في أعقاب الأحداث الدموية التي شهدتها العاصمة الليبية خلال الأيام الماضية وخلفت نحو 47 قتيلاً ومئات الجرحى، شرع الجيش أمس ينتشر في معظم أنحاء طرابلس لحمايتها وتأمينها، في حين بدأت ميليشيات مدينة مصراتة المتهمة بتنفيذ هذه المجزرة، التي جرت بمنطقة غرغور، بالانسحاب.
بينما دارت اشتباكات متقطعة بين سكّان إحدى ضواحي طرابلس وكتائب تابعة لمدينة مصراتة، وجِد الجيش الليبي بكثافة في شوارع العاصمة الليبية وانتشرت دباباته وجنود ببزاتهم العسكرية. وقالت وزارة الدفاع إن وحدات الجيش ستدخل المناطق التي سيطرت عليها ميليشيات مصراتة في طرابلس، التي غلب الهدوء على بعض مناطقها مع إغلاق العديد من المتاجر والمدارس والجامعات أبوابها دعما لإضراب دعا اليه الزعماء المحليون للمدينة للمطالبة برحيل ميليشيات المسلحة. وقبيل ذلك، قال بيان للحكومة إن «عدداً من وحدات الجيش الوطني على وشك دخول مدينة طرابلس من محاور عدة لنشرها من أجل تأمين المدينة». وبينما نظم الجنود المرور في الشوارع التي شهدت ازدحاماً وتكدساً، دارت اشتباكات مسلّحة في طرابلس، بين سكّان منطقة صلاح الدين بضواحي العاصمة وكتائب تابعة لمدينة مصراتة تتمركز في مزرعة كان يمتلكها أحد أركان النظام السابق على «طريق الشوك». وتحدثت مصادر عن إطلاق نار كثيف في أرجاء المنطقة، مشيرة الى سقوط عدد غير محدد من القتلى والجرحى سقطوا جرّاء هذه الاشتباكات، التي سبقت الإعلان عن انسحاب كتائب مصراتة من العاصمة. انسحاب الميليشيات وأكد عضو المجلس الأمني في البرلمان الليبي صالح جودة أن ميليشيات مدينة مصراتة الساحلية التي اشتبكت مع محتجين يوم الجمعة والسبت الماضيين وقتلت 47 شخصاً بدأت الانسحاب الى الشرق بما فيها وحدات من مجموعات تسمى «درع ليبيا» و»لواء غرغور». وأضاف جودة أن قوات مصراتة في طرابلس تراجعت الآن وهي في منطقة بين المدينتين، آملاً أن يهدئ الانسحاب من العاصمة التوتر بصورة مؤقتة. وكان المسؤولون المحليون بمدينة مصراتة الموجودون بالعاصمة طرابلس أمروا أمس الأول بسحب كل تشكيلاتهم ومسمياتهم، بما في ذلك الدروع، خلال 72 ساعة. وطالب المسؤولون بالمجالس المحلية والعسكرية والشورى بمصراتة، في بيان لهم، ممثلي المدينة في البرلمان والحكومة بتجميد عضويتهم، محملين البرلمان والحكومة مسؤولية تأمين العاصمة وسلامة ساكنيها بمن فيهم أهالي مصراتة، داعين إلى الإفراج عن المحتجزين وتعويض الممتلكات المنهوبة والتالفة وإعادة الموجود منها. إفراج ونجاة إلى ذلك، وبينما قال مسؤول كبير إن الخاطفين أفرجوا أمس عن نائب رئيس المخابرات الليبية العقيد مصطفى نوح بعد يوم من خطفه من مطار طرابلس الدولي، نجا آمر غرفة العمليات الأمنية المشتركة لتأمين مدينة بنغازي (الحاكم العسكري للمدينة) العقيد عبدالله السعيطي من محاولة لاغتياله صباح أمس، في حين قتل أحد مرافقيه خلال استهداف موكبه في منطقة الحدائق. وقال المتحدث الرسمي باسم الغرفة العقيد عبدالله الزايدي إن «موكب السعيطي تعرض لاستهداف خلال مروره في منطقة الحدائق صباح الاثنين ما نجم عنه مقتل أحد المرافقين لرئيس الغرفة وإصابة اربعة آخرين بينهم واحد في حالة خطيرة». وأوضح أن «خبراء المتفجرات أجروا مسحاً للمنطقة وتبين أن الانفجار الذي استهدف الموكب وسمع دوي صوتها في معظم أحياء المدينة كان بسبب سيارة مفخخة تم ركنها في جزيرة دوران منطقة الحدائق (جزيرة الجعب) وتفجيرها عن بعد عقب مرور الموكب بجانبها». وتأتي هذه التطورات على خلفية الاحتقان لدى سكان العاصمة، عقب مقتل 47 شخصاً وجرح أكثر من 500 آخرين أمام أحد مقار كتائب مصراتة في منطقة غرغور، خلال تظاهرة سلمية نظموها يوم الجمعة الماضي، للمطالبة بإخلاء العاصمة من المظاهر المسلّحة. مقرات في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع الليبية مساء أمس الأول إن كل المباني والمساحات في منطقة غرغور التي كانت كتائب من مدينة مصراتة تتخذها مقاراً لها تسلمها الجيش، وحذرت المواطنين من الاقتراب منها. وأشارت الوزارة في بيان لها أن كتائب مصراتة انسحبت من المباني «حفاظا على اللحمة الوطنية وتمكين جهات الاختصاص من مباشرة التحقيقات في جمعة طرابلس الدامية». (طرابلس، بنغازي - أ ف ب، يو بي آي، رويترز)
دوليات
طرابلس في عهدة الجيش و«الكتائب» تنسحب وسط اشتباكات
19-11-2013