أول العمود:
أعجبني احتفاء الأميركيين بالفنان الكوميدي روبن ويليامز، فشاشات العديد من قنوات التلفزيون الأميركية وعلى أيام بعد خبر وفاته تتحدث عن فنه، وظروف وفاته، وسط حزن وذهول لم يخلوا من إعجاب بمسيرته الفنية، ربما كان ذلك إشارة إلى قيمة الفنان عندهم، ولا عزاء لفنان الكوميديا الفقيد سعيد صالح.***منظر محرج ومخجل، لقطات بثتها قناة "سي إن إن" لمروحية أميركية تلقي مواد غذائية لمكلومين من المواطنين العراقيين المسيحيين، وتسمح لمجموعة منهم تائهة في الأودية والأحراش بالصعود في المروحية وسط خوف وعدم تصديق بأن المنقذ من بني دينهم جاءهم يقدم الأمان والملاذ.في الصورة الإعلامية لهذا المشهد، وقبل ذلك الترحيب الفرنسي باستضافة للجالية المسيحية العراقية ملخص لا يخطئه عقل المشاهد وهو: أن المسيحي أنقذ إخوانه في الملة من "مسلمين" أياً كانوا "داعشيين" أو من حكومة عراقية "مسلمة" عبثية لم تقم وزنا لحياة مواطنيها.تهجير المسيحيين الكارثي من العراق– وهو ليس بجديد– دليل على طائفية الدولة وتمييزها ضد مواطنيها، بل أكثر من ذلك تركهم يذبحون ويقتلون وتدمر معابدهم وسط وجوم السلطات وصمتها المريب والمتخاذل، فالديانة المسيحية معترف بها في دستور الدولة العراقية التي تقطنها 14 طائفة لها معابدها وطقوسها.المريب أيضا عجز المجتمع الدولي في اتخاذ قرار دولي بوقف التهجير القسري والاقتلاع الإجباري لأبناء هذه الطائفة من أراضيها، ولولا الحرج الكبير والضغط الذي واجهه الرئيس باراك أوباما لما تدخل بعمليات عسكرية لا نعلم نتائجها على الأرض.نحن اليوم أمام رئيس وزراء عراقي جديد واجبه تخفيف الاحتقان الطائفي والمذهبي الذي أسس له نوري المالكي على مدار 8 سنوات من إدارته التي انتهت إلى خراب ما تبقي من العراق، هذا البلد الغني بشعبه وثرواته.مطلوب من حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الجديد حماية شعبه من نزوات وأحقاد العراقيين لبعضهم أولاً، ومن الذين دخلوا عنوة للعراق من الإرهابيين والمجرمين والخارجين عن الملة حاملي "رايات الإسلام" الذين شوهوا صورة الدين بظهورهم على شاشات التلفزيون ينحرون كل من خالفهم في الرأي والدين ثانيا.العراقيون أولى بحماية مواطنيهم من المسيحيين بل هو واجبهم، وعليهم مهمة تصحيح الأرقام وإعادتها إلى ما سبق من الأزمنة، فمنذ عام 1974 كان عدد المسيحيين الإجمالي مليونا و400 ألف مواطن، في حين يقل تعدادهم اليوم عن 400 ألف!!لماذا نكتب عن المواطن العراقي المسيحي تحديداً؟ وهو سؤال يتبادر إلى ذهنك أخي القارئ الآن ربما، والجواب عن ذلك أن الأكراد لديهم البشميركة، والشيعة والسنّة لهم أحزابهم وميليشياتهم ودول تقف وراء الطرفين، أما المواطنون المسيحيون فليس لهم سوى أجسادهم في مواجهة القنابل والسكاكين والرصاص... ليس لديهم سوى كنائسهم يحتمون بها، وهذه أيضا دمرت في بعض مناطق وجودهم.
مقالات
مسيحيٌّ ينقذ مسيحياً!!
17-08-2014