلقة النقاشية تساؤلات الحضور، إذ تنوعت الأسئلة والمداخلات التي ركزت على التوظيف السياسي للكاريكاتور ودوره في المجتمع.